افتتاح عشرات الأسواق الفسيحة بمعايير أوروبية تلبي كل الأذواق

المغرب سوق مزدهرة للساعات السويسرية الفاخرة

جانب من «موروكو مول» بالدار البيضاء
جانب من «موروكو مول» بالدار البيضاء
TT

افتتاح عشرات الأسواق الفسيحة بمعايير أوروبية تلبي كل الأذواق

جانب من «موروكو مول» بالدار البيضاء
جانب من «موروكو مول» بالدار البيضاء

على مدى العقدين الأخيرين افتتحت في كبريات الحواضر المغربية عشرات الأسواق الفسيحة لبيع الساعات وفق أرقى المعايير الأوروبية، وذلك في إطار اتفاقيات استغلال العلامات (فرانشيزينج)، خاصة في الدار البيضاء والرباط ومراكش. وتصل مساحات بعض هذه الأسواق الجديدة إلى 400 متر مربع، نصفها مخصص للعرض، والنصف الآخر لورشات مجهزة بأحدث الآليات المستوردة من سويسرا والمخصصة لأشغال الإصلاح والتركيب وخدمات ما بعد البيع بما في ذلك إدخال لمسات شخصية على المنتجات حسب طلب الزبون. وتصل الاستثمارات في هذه المحلات التجارية إلى عدة ملايين من الدراهم. وتعرض هذه المحلات باقة واسعة من الساعات الفاخرة تصل أحيانا إلى 20 علامة، مع الحرص على عرض آخر الصيحات بالنسبة لكل علامة. وتعرض هذه المحلات ساعات لكل الأذواق ولكل الجيوب، ابتداء من 200 درهم إلى أكثر من 20 ألف درهم (الدولار يساوي 8.2 درهم)، ومن الساعات البسيطة إلى الساعات المرصعة بالمعادن الثمينة والمجوهرات.
يقول جمال حبريش، مسؤول رواق إحدى العلامات السويسرية ذائعة الصيت في أحد هذه المتاجر الجديدة: «لم تعد الطبقة الراقية في المغرب بحاجة إلى السفر إلى فرنسا لجلب آخر صيحة في مجال الساعات، كل شيء متوفر هنا في الدار البيضاء وبالأسعار نفسها في باريس».
وفي سياق هذه الطفرة، ارتفعت قيمة واردات المغرب من الساعات من 120 مليون درهم في سنة 2000 إلى 300 مليون درهم في سنة 2012. وتستفيد عمليات استيراد الساعات في المغرب من نظام جمركي شبه حر؛ إذ لا يطبق عليها سوى الحد الأدنى من الرسوم الجمركية، المحدد بـ2.5 في المائة، غير أنها تخضع أيضا للضريبة على القيمة المضافة بنسبة 20 في المائة. وعندما تضم مكونات من المعادن الثمينة تؤدى عليها رسوم إضافية تصل إلى خمسة دراهم عن كل غرام من الذهب و0.1 درهم عن كل غرام من الفضة.
بدأت شركات التوزيع العصري للساعات في المغرب سنة 1995 مع افتتاح سلسلة متاجر شركة «كاتلسي»، التي حصلت في ذلك الوقت على بطاقة المورد والموزع الحصري لعلامة «سواتش» في المغرب. بدأت الشركة بمحل تجاري في الدار البيضاء بمساحة 60 مترا، وتوسعت بسرعة لتغطي 12 مدينة في وقت وجيز، قبل أن تطلق سلسلة متاجر «لوكونتوار دي مونتر». ومنذ بداية الألفية الجديدة، شهد القطاع التجاري الجديد طفرة نوعية مع ولوج العديد من العلامات التجارية السوق المغربية عن طريق الـ«فرانشيزينج». وأصبح المغاربة يتوفرون على خيارات واسعة تضاهي أرقى المتاجر الأوروبية، وتوالى إطلاق العلامات الفاخرة؛ «هاملتون»، و«تيسوت»، و«كالفان كلاين»، و«هيغو بوس»، و«كافالي»، و«لونجينز»، و«سيرتينا»، و«بألمان»..
«هناك شغف كبير بالساعات الفاخرة المرصعة بالجواهر والمعادن الثمينة في المغرب» حسب حميد الصنهاجي، بائع في أحد المحلات الراقية بحي غوتييه بالمعاريف في الدار البيضاء. «هناك إقبال على الساعات الفاخرة وذات التقنيات العالية والمعقدة. في الواقع هذا الصنف من العملاء لا يمكن اعتبارهم مستهلكين، لأنهم لا يشترون الساعة لمجرد ضبط الوقت، بل من أجل الاستثمار. فهم يدركون أن هذا النوع من الساعات قبل أي شيء آخر تحف فنية، وهي شبيه باللوحات التشكيلية لكبار الفنانين، لذلك، فإن ثمنها سيرتفع مع الوقت».
حسب الصنهاجي، هناك ثلاثة أنواع من الحوافز التي تحرك مقتني الساعات الفاخرة.. «هناك طبعا حب الزينة والظهور.. فعادة ما يحرص العديد من النساء والرجال على شراء ساعات تنسجم وتتناسق مع الملابس التي يرتدونها خصوصا في المناسبات، وبالتالي، فعند شراء أي بدلة جديدة يشترون لها حذاء خاصا وساعة وحليا وإكسسوارات خاصة. الصنف الثاني من الحوافز هو متابعة توجهات الموضة، وارتداء آخر صيحة في عالم الموضة المتغير باستمرار. أما الحافز الثالث، فهو الاستثمار كما أشرت إلى ذلك سابقا».
وحول تداعيات الأزمة المالية التي عرفها العالم خلال السنوات الأخيرة، يقول الصنهاجي: «الأزمة موجودة ونحس بها وبآثارها على سلوك الناس.. هناك نوع من الانتظارية والتردد.. هناك انخفاض في وتيرة المبيعات، لكن النتائج لا تزال جيدة، ورغم تباطئها، فإنها تبقى في منحى إيجابي، أي إن كل سنة تكون أفضل من سابقتها، وهذا ما يفسر استمرار التوسع وافتتاح محلات تجارية جديدة».



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.