خروقات النظام تهدد «اتفاق آستانة»

المعارضة السورية تتمسك بـ«حق الرد».. و«الحر»: حصلنا على وعود روسية باحتمال توسيع المناطق الهادئة

غارة جوية للنظام على منطقة القابون شرق دمشق (أ.ف.ب)
غارة جوية للنظام على منطقة القابون شرق دمشق (أ.ف.ب)
TT

خروقات النظام تهدد «اتفاق آستانة»

غارة جوية للنظام على منطقة القابون شرق دمشق (أ.ف.ب)
غارة جوية للنظام على منطقة القابون شرق دمشق (أ.ف.ب)

تراجعت وتيرة أعمال العنف بشكل واضح في اليوم الأول من بدء سريان «اتفاق المناطق الهادئة» في سوريا. إلا أن العمليات العسكرية تتوقف بشكل كامل، بل سجل اختراقات في عدد من المناطق، وخصوصاً حي القابون في ضواحي دمشق وريف محافظة حماة، حيث شنت قوات النظام هجومين منفصلين، كذلك أعلن عن سقوط 4 مقاتلين من الفصائل المعارضة في محافظة درعا.
العميد في «الجيش الحر» أحمد بري أفاد أمس بأن المعارضة قامت بتسجيل الخروق لرفعها إلى تركيا التي بدورها سترسلها إلى روسيا. وفي حين لفت بري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «موسكو ملتزمة بالاتفاق»، فإنه أكد أن الفصائل ستكون في موقف الدفاع وسترد على أي خروق للنظام. وأردف: «وهذا ما قمنا به في هجوم قوات النظام ليلاً على مواقع في ريف حماة، محاولاً التقدم، ونجحت الفصائل في التصدي له».
وعن الخرائط التي تحدد المناطق والخطوط الفاصلة بين المعارضة والنظام، أوضح بري الذي كان مشاركاً في آستانة: «بعد أسبوع، إذا استمر الاتفاق سنجتمع كخبراء عسكريين مع ممثلين من تركيا وروسيا لوضع الخرائط وفق وجودنا ووجود النظام»، لافتاً إلى أن هناك تجاوباً من قبل موسكو لتوسيع دائرة المناطق التي سيشملها الاتفاق، وهو ما قد يعلن عنه بعد وضع الخرائط النهائية. ومن جهته، قال العميد فاتح حسون لـ«الشرق الأوسط»: «كل خرق يقابله تنفيذ حق الرد، وهذا ما نصت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة في نهاية العام الماضي»، مستبعداً نجاح الاتفاق إذا استمر الوضع كما كان عليه في اليوم الأول. وتجدر الإشارة إلى أن وفد قوى الثورة السورية العسكري إلى آستانة كان قد أعلن أن الخرائط المنشورة لما سُمي بـ«مناطق تخفيف التصعيد» (أو التهدئة) ليست صحيحة ولن تكون مقبولة. وتابع في بيان له أن هذه الخرائط لم تُعرض على الوفد في أي من اجتماعاته، مطالباً أن يشمل وقف إطلاق النار كل الأراضي السورية، وأن يأتي متزامنًا مع الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية. وفي اليوم الأول لبدء سريان «اتفاق آستانة»، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن ريف محافظة حماة الشمالي، ولا سيما، بلدات اللطامنة وكفر زيتا والزلاقيات، شهد قصفاً بالبراميل المتفجرة والقذائف الصاروخية. وأشار أيضًا إلى اشتباكات بين النظام والمجموعات الموالية له من جهة وفصائل المعارضة من جهة ثانية على محاور في محيط قرية الزلاقيات الواقعة على بعد مئات الأمتار من بلدة حلفايا (التي احتلها النظام أخيرًا) في شمال غربي محافظة حماة. وقال مصدر مسؤول في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «المعارضة تصدت لهجوم شنته قوات النظام على قرية الزلاقيات بريف حماة الشمالي بعد ساعات من دخول اتفاق المناطق الآمنة حيز التنفيذ».
وفي مناطق أخرى من سوريا، تعرضت أماكن في منطقة مسحرة الواقعة في القطاع الأوسط من ريف محافظة القنيطرة، لقصف من قوات النظام، في حين قضى 4 مقاتلين من الفصائل المعارضة، بحسب «المرصد»، جراء استهدافهم من قبل قوات النظام في محيط بلدة خربة غزالة بريف محافظة درعا. أيضًا، سجل «المرصد» بعد منتصف ليل أمس الجمعة - السبت، أصوات انفجارات في ريف درعا الأوسط، يعتقد أنها ناجمة عن سقوط قذائف أطلقتها قوات النظام على منطقة علما، إضافة لدوي انفجار سمع عقب دقائق من بدء اتفاق وقف إطلاق النار، حيث أكدت عدة مصادر أن دوي الانفجار نجم عن استهداف منطقة تير معلة بصاروخ تسبب بأضرار مادية. وفي محيط العاصمة دمشق، أشار «المرصد» إلى أن قصف النظام استهدف حيي القابون وتشرين الدمشقيين في الأطراف الشرقية للعاصمة صباح أمس، مما أسفر عن أضرار مادية. كذلك سمع دوي انفجارين في ضاحية جرمانا شرق العاصمة، ناجم عن سقوط قذيفتين على أماكن في منطقة كورنيش الجناين وحي الروضة بالمنطقة. وللعلم، كانت موسكو قد أعلنت أن حي القابون غير خاضع للاتفاق بسبب وجود «جبهة النصرة» فيه. وحقًا، حسب «شبكة شام» شهدت أحياء دمشق الشرقية معارك عنيفة جداً منذ الصباح الباكر في محاولة شرسة من قبل قوات النظام التقدم على جبهة القابون، إلا أن الفصائل تمكنت من صد الهجوم وتكبيد القوات المهاجمة خسائر في الأرواح، كما تمكنوا من إسقاط طائرة استطلاع صغيرة في أجواء القابون. ومن جانبه، ذكر فصيل «فيلق الرحمن» أنه «منذ ساعات الفجر الأولى دارت معارك عنيفة جداً على جبهة بساتين القابون في ظل الهدنة المزعومة، وسط قصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة وصواريخ أرض - أرض».
وفي سياق العمليات الميدانية في شمال سوريا، دارت في ريف محافظة حلب بعد منتصف ليل الجمعة/ السبت، في محور بلدة بيانون اشتباكات متقطعة وتبادل لإطلاق النار، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى. وكانت كل من روسيا وإيران وتركيا وقعت في آستانة على خطة روسية لإقامة 4 مناطق آمنة يبدأ سريانها اعتباراً من منتصف ليل الجمعة/ السبت، بحسب نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين. ويتوجب على الدول الثلاث الضامنة رسم حدود 4 «مناطق تخفيف التصعيد» بحلول الرابع من يوليو (تموز) 2017 في 8 من أصل 14 محافظة سورية، وذلك لمدة 6 أشهر. ولا ينص الاتفاق بوضوح على ما إذا كانت المعارك ستتوقف بشكل فوري، كما لم يعلن النظام والفصائل المقاتلة إذا كانوا سيتوقفون عن القتال أم لا.
وأعربت الهيئة العليا للمفاوضات، المكون الرئيسي للمعارضة السورية، عن «قلقها من غموض» تلك الاتفاقية التي «تم إبرامها في منأى عن الشعب السوري، وما شابها من غياب للضمانات وآليات الامتثال»، معتبرة أن «الاتفاق يفتقر إلى أدنى مقومات الشرعية». وينص الاتفاق أيضًا على تحسين الوضع الإنساني وخلق «الظروف للمضي قدماً في العملية السياسية». وعلى طول حدود «مناطق تخفيف التصعيد»، سيتم إنشاء «مناطق أمنية» تتضمن حواجز ومناطق مراقبة الهدف منها تفادي أي حوادث أو مواجهات بين الأطراف المتنازعة. ومن المفترض، وفق المذكرة، أن تؤمن قوات من الدول الضامنة الحواجز ومراكز المراقبة وإدارة «المناطق الأمنية». كما من الممكن أن يتم «نشر أطراف أخرى في حال الضرورة». وعلى الدول الضامنة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان تقيد الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار الهش الذي توصلت إليه تركيا وروسيا في نهاية العام الماضي.
وتؤكد المذكرة ضرورة اتخاذ الدول الضامنة «كل الإجراءات اللازمة داخل وخارج مناطق تخفيف التصعيد لمواصلة القتال ضد (داعش) وجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) وكل المجموعات المرتبطة بهما».



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.