لن تكون مهمة الرئيس السادس لـ«الائتلاف الوطني السوري المعارض» رياض سيف، مماثلة لمهمات من سبقوه؛ نظراً لدقة المرحلة التي تمر بها سوريا، وبالتحديد لجهة محاولات تمرير صفقات دولية تؤسس لتقسيم البلاد، وترسيخ مبدأ مناطق النفوذ. ولعل تراجع دور «مؤسسة الائتلاف» في الفترة الماضية على حساب تنامي نفوذ «الهيئة العليا للمفاوضات»، وبخاصة في ملف العلاقات الدولية، كما الخلل الداخلي العاصف بالائتلاف الذي دفع بأكثر من 16 من أعضائه للانشقاق خلال عام واحد، كلها تحديات سيكون على الرئيس الجديد التعامل معها سريعاً لضمان استمرارية المؤسسة التي يرأسها حالياً، واستعادة دورها بعدما تمادت القوى الدولية والإقليمية في الفترة الماضية، ومؤخراً في آستانة، بتجاوز أطراف الصراع السوري وفرض أجنداتها الخاصة.
وتُدرك الهيئة السياسية للائتلاف، أن سيف غير قادر لوحده على التعامل مع هذه التحديات، وأنّ عليها أن تلعب دوراً أساسياً في هذا المجال كي لا تتفاقم أخطاء القيادات السابقة، فتحاول أن تكون «فريق إنقاذ وطني» بعيداً عن «عقلية السيطرة والإقصاء والاستحواذ التي تحكمت بكثير من الأعضاء السابقين». هذا ما يشدد عليه محمد يحيى مكتبي، عضو الهيئة السياسية الجديدة، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «مكامن خلل يجب العمل على إصلاحها سريعاً، على أن يترافق ذلك مع تفعيل التنسيق، وتعزيز التفاهم بين الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات؛ إن كان من خلال إعداد وتجهيز ملفات التفاوض، أو المشاركة في الوفد الرئيسي كما الوفود الاستشارية والتقنية، وهو ما يجري فعلياً». ويضيف مكتبي: «لا شك أن الانسحابات الأخيرة من قبل عدد من الأعضاء تركت أثرها، ونعتقد أنه كان يجب التصدي لها من خلال التجاوب مع الأفكار التي طرحوها؛ لذلك قد يكون من المفيد في المرحلة المقبلة تفعيل عملية إشراك القوى المدنية والأهلية المتواجدة في الداخل السوري بالعمل الحاصل، كما الانتقال إلى وضع آلية مشتركة للتحرك بين قوى المعارضة العسكرية وتلك السياسية، ما يؤمن الانسجام المطلوب بينهما».
ولا يتردد مكتبي بـ«وضع الإصبع على الجرح»، مشدداً على وجوب «التصدي للتشظي والتمزق الحاصل داخل المعارضة، الذي ألقى بظلاله على بناء الثقة مع المجتمع الدولي»، لافتا إلى أن «أسبابا كثيرة أدّت لذلك، ولعل أبرزها استثمار جهات إقليمية ودولية لهذه الخلافات لإعادة تأهيل النظام السوري، ومحاولة الإيحاء بأنه لا يوجد بديل ملائم عن الأسد».
إلا أن الخلافات التي تعصف بين مجموعات المعارضة وغياب الانسجام بين التكتلات السياسية وتلك العسكرية، ليست الأولوية التي يجب أن تعمل عليها القيادة الجديدة للائتلاف، المُطالبة وفق نائب رئيس الائتلاف السابقة نغم الغادري (أعلنت انسحابها في شهر ديسمبر «كانون الأول» الماضي إضافة لـ16 آخرين انسحبوا في العام 2016 لاعتبارات شتى)، بـ«إصلاح البيت الداخلي». وتضيف الغادري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب ترشيق حقيقي للعمل، والعودة إلى السوريين أكثر من خلال التواصل مع منظمات المجتمع المدني وتشكيلاته المتنوعة، كما إنشاء مقر للائتلاف في الداخل السوري، على أن يتواجد أعضاء من الهيئة السياسية بشكل دائم فيه».
وفيما تشدد الغادري على أهمية «عدم حصر علاقة الائتلاف بواشنطن، والتوسع قدر الإمكان باتجاه دول أخرى كاليابان ودول أفريقيا وإندونيسيا وماليزيا، باعتبار أن كلها دولا ممثلة في الأمم المتحدة». كما تعرب عن أسفها لغياب العنصر النسائي من الهيئة السياسية الجديدة للائتلاف «التي يتوجب أن تعكس صورة المجتمع السوري». وعن السبب الرئيسي لانسحابها من الائتلاف، تقول الغادري: «هي تراكمات كثيرة دفعتني ومجموعة من الأعضاء للانسحاب، بعدما كنا نطالب بخطة تنفيذية استراتيجية لتخطي العجز الحاصل وتصحيح الخلل المستمر، ولم نلق آذاناً صاغية».
وتعوّل الغادري على وصول سيف إلى سدة رئاسة الائتلاف، مرجحة أن ينجح في القيام بالخرق المطلوب. يُذكر أن رياض سيف، الذي انتخب السبت رئيساً للائتلاف خلفاً لأنس العبدة من مواليد دمشق، وكان نائباً في عهد رئيس النظام السوري بشار الأسد، ووالده الراحل حافظ الأسد. وهو من النواب القلائل الذين انتقدوا النظام وسياساته الاقتصادية علناً. وقد أمضى 8 أعوام في السجن لتنظيمه طاولات مستديرة أسبوعية حول حقوق الإنسان في منزله بعد عام 2000، وقد غادر سوريا في يونيو (حزيران) 2012، وأصبح نائبا لرئيس الائتلاف لدى تأسيسه بعد بضعة أشهر.
الإصلاح الداخلي... أبرز تحدٍ للقيادة الجديدة لـ «الائتلاف»
16 عضواً انشقوا العام الماضي و «الهيئة العليا للمفاوضات» أضعفت ورقته
الإصلاح الداخلي... أبرز تحدٍ للقيادة الجديدة لـ «الائتلاف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة