الصين تفتح أسواقها للحوم والغاز الأميركيين

الاتفاق يساعد على خفض عجز الميزان التجاري مع بكين البالغ 350 مليار دولار

خطوط أنابيب غاز بولاية ميريلاند الأميركية (رويترز)
خطوط أنابيب غاز بولاية ميريلاند الأميركية (رويترز)
TT

الصين تفتح أسواقها للحوم والغاز الأميركيين

خطوط أنابيب غاز بولاية ميريلاند الأميركية (رويترز)
خطوط أنابيب غاز بولاية ميريلاند الأميركية (رويترز)

بعد أن شن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجوماً على الصين خلال حملته الانتخابية، أعلنت إدارته بعد 4 أشهر على توليه منصبه اتفاقاً معها ينص على استئناف صادرات لحوم الأبقار والغاز الأميركيين، على أمل الحد من العجز التجاري الهائل مع بكين.
وتم الكشف عن الاتفاق بعد شهر من إطلاق ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ خطة للتعاون الاقتصادي بين بلديهما خلال لقاء عقداه في منتجع مارالاغو الذي يملكه سيد البيت الأبيض في فلوريدا.
وأشاد وزير الخزانة ستيف منوتشين بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الصين لدى وصوله للمشاركة في اجتماع لوزراء مالية مجموعة السبع في باري في جنوب شرقي إيطاليا.
وقال: «نحن متحمسون تجاه سياسات الولايات المتحدة التجارية، وأعتقد أنكم سمعتم على الأغلب أننا أعلنا خطة اقتصادية لمائة يوم مع الصينيين. وأعتقد أننا سعداء جداً بسير الأمور مع الصينيين»، وتبدو العلاقات بين الحكومتين أكثر دفئاً مما كان متوقعاً بعد الاتهامات التي ساقها ترمب ضد بكين خلال حملة الانتخابات الرئاسية.
ونقلت وكالة «بلومبيرغ نيوز» عن وزير الاقتصاد الأميركي ويلبور روس قوله للصحافيين في البيت الأبيض إن «تحقيق ذلك كان إنجازاً هرقلياً، هذا أكثر ما تم القيام به في تاريخ العلاقات الصينية - الأميركية في مجال التجارة».
وأضاف الوزير أن الاتفاق سيساعد على خفض العجز في الميزان التجاري الأميركي مع الصين الذي قارب 350 مليار دولار العام الماضي.
وفي بكين، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ إلى أن «التعاون الاقتصادي كبير بين البلدين»، وأضاف أن «هذه العلاقة ذات فائدة متبادلة. قرر الطرفان المضي قدماً بهذه الخطة الاقتصادية، ويظهر تحقيق تقدم كبير في فترة قصيرة، لدينا القدرة على إقامة تعاون أكبر من أجل مصلحة الشعبين المشتركة».
وخلال حملة الانتخابات العام الماضي، هدد ترمب بفرض تعريفات تجارية، وقال إنه سيتهم بكين بالتلاعب بسعر صرف عملتها (اليوان)، إلا أنه لم ينفذ وعيده.
إلا أنه بدل نبرته بعد وصوله إلى سدة السلطة ولقائه بشي في أبريل (نيسان)، حيث وصف الرئيس الصيني بـ«الرجل الجيد» الذي يحاول مساعدة واشنطن في كبح جماح كوريا الشمالية.
وينص الاتفاق الذي أعلنته الدولتان على أن تسمح الصين باستيراد لحوم الأبقار الأميركية بحلول 16 يوليو (تموز)، بينما ستسمح الولايات المتحدة باستيراد الدواجن من الصين «في أقرب وقت ممكن».
وكانت الصين قد حظرت استيراد لحوم الأبقار بعد الكشف عن حالة إصابة بجنون البقر في الولايات المتحدة في 2003.
ورغم أنها أعلنت العام الماضي رفع الحظر المستمر منذ 14 عاماً على لحوم الأبقار الأميركية، فإنها لم تطبق القرار بعد.
وتشكل العودة إلى أسواق الصين، الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان (1.4 مليار نسمة)، هدفاً أساسياً لمربي المواشي الأميركيين ومطلباً للسياسيين منذ فترة طويلة.
كما سيتيح الاتفاق للشركات الصينية شراء الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة، وقال روس إن الاتفاق «سيسمح للصينيين بالتنويع، نوعاً ما، في مصادر إمداداتهم، وسيوفر سوق تصدير ضخمة لمنتجي الغاز الطبيعي المسال الأميركيين».
وستجيز الصين لشركات خدمات مالية يملكها أجانب بالكامل تأمين خدمات تصنيف ائتماني على أراضيها. وسيوفر الاتفاق كذلك «منفذاً فورياً وكاملاً للسوق» لمزودي خدمات الدفع الإلكتروني الأميركيين، بما في ذلك التعاملات ببطاقات الائتمان والبطاقات المصرفية، وهو ما كانت الصين قد أعلنت عنه في 2015، بعد ما خسرت قضية أمام منظمة التجارة العالمية.
وجاء في البيان المشترك الصادر عن البلدين أن الولايات المتحدة سترسل وفداً إلى المنتدى الاقتصادي الذي تستضيفه الصين يومي الأحد والاثنين وتشارك فيه نحو 30 دولة، من أجل إعادة إحياء التجارة على طريق الحرير القديمة من خلال تمويل مشاريع بحرية وللسكك الحديد والطرق عبر آسيا وأوروبا وأفريقيا. وأضاف وزير التجارة الأميركي أن توسع الولايات المتحدة والصين في تجارة لحم الأبقار والدجاج، هي أول نتيجة ملموسة لمحادثات تجارية تستمر 100 يوم بدأت الشهر الماضي بعد لقاء الرئيسين.
واتفق البلدان على أن تسمح الصين باستيراد لحم الأبقار من الولايات المتحدة بحلول 16 يوليو على أقصى تقدير، وقالت الولايات المتحدة إنها ستصدر بحلول ذلك الموعد قاعدة مقترحة للسماح بدخول الدواجن المطهية الصينية إلى الأسواق الأميركية، حسبما أبلغ روس الصحافيين.
ووافقت الصين أيضاً على إصدار لوائح توجيهية بحلول ذلك الموعد للسماح بخدمات بطاقات الدفع المملوكة أميركياً «ببدء عملية طلب الترخيص» في قطاع تحتكره منظومة «يونيون باي» الصينية بشكل شبه تام.
وقال روس: «سيساعدنا هذا على خفض العجز بالتأكيد.. راقبوا وسترون بأنفسكم»، متوقعاً تأثر الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة بنهاية العام.
وأشارت الولايات المتحدة أيضًا إلى أن الصين تستطيع التفاوض على أي نوع من عقود الغاز بما فيها العقود طويلة الأجل مع الموردين الأميركيين. وقال تشو قوانغ ياو نائب وزير المالية الصيني في مؤتمر صحافي أمس (الجمعة): «نعتقد أن التعاون الاقتصادي الصيني - الأميركي هو صيحة العصر... سنواصل المضي قدماً».
وقال عندما سُئل إن كان التعاون الصيني الأميركي بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية له دور في نتائج المحادثات: «ينبغي عدم تسييس المسائل الاقتصادية»، وكان ترمب قال إنه أبلغ شي أنه سيحصل على اتفاق تجاري أفضل إذا ساعد في احتواء كوريا الشمالية، وهو التصريح الذي حاول روس تخفيفه لاحقاً، قائلاً إن الرئيس لا ينوي مقايضة المساعدة بخصوص بيونغ يانغ بالوظائف الأميركية. من ناحية أخرى، زادت مبيعات التجزئة الأميركية في أبريل مع قيام المستهلكين بشراء مزيد من السيارات والسلع الأخرى، مما يشير إلى أن الاقتصاد يستعيد قوة الدفع بعد أن كاد يتوقف في الربع الأول من العام.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.