المعارضة التونسية تطالب الحكومة بإقالة وزير البيئة

بسبب تصريح اعتبر مسيئاً للعلاقات مع الجزائر وليبيا

المعارضة التونسية تطالب الحكومة بإقالة وزير البيئة
TT

المعارضة التونسية تطالب الحكومة بإقالة وزير البيئة

المعارضة التونسية تطالب الحكومة بإقالة وزير البيئة

طالبت منظمات تونسية وأحزاب معارضة، من بينها تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، وحزب نداء تونس الذي يتزعم الائتلاف الحاكم، والاتحاد العام التونسي للشغل، بإقالة رياض المؤخر وزير الشؤون المحلية والبيئة، والقيادي في حزب آفاق تونس الذي يرأسه ياسين إبراهيم، بسبب تصريحات إعلامية أغضبت الجزائر وليبيا، في نفس الوقت الذي زادت فيه من متاعب حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد.
واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال)، أن «التصريحات الأخيرة لوزير الشؤون المحلية والبيئة في إيطاليا شكلت مسا بمكانة الشقيقتين الجزائر وليبيا»، واعتبرها مسيئة وغير مسؤولة، مثل بعض التصريحات التي تكررت في مناسبات سابقة، مثل تصريحات عبد الجليل بن سالم وزير الشؤون الدينية، التي أثرت على العلاقة الأخوية مع بلد عربي، وأدت في النهاية إلى عزله من الوزارة.
وبمجرد خروج تصريحات الوزير التونسي إلى العلن، عبرت وسائل إعلام جزائرية عن غضبها، وتداولت مواقع الإعلام التونسية والجزائرية تصريحات رياض المؤخر في مؤتمر عقد بالعاصمة الإيطالية روما بعنوان «تونس... أمل المتوسط»، قال فيه: «عندما يسألونني عن تونس أقول لهم إنها موجودة تحت إيطاليا، ولا أقول إنها موجودة بجوار الجزائر الدولة الشيوعية، وليبيا البلد المخيف»، في إشارة إلى ما تعانيه ليبيا من تقلبات على المستوى الأمني.
وتخشى تونس من تأثير هذا التصريح على حركة تدفق السياح الجزائريين إلى تونس، البالغ عددهم نحو مليوني سائح، وعلى نحو مليوني مقيم ليبي في تونس إثر ثورة 2011 ضد نظام القذافي.
وللتخفيف من تداعيات هذا التصريح المسيء أصدر حزب النداء بيانا قال فيه إن «العلاقات التونسية - الجزائرية والعلاقات التونسية - الليبية علاقات أخوة وشراكة استراتيجية، تندرج ضمن بلدان المغرب العربي ورابطة الهوية العربية الإسلامية، ومتجذرة في سياق النضال المشترك في دحر المستعمر الغاشم، ومعمدة بدماء الشهداء على مر العصور، ولا يمكن أن تمس من متانتها أي تصريحات كلامية عابرة مهما كان قائلها».
وفي السياق ذاته، طالب محسن النابتي، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية (يساري معارض) رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بإقالة وزير الشؤون المحلية والبيئة فورا على خلفية تصريحه الأخير، سواء كان في سياق الجد أو الهزل، وقال بهذا الخصوص: «سيكون ذلك في نظرنا أفضل إنجاز ليوسف الشاهد قبل مغادرته، لأن أيام حكومته أصبحت معدودة»، مشددا على أن مثل هذه التصريحات تشكل «خطرا على تونس وعلى أمنها القومي»، وأن تصريح الوزير المؤخر ليس «الفضيحة الأولى» في حكومة الشاهد، وهو ما يثبت انعدام الكفاءة والمسؤولية وغياب التركيز عن أعضائها، حسب تقديره.
وشدد النابتي على ضرورة إقالة المؤخر قبل عودته إلى تونس، لأنه من العيب أن يواصل مهامه كوزير، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن حزبه يعتبره وزيرا سابقا، وسيعمل على إبعاده من الحكومة رفقة الجبهة الشعبية ومختلف القوى الوطنية.
ولم يتأخر الوزير موضوع الجدل لتقديم توضيحات حول مدى صحة تصريحاته، حيث قال المؤخر لقناة «نسمة» التونسية الخاصة، إن كلامه أخرج من سياقه بخصوص تصريحاته حول الجزائر وليبيا، وعبر عن استغرابه من توظيف البعض لتصريحه ومحاولة الإساءة لمتانة العلاقة الأخوية بين تونس والجزائر وليبيا الضاربة في التاريخ، على حد تعبيره.
وأكد المؤخر، أن وزير الخارجية الإيطالي قال له في نطاق الدعابة إنه يسكن في جنوب إيطاليا، وبإمكانه رؤية تونس من منزله، فأجابه أنه لما كان طالبا في الولايات المتحدة الأميركية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، كان يضطر للقول إن تونس تقع تحت إيطاليا، لأن الأميركيين يعتقدون أن الجزائر بلد شيوعي، ويتساءلون هل تونس يحكمها نظام شيوعي، ولا يعرفون ليبيا إلا عبر القذافي، على حد قوله. وأضاف المؤخر موضحا: «عندما أقول لهم إن تونس تقع في أفريقيا يسألونني دائما لماذا لون بشرتي ليس أسمر»، مشددا على أن هذه التصريحات كانت في إطار المزاح، وتساءل: «هل تعتقدون فعلا أن وزيرا تونسيا يمكن له الإدلاء بتصريحات عدوانية تجاه الجزائر؟ هذا ليس معقولا وأمر مستحيل».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.