المعارضة في موريتانيا تبحث عن «مرشح موحد» للانتخابات الرئاسية

المعارضة في موريتانيا تبحث عن «مرشح موحد» للانتخابات الرئاسية
TT

المعارضة في موريتانيا تبحث عن «مرشح موحد» للانتخابات الرئاسية

المعارضة في موريتانيا تبحث عن «مرشح موحد» للانتخابات الرئاسية

شكل المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، لجنة جديدة وكلفها بمهمة البحث عن «شخصية توافقية» من صفوف المعارضة لترشيحها في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2019)، في خطوة إن نجحت فيها اللجنة ستكون «غير مسبوقة» في التاريخ السياسي الموريتاني. اللجنة الجديدة ما تزال تعمل بشكل سري، بسبب حالة الحداد السياسي الذي دخل فيه المنتدى منذ أن أعلن عن وفاة الرئيس الراحل أعل ولد محمد فال إثر أزمة قلبية يوم الجمعة الماضي، إذ علّق المنتدى جميع أنشطته الجماهيرية والإعلامية.
وقالت مصادر رفيعة من داخل المنتدى لـ«الشرق الأوسط» إنه من المنتظر أن يُعلن عن اللجنة بشكل رسمي يوم الاثنين المقبل، ولكن المصادر عادت لتؤكد أنها بدأت عملها بسلسلة من المشاورات من أجل البحث عن «شخصية توافقية» من صفوف المعارضة لترشيحها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في خطوة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الموريتاني، إذ لم يسبق أن توحدت المعارضة وراء مرشح واحد.
وتعيش المعارضة الموريتانية حالة من الانقسام منذ عدة سنوات، وتتفاقم مشكلاتها الداخلية كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية، ولكن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون مختلفة، خاصة أن القيادات التاريخية للمعارضة ستكون خارج السباق بسبب الدستور الذي يمنع من تجاوز سن الـ75 للترشح، وهو ما يقصي رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير.
كما ينص الدستور الحالي على أن عدد مأموريات رئيس الجمهورية اثنتان فقط، ويغلق الباب بمواد محصنة أمام أي مأمورية ثالثة، وهو ما يقصي الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز من السابق الرئاسي المقبل، خاصة أن الرجل أكد في عدة مناسبات عدم نيته تعديل الدستور من أجل فتح الباب أمام الترشح لمأمورية رئاسية ثالثة.
وبالتالي فإن هنالك ترقباً واسعاً في موريتانيا لمعرفة الوجوه التي ستخوض السباق الرئاسي المقبل، في ظل خروج أبرز اللاعبين التقليديين، ومساعي المعارضة لتوحيد صفوفها خلف مرشح واحد، وتلميح الرئيس الحالي خلال حوار صحافي إلى أنه سيدعم مرشحاً لم يكشف عن هويته.
ويرفض ولد عبد العزيز الحديث عن مستقبله السياسي بالتفصيل، ويكتفي في تصريحاته الصحافية المتكررة بالتأكيد على أنه سيمارس السياسة كأي مواطن عادي، ملمحاً إلى أنه لن يخرج من المشهد حتى ولو لم يكن مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل تكهنات بترؤسه لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم.
المعارضة التي تخوض هذه الفترة معركة سياسية شرسة ضد تعديلات دستورية ينوي النظام عرضها على استفتاء شعبي مباشر شهر يوليو (تموز) المقبل، بدأت التحرك والتحضير للسباق الرئاسي من خلال تشكيل لجنة يرأسها الوزير الأول الأسبق يحيى ولد أحمد الوقف، وهو رئيس حزب سياسي سبق أن حكم البلاد خلال عامي 2007 و2008. وستتولى هذه اللجنة «دراسة أفضل استراتيجية لتحقيق التناوب السلمي على السلطة، وإمكانية الخروج بمرشح موحد للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتحديد برنامج موحد لخوض هذه الانتخابات»، وفق تعبير مصدر رفيع في المنتدى تحدث لـ«الشرق الأوسط»، ولكن يجب على هذه اللجنة أن تراعي كثيرا من الحساسيات داخل صفوف المعارضة الموريتانية.
فحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، الذي يمثل تيار الإخوان المسلمين في موريتانيا، يعد الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان، ويرى في نفسه القدرة على المنافسة بقوة في الانتخابات المقبلة، خاصة أن رئيسه الحالي محمد جميل منصور سيغادر رئاسة الحزب العام المقبل وسيكون مرشحاً مثالياً للانتخابات الرئاسية.
أما حزب اتحاد قوى التقدم، الذي يمثل التيار اليساري في الساحة السياسية الموريتانية، فيقدم رئيسه محمد ولد مولود على أنه «شخصية توافقية» لدى كثير من الموريتانيين حتى في صفوف الأغلبية الحاكمة، ويستندون في ذلك إلى التاريخ السياسي والتجربة الكبيرة التي يتمتع بها ولد مولود، الذي كان شاهداً على مراحل أولى من العمل السياسي في موريتانيا خلال ستينات القرن الماضي.
في غضون ذلك يقف حزب تكتل القوى الديمقراطية حائراً بعد خروج رئيسه وزعيم المعارضة التقليدي أحمد ولد داداه من المشهد بنص الدستور، وتتنازع الحزب عدة رؤى تدفع أقواها نحو ترشيح شخصية من الحزب للسباق الرئاسي حتى يتأكد الموريتانيون أن حزب التكتل مؤسسة وليس مختزلاً في شخص ولد داداه، بينما يرى آخرون أن في ذلك انتحاراً سياسياً.
وبين هذه الأحزاب الثلاثة، تبرز أحزاب معارضة أخرى أصغر حجماً وأحدث تجربة، ولكنها تبحث عن موطئ قدم في ساحة سياسية بدا واضحاً أنها تعيش مرحلة إعادة ترتيب وصياغة جديدة، ما يضع اللجنة الجديدة في مأزق حقيقي، ويدفعها نحو التفكير بشخصيات غير مصنفة سياسية، كان في مقدمتها الرئيس الراحل أعل ولد محمد فال، ولكن بموته تغيرت كثير من الحسابات.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».