أبو فؤاد ذهب لاستعادة زوجته من «داعش» فعادا للسجن في بلجيكا

رجوع المقاتلين الأجانب يدخل أوروبا مرحلة متطورة من التهديدات الإرهابية

جنود أتراك في دورية عبر خط الحدود الفاصل مع سوريا (غيتي)
جنود أتراك في دورية عبر خط الحدود الفاصل مع سوريا (غيتي)
TT

أبو فؤاد ذهب لاستعادة زوجته من «داعش» فعادا للسجن في بلجيكا

جنود أتراك في دورية عبر خط الحدود الفاصل مع سوريا (غيتي)
جنود أتراك في دورية عبر خط الحدود الفاصل مع سوريا (غيتي)

كان أحمد أبو فؤاد يقضي إجازته مع طفليه منذ عامين عندما بلغه أن زوجته الشابة قد هربت إلى سوريا. فقد انتهزت الزوجة وجود أسرتها الصغيرة خارج المدينة لتحزم حقائبها في هدوء وتطير إلى تركيا ومنها تسللت عبر الحدود لتنضم إلى تنظيم «داعش»، ولم تنس أن تحذر زوجها في رسالة مقتضبة من اللحاق بها. غير أن أبو فؤاد، الذي يبلغ من العمر 48 عاما ويعمل ممرضا بأحد المستشفيات، لم يأبه للتحذير وسافر خلفها مصطحبا طفليه، وبعد محنة دامت قرابة شهر عادت الأسرة كاملة إلى بلجيكا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لتجد رجال الشرطة في انتظارهم حاملين معهم الأصفاد. واليوم أودع الأبوان السجن، ولا يرى أبو فؤاد طفليه سوى في أوقات زيارته في السجن.
وفي كلمته أمام القاضي في مارس (آذار) أنكر أبو فؤاد جميع الاتهامات التي وجهت إليه مؤكدا أنه «ضحية»، نافيا أن يكون سفره إلى هناك بدافع التعاطف مع قضايا الإرهاب، مضيفا «لست على صلة نهائيا بتنظيم داعش». بيد أن المسؤولين البلجيكيين غير متيقنين من ذلك ولهذا قرروا الإبقاء على أبو فؤاد في محبسه إلى جوار عدد من أبناء بلده الذين عادوا إلى أوروبا بعد أن قضوا وقتا عند داعش, التي أعلنها «داعش». لكن عودة المقاتلين الأجانب في الأراضي البلجيكية تمثل مرحلة جديدة متطورة من التهديدات الإرهابية ومعضلة أمام قوات الأمن، معضلة جعلت لسان حال الشرطة البلجيكية يقول: ماذا عسانا أن نفعل مع المئات من الأوروبيين الذين سافروا إلى العراق وسوريا والآن يريدون العودة إلى أوروبا. في بلجيكا وحدها عاد على الأقل 120 مواطنا سافروا للانضمام إلى داعش من إجمالي 470 بلجيكيا سافروا إلى هناك منذ عام 2012. وتتخذ بلجيكا الآن موقفا أكثر صرامة في تعاملها مع الإسلاميين المسلحين العائدين عقب اعتداءات بروكسل الدامية العام الماضي، فيما لا تزال أعداد متزايدة من البلجيكيين محتجزين في مراكز احتجاز انتظارا للعودة إلى بلادهم في ظل تردي الأوضاع في «داعش».
وبحسب باول فان تيغشت، «مدير وحدة التنسيق البلجيكية لتحليل التهديدات الإرهابية»، «لم يعد مصدر القلق الآن المغادرون إلى داعش فقد هذا التنظيم جاذبيته، لكن ما يقلقنا الآن هم العائدون».
وتمثل الهجرة العكسية عنصر إجهاد للحكومات الأوروبية حيث تحاول الشرطة وعمال المنظمات الاجتماعية تقييم كل حالة على حدة وسط حالة من القلق الشديد من أن يكون بعض العائدين إرهابيين نشطين. وما يعقد الأمور هو أن الكثير من العائدين الجدد من الأطفال، وبعضهم ممن ولد عند «داعش» والبعض الآخر من البالغين الذين يزعمون أنهم سافروا إلى العراق وسوريا لأسباب إنسانية أو برفقة زوجاتهم. وهناك البعض الآخر ممن انشقوا عن التنظيم ويمكنهم الإدلاء بمعلومات هامة ومساعدة المسؤولين في مواجهة حملة «داعش» الدعائية.
وأيا كانت دوافعهم للعودة، فجميعهم تقريبا يواجهون محاكمات في ظل القوانين الجديدة السارية حاليا في دول الاتحاد الأوروبي. ورغم أن اعتقال العائدين قد يقلل من حالة الخوف العامة، فالمسؤولون يعترفون بأن الحل الشامل الذي يضمن مراقبة طويلة المدى وتبني برامج لإعادة التأهيل وتغيير الفكر للعائدين لم يبدأ تفعيله بعد. وصرح توماس رينادر، خبير الإرهاب البلجيكي، بقوله «نعمل على تعزيز الموارد في هذا الاتجاه، لكن ذلك سيستغرق عدة سنوات حتى نتمكن من ضم وتدريب كوادر جديدة للعمل في تلك البرامج».
وبحسب روايته للأحداث، كان الحب هو الدافع وراء سفر أبو فؤاد للقيام برحلته المتهورة إلى شمال سوريا منذ عامين. وثقت قصة سفره ومحاولته المزعومة لإنقاذ زوجته في محاضر ومذكرات دفاع عرضت أمام القضاء وحوت مئات الصفحات منذ عودته في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحصلت صحيفة «واشنطن بوست» على نسخة منها. وتشمل تلك التقارير السرية تفاصيل دقيقة عن حياة أسرة أوروبية اجتذبها دعاية تنظيم «داعش» قبل أن تهرب من قبضته لاحقا. وخشية التعرض للانتقام من قبل عناصر نشطة تابعة لـ«داعش» أو من متعاطفين مع التنظيم الإرهابي داخل بلجيكا، طالب محام عن الزوجين باستخدام الاسم العربي الأوسط «الكُنية» للزوجين بدلا من الاسم الأول أو اسم العائلة. وبحسب الوثائق، فقد أسهب الزوجان، أبو فؤاد وزوجته عائشة أم دنيا، في وصف ظروف زواجهما المضطرب الذي انتهى بالفراق عام 2014. فأم دنيا التي تصغر زوجها بنحو 14 عاما، أودعت المستشفى بعد إصابتها بحالة اكتئاب حادة وبعد إقدامها على الفرار من بيت عائلتها عدة مرات لنفس السبب، بحسب شهادة الزوج.
وفي صيف عام 2015، وعندما كانت أم دنيا تعيش مع صديقتها وتعمل في محل لبيع السندوتشات، لوحظ استغراقها في الإنترنت وفي غرف الدردشة المخصصة للنقاش في أمور تتعلق بتنظيم «داعش» والحرب في العراق وسوريا، والغريب أنه رغم أنها لم تكن يوما من الورعات، فقد شعرت بتوق شديد لأن تكون جزءا من عالم «داعش» بطريقة أو بأخرى. فبحسب اعترافاتها أمام المحققين البلجيكيين، «كان النداء يوجه للمسلمين في جميع أنحاء العالم لمد يد المساعدة بأي طريقة كانت، وشعرت أن النداء يوجه إلي أنا»، مضيفة «على الإنترنت، وفي شبكات التواصل الاجتماعي تحديدا، قابلت أشخاصا سافروا إلى سوريا وعادوا يقولون إنهم مكثوا هناك 15 – 20 يوما للمساعدة ثم عادوا، ولذلك اعتقدت أن التوجه إلى هناك والعودة سهل». حانت لها الفرصة عندما سافر زوجها برفقة طفليهما خارج البلاد في يوليو (تموز) 2015 لقضاء عطلة الصيف وسط الأهل في الجزائر. وحينها لم تضيع أم الدنيا الفرصة وحزمت حقائبها، وكان ضمن محتوياتها لباس البحر، وأخبرت أصدقاءها أنها ذاهبة لقضاء العطلة في تركيا. وبعد ثلاثة أيام، أرسلت أم دنيا أول رسائلها الثلاث إلى أسرتها لتبلغهم بتوجهها إلى سوريا، وطالبت أبو فؤاد وجميع أفراد أسرتها بعدم اللحاق بها. وبعد ذلك بشهر ظهرت في عدة صور تحمل فيها بندقية آلية وترتدي النقاب الذي لم يظهر سوى عينيها. وعلى الفور أبلغت العائلة أبو فؤاد، الذي كان في إجازة خارج المدينة، بالخبر وبعدها بقليل تأكد من صحته في رسالة نصية تلقاها من زوجته. بعد ذلك تقابل وفد من العائلة مع الشرطة في بروكسل لإبلاغهم باحتمال انضمام ابنتهم إلى تنظيم «داعش». وفي أقواله أمام النيابة، أفاد أبو فؤاد أنه شعر بصدمة من قرار زوجته، مشيرا إلى أنها لم تلمح مطلقا برغبتها في الانضمام إلى «داعش» وأنها لم تكن متدينة وأنها لا تتحدث العربية. أفاد أبو فؤاد بأن شقيق زوجته أبلغه بأن «أم دنيا تقول إنها تريد العيش في بلد الإسلام وأن تعيش الجهاد لحماية أخواتها المسلمات وأن تعيش في كنف (داعش) حكم الشريعة حتى الموت».

* خدمة «واشنطن بوست»



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».