السعودية تعلن إيرادات بقيمة 38.4 مليار دولار خلال الربع الأول

الجدعان: المملكة تخطو بثبات نحو بناء اقتصاد متين

وزير المالية السعودي محمد الجدعان يتحدث في مؤتمر صحافي أمس (تصوير: سعد الدوسري)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان يتحدث في مؤتمر صحافي أمس (تصوير: سعد الدوسري)
TT

السعودية تعلن إيرادات بقيمة 38.4 مليار دولار خلال الربع الأول

وزير المالية السعودي محمد الجدعان يتحدث في مؤتمر صحافي أمس (تصوير: سعد الدوسري)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان يتحدث في مؤتمر صحافي أمس (تصوير: سعد الدوسري)

في خطوة نوعية للغاية، أعلنت السعودية يوم أمس عن ميزانيتها للربع الأول من العام الحالي 2017، وسط مؤشرات تؤكد أن المملكة نجحت في رفع حجم الإيرادات بنسبة 72 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وهو أمر يعود إلى نمو الإيرادات النفطية بنسبة 151 في المائة من جهة، وبلوغ الإيرادات غير النفطية حاجز الـ32 مليار ريال (8.5 مليار دولار) من جهة أخرى.
وتأتي هذه الخطوة، الأولى من نوعها على مستوى وزارة المالية السعودية، في إطار التزام الحكومة بالشفافية والإفصاح المالي، في وقت تواصل فيه المملكة العمل على تطبيق مبادرات برنامج التحول الوطني ضمن الرؤية الطموحة 2030.
وفي هذا الخصوص، أعلن محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، تسجيل إيرادات الميزانية العامة للدولة للربع الأول من 2017 ما قيمته 144 مليارا (38.4 مليار دولار)، بارتفاع تبلغ نسبته نحو 72 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضح الجدعان، في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس الخميس بالرياض، أن الإيرادات غير النفطية خلال الربع الأول بلغت 32 مليار ريال (8.5 مليار دولار)، بنسبة ارتفاع واحد في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت.
وكشف الجدعان، أن حجم العجز المحقق في الربع الأول انخفض إلى 26 مليار ريال (6.9 مليار دولار)، مسجلا بذلك تراجعا تبلغ نسبته نحو 71 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق 2016.
ولفت وزير المالية السعودي، إلى أن بيانات تقرير الربع الأول من 2017 عكست ارتفاعا في الإيرادات وتحسنا في كفاءة الإنفاق، بالإضافة إلى خفض العجز مع تصدر الخدمات الأساسية للمواطنين سلم أولويات الإنفاق الحكومي.
وبحسب الجدعان، فقد بلغت الإيرادات النفطية خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 112 مليار ريال (29.8 مليار دولار)، بنسبة نمو بلغت 115 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع جاء مدعوما بتحسن أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وحول ما يخص المصروفات أوضح وزير المالية أنها بلغت خلال الربع الأول نحو 170 مليار ريال (45.3 مليار دولار)، مسجلة انخفاضا بواقع 3 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، منوها في الوقت ذاته، بأن قطاع التعليم والقطاع العسكري استحوذا على أكبر نسبة من الميزانية المعتمدة مقارنة بالقطاعات الأخرى، جاء ذلك بنسبة 23 في المائة وبنسبة 21 في المائة على التوالي.
وأكد وزير المالية السعودي، أن حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة في برنامج التوازن المالي، ساعدت على إيجاد إيرادات جديدة ساهمت في تنويع مصادر الدخل، وقال: «كان لها دور مهم في تفعيل سياسات كفاءة الأنفاق، وترتيب أولويات واحتياجات المواطنين والخدمات الأساسية المقدمة لهم».
ولم يستبعد الجدعان خلال حديثه اللجوء إلى السوق المحلية لإصدار سندات خلال الربع الثاني من العام الحالي، لافتا إلى أن السحب من الاحتياطات النقدية هو آخر الخيارات التي يمكن اللجوء إليها.
وشدد محمد الجدعان على أن بلاده حريصة على أن تكون مستويات الإنفاق متوازنة وتدعم النمو الاقتصادي، مبينا أن هناك 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) هذا العام مخصصة لدعم القطاع الخاص، وقال: «النمو المتوقع للقطاع الخاص سيكون معقولا هذا العام».
وجدد وزير المالية التزام الحكومة بعدم فرض أي ضرائب أو رسوم على القطاع الخاص قبل 2020. وأردف: «ستلتزم الحكومة بوعودها... لا مفاجآت».
وأكد الجدعان أن أساس إعداد التقرير هو الأساس النقدي وليس أساس الاستحقاق، بمعنى أن هنالك إيرادات قد تكون موسمية، ولن تظهر آثارها إلا في الربع الثالث أو الرابع من العام، وقال: «لا يوجد قلق لدينا بشأن الإيرادات واتساقها مع تقديراتنا».
وأفاد الجدعان بأن المملكة تخطو بثبات على الطريق الصحيح نحو بناء اقتصاد متين أكثر استقرارا وتنوعا، مما يجعله اقتصادا أقل تأثرا بتقلبات الأسواق العالمية، خصوصا في القطاع النفطي.
وأضاف الجدعان: «نواصل العمل على إصدار تقارير دورية للتعريف بالتقدم الذي نحرزه، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتطبيق إجراءات وتدابير كفيلة بإحداث نقلة نوعية من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية».
وفي رده على سؤال حول مستحقات المقاولين، أكد وزير المالية أن 90 في المائة من هذه المستحقات سددت خلال 30 يوما من تسلم الوزارة للمستخلصات الخاصة بها، مشيرا إلى أن أي مستحقات لا توجد عليها مشكلة، يتم الصرف لها خلال مدة لا تتجاوز 60 يوماً.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».