خروقات مستمرة في مناطق التهدئة... ومشروعات تهجير جديدة

النظام السوري سيطر على قرية الزلاقيات شمال حماة

حماة
حماة
TT

خروقات مستمرة في مناطق التهدئة... ومشروعات تهجير جديدة

حماة
حماة

سيطرت قوات النظام السوري، أمس، على قرية الزلاقيات شمال حماة وسط قصف عنيف على الرغم من سريان اتفاق بوساطة روسيا الداعم الأجنبي الأساسي للنظام السوري، لتقليل العنف. وتجددت المعارك بين فصائل معارضة والنظام على جبهات حي القابون شرق العاصمة دمشق والغوطة الشرقية ومدينة درعا جنوب سوريا.
واندلعت أعمال عنف في ريف حماة الشمالي لمدة زادت على الشهر منذ أن شن مقاتلو المعارضة هجوما ضد قوات النظام انقلب ضدهم بسرعة، وتحول حاليا إلى تقدم للجيش في المنطقة التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة العام الماضي.
ووفقا لاتفاق دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة الماضي، كان من المفترض أن يتراجع القتال على مدى ستة أشهر في أربع «مناطق لتخفيف التوتر»، كان القتال فيها بين الجيش ومقاتلي المعارضة على أشده.
ووقعت روسيا وإيران حليفتا الأسد وتركيا التي تدعم جماعات في المعارضة المسلحة على الاتفاق خلال محادثات لوقف إطلاق النار في آستانة عاصمة كازاخستان.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قتالا دار أيضا في حي القابون في دمشق.
وأفاد مراسل وكالة «قاسيون» للأنباء، بأن الاشتباكات تعتبر الأعنف في الحي، واستخدم فيها الطرفان الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وسط قصف مكثف للنظام على موقع الاشتباك، وداخل الحي. واستطاعت قوات المعارضة خلال الاشتباكات، تدمير عربة «تركس» للنظام على أحد محاور الحي، إثر استهدفها، دون ورود أنباء عن الخسائر في صفوف النظام.
غير أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قال مساء أمس، إن هدوءاً ساد منطقة القابون الواقعة في الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، مع بدء مفاوضات عبر وجهاء وأعيان من منطقة القابون مع قوات النظام.
ورجحت معلومات أولية وردت للمرصد، أن تكون المفاوضات تشابه ما جرى في ضواحي العاصمة وريفها، فيما أبدت مصادر أهلية تخوفها من أن تتم العملية بهذه الطريقة، على غرار ما جرى في داريا ومعضمية الشام وريف دمشق الغربي، وقدسيا والهامة بضواحي العاصمة، وسرغايا ووادي بردى ومضايا والزبداني بريف دمشق الشمال الغربي، ومنطقة التل.
كذلك أكدت مصادر موثوقة لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن مفاوضات جرت بين القائمين على حي برزة (المحاذي للقابون بالأطراف الشرقية للعاصمة) وبين سلطات النظام، وتوصلت إلى اتفاق بخروج من يرغب من حي برزة وفرض «مصالحة وتسوية أوضاع» من سيتبقى في الحي، فيما لم تجرِ حتى الآن أي تحركات أو تحضيرات رسمية أو تحديد موعد لتطبيق الاتفاق. وأكدت مصادر موثوقة للمرصد، أنه سيجري تهجير المئات من المقاتلين مع المئات من أفراد عوائلهم ومدنيين آخرين راغبين بالخروج من حي برزة، باتجاه محافظة إدلب، ومناطق سيطرة قوات «درع الفرات» المؤلفة من الفصائل المقاتلة والإسلامية والقوات التركية والواقعة في الريف الشمال الشرقي لحلب، حيث كانت قوات النظام تمكنت في الـ3 من أبريل (نيسان) الماضي، من تحقيق تقدم والسيطرة على شارع الحافظ، وتمكنت أيضاً من محاصرة حي برزة بشكل كامل بعد عزله عن بقية الأحياء الشرقية للعاصمة، وترافقت الاشتباكات العنيفة حينها مع قصف عنيف ومكثف من قوات النظام على المنطقة.
كذلك استهدفت قوات الأسد بلدة حرستا بالغوطة الشرقية، بالرشاشات الثقيلة في خرق لـ«تخفيف التوتر»، وهي منطقة مشمولة بالاتفاق. وفي الريف الغربي لدمشق، ألقت مروحات النظام براميل متفجرة على بلدة بيت جن، مما أسفر عن سقوط شهيد مدني وعدة جرحى.
كما أوردت الهيئة خبر انفجار لغم أرضي من مخلفات «حزب الله» اللبناني في محيط مدينة الزبداني، تسبب بإصابة أحد المدنيين بجروح بليغة.
وقال مراسل الهيئة إن قوات الأسد استهدفت أحياء درعا البلد المحررة بالقذائف المدفعية، وذلك في خرق فاضح لاتفاق «تخفيف التوتر».
وفي درعا، قال مسؤولون وسكان، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إنهم فقدوا الثقة بدور اتفاق «مناطق تخفيف التوتر» في تحقيق «هدنة حقيقية»، نظرا لاستمرار القوات النظامية بقصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأكد المسؤول الميداني في منظمة الدفاع المدني السوري المعارض محمد أبو هلال، أن الهدنة سقطت بعد ساعات من بدئها، إثر قصف النظام بالمدفعية والصواريخ الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في منطقة درعا البلد بمدينة درعا، وبلدة الغارية الغربية بريفها الشرقي، معتبرا أن إيران وروسيا ليستا دولتين ضامنتين للهدنة، وإنما تشاركان النظام السوري القتل بقتل الشعب.
واستبعد الناشط الإعلامي المعارض إسماعيل المسالمة، أن تتمكن روسيا وإيران وتركيا من ضمان «تخفيف التوتر»، متوقعا أن يستمر النظام باتهام الفصائل بخرق الهدنة وسط غياب المراقبة الدولية للأرض السورية، ويعزز وجوده بالمناطق التي تقدمت فيها المعارضة، وأبرزها حي المنشية، كما فعل في الهدن السابقة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية.
وكان ناشطون وثقوا أول من أمس (السبت)، 9 خروقات من قبل قوات الأسد في درعا وريفها، تنوعت بين القصف المدفعي ومحاولات اقتحام باتجاه المناطق المحررة، وأسفر القصف عن سقوط أربعة شهداء مدنيين، وإصابة آخرين بجروح بينهم أطفال في بلدة الغارية الغربية بالريف الشرقي.
وبدأ تنفيذ خطة للتهدئة، بعد يومين من توقيع روسيا وإيران، حليفتي الرئيس السوري بشار الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، اتفاقا يقضي بإقامة أربع مناطق «لتخفيف التصعيد» في سوريا.
وقال نظام الأسد، إنه يدعم المقترح لكنه أضاف أنه سيواصل محاربة ما وصفتها بجماعات إرهابية في أنحاء البلاد. وقال الرئيس بشار الأسد من قبل إن كل جماعات المعارضة التي تقاتل ضده إرهابية.
ورفضت جماعات المعارضة الاتفاق، وقالت إن إقامة مناطق خاصة تهدد بتقسيم البلاد، وإن أي دور لإيران غير مقبول، وإن روسيا لم تستطع حمل الأسد على احترام اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار.
وبدأ تطبيق الاتفاق منتصف ليل السبت - الجمعة، لكن المذكرة لن تدخل فعليا حيز التنفيذ إلا بحلول 4 يونيو (حزيران) عندما تنهي الدول الضامنة رسم حدود المناطق الأربع، وذلك لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.