التضخم في السودان يستقر فوق حاجز 34 %

استقر التضخم في السودان، الذي يشهد حاليا حركة اقتصادية وجذبا للاستثمار العالمي وإصلاحات داخلية، استعدادا لمرحلة ما بعد رفع الحظر الاقتصادي الأميركي المنتظر يوليو (تموز) المقبل.
ووفقا لبيان صادر من الجهاز المركزي للإحصاء أمس، فإن التضخم سجل استقرارا في أبريل (نيسان) الماضي، وبلغ 34.81. فيما سجل في مارس (آذار) الماضي 34.68 نقطة.
كانت الحكومة قد قلصت قيمة الدعم عن بعض السلع الأساسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كذلك شهد التضخم استقرارا في الحضر حيث بلغ 31.37 في أبريل مقارنة بـ31.35 في مارس الماضي، كما استقر في الريف في شهر أبريل الماضي، وبلغ 38.34 فيما بلغ في مارس الماضي 37.81 نقطة، إلا أنه شهد ارتفاعات في عدد من الولايات.
وأوضح العالم عبد الغني محمد مدير الإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزي للإحصاء بوزارة المالية السودانية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن استقرار التضخم لشهر أبريل يؤكد التزام الحكومة بالسياسات المالية والنقدية التي اتخذتها العام الماضي، برفع الدعم عن بعض السلع والمحروقات والكهرباء، فارتفعت الأسعار بنسبة عالية، جعلت التضخم يصل إلى 34 في المائة، مما يعني أن بلوغ التضخم لشهر أبريل الماضي، بنفس النسبة، أن الاستقرار قد حدث.
وأضاف أن كل الجهود والسياسات النقدية والمالية تسير حاليا في نفس الاتجاه لكبح جماح التضخم وحصره في نسبة الـ17 في المائة التي بنيت عليها ميزانية الدولة للعام 2017. موضحا في حالة عدم فرض أي إجراءات جديدة من شأنها رفع التضخم لمستويات قياسية، فإن التضخم سيستمر في الاستقرار، ثم الانخفاض بقية العام المالي الجاري.
وحول ارتفاع الرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية في أبريل بنحو 15 نقطة، وهو الشهر الذي استقر فيه التضخم، قال العالم إن هناك تصاعدا مستمرا بنقاط متباينة وبتغيرات شهرية متفاوتة، وذلك بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في نوفمبر الماضي، والتي قضت برفع الدعم عن أربع سلع استهلاكية هامة.
وبين أن الرقم القياسي لأسعار السلع في فترة رفع الدعم عن السلع (نوفمبر 2016)، بلغ معدل ارتفاعه 8.5 في المائة، ثم انخفض إلى واحد في المائة (مارس 2017)، ليرتفع مجددا في أبريل الماضي، مما يعني أن هناك زيادة في أسعار السلع حدثت في هذه الفترة، لن تتوقف إلا بوقف استغلال السماسرة الذين يدخلون بين المنتج وتاجر الجملة، ويرفعون السلع ويهدرون من قيمة الجنيه السوداني، الذي يساوي اليوم 13 قرشا من قيمة الجنيه قبل عشر سنوات، حسب قوله.
وتشهد معدلات التضخم في السودان منذ بداية العام الماضي ارتفاعا ملحوظا بنسب متفاوتة في كل الشهور، بسبب الزيادة المستمرة في أسعار السلع، نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والذي يسهم بشكل مباشر في زيادة التضخم، باعتبار أن معظم السلع الاستهلاكية مستوردة، بجانب الزيادات المتكررة التي حدثت في أسعار الخضراوات واللحوم والفواكه، بالإضافة إلى التهريب الواسع للسلع عبر الحدود.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين طبقت الحكومة الزيادات الجديدة في أسعار البنزين والجازولين والكهرباء، التي فرضها قرار مجلس الوزراء برفع الدعم الحكومي عن المحروقات والأدوية والكهرباء، شهد التضخم ارتفاعا كبيرا، وبلغ في نفس الشهر 19.6 في المائة، ثم قفز بمعدل 10 درجات وبلغ في نوفمبر 29.49 في المائة.
وتعول الحكومة التي تخطط للخروج نهائيا من دعم السلع بنهاية العام 2019 بخفض التضخم إلى 17 في المائة بنهاية العام الحالي، على تدفق الاستثمارات الأجنبية، التي تشهد تطورا ملحوظا، بعد الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما تعول على زيادة معدلات التحويلات المالية من الخارج بعد فتح باب التحويلات المصرفية المحظورة، ووقف الاستيراد لبعض السلع، والذي بدأ تطبيقه أخيرا.
وقال الدكتور عبد الرحمن ضرار وكيل وزارة المالية في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إن ميزانية العام الجاري استوعبت آثار الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي تحد من ارتفاع التضخم، حيث يتبنى بنك السودان المركزي حاليا سياسة منحازة لقطاع الإنتاج، وذلك عبر تكوين محافظ إنتاجية لتمويل السلع ذات الأولوية في الموازنة، كما سيتم فتح فروع لبنك السودان المركزي بدول المهجر ذات الكثافة العالية للسودانيين، حيث ستقوم هذه الفروع بتحويل موارد النقد الأجنبي من السوق الموازية للسوق المنظمة.
تجدر الإشارة إلى أن الجهاز المركزي للإحصاء بوزارة المالية بالسودان قد تعاقد مع الحكومة النرويجية في مارس الماضي لتطوير آليات قياس ورصد مؤشرات التضخم الشهرية، التي تعتمد عليها الدولة في التخطيط. كما اتفق الجهاز مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، لتطوير عمل الجهاز المركزي للإحصاء، عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة في أعمال الإحصاء.
يذكر أن السودان يستضيف خلال هذا العام مؤتمر مديري الإحصاء بالدول الأفريقية، وسيقدم فيه تاريخ البلاد في الإحصاء منذ العام 1903. حيث سبق الكثير من دول المنطقة الأفريقية والعربية في مجال الإحصاء.