دعوات في «منتدى الإعلام العربي» لتشديد المصداقية عند تداول المعلومات

ركز منتدى الإعلام العربي الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي على أهمية «المصداقية»، التي تعتبر ركناً فارقاً بين وسائل الإعلام بمختلف المنصات؛ سواء الجديدة أو التقليدية، في ظل حركة المعلومات الهائلة التي يشهدها العالم في الوقت الحالي. وتكررت دعوات المشاركين في شتى الجلسات على ضرورة رفع الوعي للتفريق بين المعلومات الصحيحة والإشاعة، أو الأخبار الكاذبة، التي باتت منتشرة في الآونة الأخيرة، حيث شدد مشاركون في المنتدى على أن الحاجة باتت ملحة لتصحيح تلك المفاهيم عند المتلقي، الأمر الذي يتطلب توفير معايير الوعي الصحيحة، في ظل توافق نسبي للوسائل التقليدية التي تملك إطاراً قانونياً واضحاً، يوجب عليها التدقيق في المعلومة قبل نشرها، من معرفة مصادرها واكتمال العناصر القانونية في المعلومة قبل نشرها، الأمر الذي يجعل وسائل الإعلام التقليدية أمام فرصة لاستعادة دورها الريادي في قيادة الإعلام بالمنطقة.
ومن جانبه، قال علي جابر، مدير عام قنوات «إم بي سي» خلال مشاركته، إن الإعلام التقليدي أمامه فرصة تاريخية لاستعادة دوره الريادي بالتركيز على المصداقية، مشيراً إلى أن الحصول على المعلومة والأخبار أصبح محصوراً في شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر كل ثانية طوفاناً هائلاً من المحتوى مع صعوبة بالغة للمتلقي أن يتحقق من صحتها ومصداقيتها، مما نتجت عنه أخطار هائلة بل وكوارث، على حد وصفه.
وأضاف: «هناك مستجدات صعبة للغاية غيرت مصير أمم ووضعت صورة مشوهة أمام القارئ، والجمهور بصفة عامة يضع وهماً كبيراً في الإعلاميين بوسائل الإعلام التقليدية، وللأسف أصبحت واقعاً» وصفه بالكارثي، مشيراً إلى أهمية العمل بكل السبل على مواجهته من أجل أجيال جديدة تستطيع التمييز بين الحقائق والأكاذيب والإشاعات.
واستشهد جابر في مشاركته بمنتدى الإعلام العربي بحملة إعلامية هائلة نظمها الداعمون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أظهر خطابهم الإعلامي في أحد الأخبار أن بريطانيا تتحمل أعباء مالية للاتحاد الأوروبي قدرها 350 مليون جنيه مع استمرار بقائها تحت مظلته، وقال إن هذا الخبر كاذب بنسبة 100 في المائة، وكان يهدف لدفع الناس للتصويت لخروج بريطانيا منه.
وأشار علي جابر إلى أن شبكة الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية المتطورة سمحت بارتفاع هائل في أعداد مصادر الأخبار بعضها صحيح، لكنها خلقت أيضاً عالماً خطراً مليئاً بالإشاعات والأخبار الكاذبة التي أصبحت تتمدد وتنتشر كالنار في الهشيم وبعض الأخبار المغلوطة أصبحت تنتشر على الإنترنت ويصدقها ويتشارك بها مجموعة من الأشخاص في شبكة واحدة يثق بعضها ببعض أكثر مما يثقون بأي وسيلة إعلامية أخرى.
وأكد أنه أصبح رائجاً أن تشن بعض الجهات أو الأشخاص ما يعرف بـ«الحملات السوداء»، وهي النشر المتعمد للأكاذيب التي تهدف إلى تحطيم مصداقية الشخص المستهدف أو الجهة المقصودة. وفي المقابل، فإن الإعلام مثل المؤسسات القانونية والتربوية والجامعات هي أسس للبنية التحتية المنتجة للحقيقة، وهذه ركيزة من ركائز المجتمعات المتطورة.
وتابع: «إزاء هذا الواقع، فإن معضلة الإعلام كبيرة وأساسية ومصيرية، وإن هناك قوة دفع هائلة للصحافة التي تنتهج قول الحقيقة نهجاً واضحاً»، وكذلك هناك دور كبير للتربية كمنهاج أكاديمي يدرب التلاميذ على قول الحقيقة. ولفت إلى أن المجتمع الواعي والمثقف هو مجتمع قوي ولا خيار إلا في التعليم، فمن خلاله يمكن تحصين الشباب ضد السم المقبل من الانتشار غير المقنن لوسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الإعلام التقليدي.
من جانبه، قال باسم الطويسي عميد معهد الإعلام الأردني، إن المصداقية لها تفسير نسبي يعتمد على تفسير المتخصصين والممتهنين له، ولكن في النهاية هي خلاصة التوازن، والدقة، والحرفية، والحياد، مشيراً إلى أن الإعلام العالمي والعربي بشكل خاص يعيش حالياً أزمة أخلاقية تتعلق بالصدق والمهنية، مما قد يفسر حالة عدم الاستقرار التي تعم دول المنطقة التي تعيش مخاض التحولات السياسية والصراع على السلطة.