لافروف يبحث في واشنطن الرؤية الأميركية للتسوية السورية

لافروف يبحث في واشنطن الرؤية الأميركية للتسوية السورية
TT

لافروف يبحث في واشنطن الرؤية الأميركية للتسوية السورية

لافروف يبحث في واشنطن الرؤية الأميركية للتسوية السورية

يجري وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون محادثات في واشنطن اليوم، يتناولان خلالها الأزمة السورية بصورة خاصة. وقالت وزارة الخارجية الروسية، إن «محادثات ستجري في العاشر من مايو (أيار) بين وزيري الخارجية الروسي والأميركي في واشنطن. وسيتبادلان خلالها وجهات النظر حول القضايا الدولية الرئيسية، والمسائل الملحة في العلاقات الثنائية»، ومن ثم سيتجه لافروف إلى ولاية ألاسكا للمشاركة في اللقاء الوزاري لمجلس القطب الشمالي.
ويذكر أنه في البداية كان من المقرر أن يلتقي لافروف وتيلرسون على هامش اللقاء في ألاسكا، غير أنه تم تعديل البرنامج، وتقرر أن يلتقيا في واشنطن. ويرى مراقبون أن نقل مكان اللقاء يرجِّح احتمال استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب للوزير لافروف. وقالت وكالة «تاس»: «بهذا الصدد فإن البيت الأبيض رفض التعليق على احتمال لقاء بين لافروف وترمب».
في هذه الأثناء، أعلن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الذي أجرى محادثات في نيويورك يوم 8 مايو الحالي مع توماس شينون نائب وزير الخارجية الأميركي، شملت التحضيرات للقاء لافروف –تيلرسون، أن مسائل تسوية الأزمة السورية ستشكل الجزء الرئيسي من المحادثات بين وزيري الخارجية الروسي والأميركي.
وأبلغ ريابكوف وكالة «تاس» عقب المحادثات، أن «اللقاء مع شينون سمح بإعداد بعض المشكلات بشكل أعمق، بهدف بحثها لاحقا على مستوى الوزيرين لافروف - تيلرسون. وأنا أنطلق من أن الاهتمام (خلال لقاء الوزيرين) سيكون بصورة رئيسية على بحث الأزمة السورية، لذلك قمنا أنا والمستر شينون بعمل يخفف من الضغط على جدول محادثات الوزيرين».
من ناحية أخرى، يأتي اللقاء الحالي بين لافروف وتيلرسون بعد أسبوع على توقيع الدول الضامنة مذكرة في آستانة، عاصمة كازاخستان، حول إنشاء 4 «مناطق تخفيف التصعيد» في سوريا. وكان لافروف قد أطلع نظيره الأميركي على تلك المذكرة خلال اتصال هاتفي يوم 6 مايو.
وفي وقت سابق، حاول وزير الخارجية الروسي، خلال حديث تلفزيوني الأسبوع الماضي، تقديم «مناطق تخفيف التصعيد» على أنها تتوافق مع دعوة الرئيس ترمب حول إقامة «مناطق آمنة» لإقامة اللاجئين السوريين. وأردف: «إن الولايات المتحدة نفسها اقترحت بداية العام وقف العنف في المناطق التي يدور فيها قتال عنيف بين القوات الحكومية (أي قوات نظام بشار الأسد) والمعارضة. واقترحت ذلك بهدف خلق ظروف لضمان أمن المدنيين»، وأضاف: «ها هي مذكرة إقامة مناطق تخفيف التصعيد».
غير أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قال في تصريحات يوم 8 مايو، إن الولايات المتحدة تريد أن تدرس بتعمق المقترحات بشأن إنشاء مناطق لتخفيف التصعيد في سوريا. وفي تصريحات له على هامش مشاركته في كوبنهاغن، في لقاء التحالف الدولي ضد الإرهاب، قال ماتيس: «سندرس الاقتراح حول تلك المناطق، وسنرى هل يمكن أن يكون لها تأثير ما» على الوضع في سوريا، وأضاف: «المثل يقول إن الشيطان يكمن في التفاصيل، أليس كذلك؟ لذا يجب علينا أن ننظر في التفاصيل ونرى هل بإمكاننا تطبيقها، وهل سنستطيع القول إنها قد تكون فعالة»، ولفت إلى أنه هناك تساؤلات عدة لدى الولايات المتحدة بشأن تلك المناطق، ومنها «من الذي سيضمن الأمن في المناطق؟ من يأخذ على عاتقه مسؤولية ذلك؟ ومن سيبقى خارج نطاقها؟».
ويرجح أن يطرح الجانب الأميركي تلك التساؤلات خلال لقاء تيلرسون - لافروف في واشنطن اليوم، كما يتوقع المراقبون أن يعرض تيلرسون على ضيفه الخطوط العريضة للرؤية الأميركية لتسوية النزاع السوري.
في هذا السياق، مع دخول الإدارة الجديدة البيت الأبيض، تبقى الأزمة السورية ملفاً رئيسياً على جدول أعمال المحادثات الوزارية الروسية - الأميركية.
وفي العام الأخير من عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما التقى لافروف مع نظيره، جون كيري حينها، أكثر من 20 مرة، هذا فضلا عن عشرات الاتصالات الهاتفية، ركزت كلها على الأزمة السورية. وجرت كل تلك اللقاءات إما في موسكو أو جنيف أو فيينا، أو مدن أخرى، ودوما كان كيري يزور موسكو، بينما كانت آخر مرة أجرى فيها لافروف محادثات في واشنطن، عام 2011، وبحث خلالها التحضيرات لزيارة أوباما إلى موسكو. وفي عهد إدارة ترمب، تبقى الأزمة السورية موضوعاً رئيسياً خلال لقاءات وزراء الخارجية، وعلى جدول أعمال الاتصالات الثنائية بشكل عام.
ولقاء اليوم بين لافروف وتيلرسون هو الثالث لهما، حيث التقيا أول مرة مطلع فبراير (شباط)، على هامش «قمة العشرين» في ألمانيا، وكان ذلك اللقاء أقرب إلى التعارف بينهما. وفي 11 - 12 أبريل (نيسان) عقد اللقاء الثاني بين لافروف وتيلرسون، خلال الزيارة الأولى لوزير الخارجية الأميركي إلى العاصمة الروسية موسكو. حينها أجرى الوزيران محادثات استمرت خمس ساعات، وانتقلا بعدها إلى الكرملين، حيث واصلا بحث الملف السوري مع الرئيس بوتين. وجاءت زيارة تيلرسون إلى موسكو على خلفية توتر بين البلدين، بسبب الهجوم الذي شنته قوات النظام السوري على خان شيخون بالسلاح الكيماوي، ورد الولايات المتحدة على الهجوم بقصف طال مطار الشعيرات. ولم تكن كل تلك الساعات كافية لتجاوز التباينات حول الملف السوري بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بمصير رأس النظام السوري، وتحميل النظام مسؤولية استخدام السلاح الكيماوي. إذ أكد تيلرسون عقب المحادثات في موسكو أن «نهاية الأسد باتت قريبة» وأن الولايات المتحدة ترى في قصفها قاعدة الشعيرات عملاً مبرراً بسبب ممارسات الأسد. أما لافروف فأشار إلى أنه بحث مع تيلرسون مصير الأسد، وأضاف: «لا يوجد بين موسكو وواشنطن خلافات لا يمكن حلها»، لكنه رفض اعتبار القصف الأميركي للشعيرات مبرراً. وأصر على عدم توجيه اتهامات قبل إجراء تحقيق.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.