السودان: خلافات المشاركة في الحكم تضرب «المؤتمر الشعبي»

استقالة الأمين السياسي لحزب الترابي

السودان: خلافات المشاركة في الحكم تضرب «المؤتمر الشعبي»
TT

السودان: خلافات المشاركة في الحكم تضرب «المؤتمر الشعبي»

السودان: خلافات المشاركة في الحكم تضرب «المؤتمر الشعبي»

استقال كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي السوداني، من منصبه في الحزب، واعتذر عن تكليفه بعضوية البرلمان، وذلك بعد يومين من إعلان الحزب، الذي أسسه زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي، المشاركة في الحكومة المقبلة، وتسمية عدد من عضويته لمناصب وزارية وبرلمانية، بينهم أمينه السياسي المستقيل.
وقال المحامي كمال عمر لـ«الشرق الأوسط» إنه تقدم باستقالته من منصبه الحزبي للأمين العام علي الحاج محمد، ومن أي موقع تنظيمي حزبي، وعن تمثيله نائباً في البرلمان، معتبراً مشاركة الحزب في الحكومة المرتقبة بعد رفض البرلمان لوثيقة «ملحق الحريات» خذلاناً لفكر زعيم الحزب الراحل حسن الترابي.
واشترط حزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي، للمشاركة في الحكومة إجازة حزمة تعديلات دستورية تتيح الحريات العامة، وتتضمن تقليص صلاحيات جهاز الأمن الوطني والمخابرات، وقصرها على جمع وتحليل المعلومات، وإتاحة الحريات كافة، إلاّ البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، ويحوز داخله أغلبية مطلقة، أجاز تعديلات دستورية وسَّعَت صلاحيات الأمن، وجعلت منه «قوة نظامية» أسوةً بالجيش والشرطة، بل وأعطته سلطة «انتهاك الخصوصية» والتنصت على المكالمات.
ورغم الإطاحة بشرطه المتعلق بالحريات فإن الأمين العام للحزب أعلن مشاركته في الحكومة بثلاثة مناصب وزارية، وسبعة برلمانيين، من بينهم عمر الذي تقدم باستقالته.
واعتبر عمر قبول قيادة حزبه المشاركة في الحكومة، وتخليها عن الحريات خذلاناً مبيناً، قاطعاً ببقائه في الحزب دون منصب متفرغاً دون أعباء تنظيمية لأطروحة الترابي المسماة بـ«المنظومة الخالفة» والحريات.
وقال الأمين السياسي المستقيل في إفادته للصحيفة، إنه لن يتراجع البتة عن استقالته، وتعهَّد بالعمل من أجل الحريات العامة، من خلال وجوده في الحزب، ومن خلال نشاطه السياسي العام، دون الالتزام بأي مهام تنظيمية قيادية.
وأسَّس الترابي حزب المؤتمر الشعبي عشية الانقسام الرأسي للإسلاميين السودانيين في الخلاف السياسي المعروف محلياً بـ«المفاصلة» 1999، وخروجه مغاضباً لتلاميذه الذين اختاروا موالاة الرئيس عمر البشير والبقاء في الحزب الحاكم الحالي (حزب المؤتمر الوطني).
وقاد الترابي وتلاميذه الذين اختاروا «موالاته» وتركوا السلطة التي أتوا بها في انقلاب يونيو (حزيران) 1989، معارضة قوية ضد الحكومة، لكنه شارك في الحوار الوطني «حوار الوثبة»، الذي دعا له الرئيس البشير في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، واستمر ثلاث سنوات بمشاركة حزب الترابي وأكثر من مائة حزب وحركة مسلحة، فيما قاطعته قوى سياسية وحركات مسلحة رئيسية.
وتوصل المتحاورون إلى ما اصطُلِح عليه بـ«بمخرجات الحوار الوطني»، وتضمنت تعديلات دستورية استحدث على أثرها منصب رئيس الوزراء لأول مرة، وأوكل للنائب الأول للرئيس بكري حسن صالح. لكن جدلاً عنيفاً دار بين البرلمان وحزب المؤتمر الشعبي بشأن «ملحق الحريات»، قاده الأمين السياسي المستقيل، لكنه لم يفلح في إجازة معظم التعديلات التي اقترحها، وهو ما اعتبره نكوصاً من الحزب الحاكم عن «الاتفاق السياسي»، الذي قضى بإتاحة الحريات وتقليص سلطات جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
وقطع عمر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأنه لن يتخلى عن دعوته للحريات، وعن تنفيذ «وصية الترابي» في إنفاذ «المنظومة الخالفة»، وتابع موضحاً: «قضيت شطراً مهماً من عمري معارضاً للنظام أدعو لإسقاطه، ثم قضيت الشطر الآخر، بعد أن تخلى الحزب عن الإسقاط، مدافعاً ومنافحاً عن الحريات العامة، لذلك لن أشارك في نظام لا يتيح الحريات، ولن أقبل بتعديلات دستورية قلصت حتى مساحة الحريات التي كانت تتيحها وثيقة الحريات في الدستور الانتقالي».
وكان الرئيس البشير قد أعلن، الجمعة الماضي، أن حكومته الجديدة ستكون في بحر الأسبوع الماضي، لكنه لم يعلنها بعد، ويتردد أن صراعات داخل الحزب على المناصب، ومع شركائه في الحوار أدت لتأجيل تسمية الحكومة الجديدة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.