الحكومة الجزائرية تعبر عن ارتياحها لنسبة التصويت... والمعارضة تحذر من التزوير

«جبهة التحرير» تتجه للاحتفاظ بالغالبية

مواطن جزائري يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع داخل العاصمة الجزائر أمس (إ.ب.أ)
مواطن جزائري يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع داخل العاصمة الجزائر أمس (إ.ب.أ)
TT

الحكومة الجزائرية تعبر عن ارتياحها لنسبة التصويت... والمعارضة تحذر من التزوير

مواطن جزائري يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع داخل العاصمة الجزائر أمس (إ.ب.أ)
مواطن جزائري يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع داخل العاصمة الجزائر أمس (إ.ب.أ)

بينما أبدى وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي ارتياحا لنسبة الإقبال على انتخابات البرلمان، منذ صباح أمس، صرحت زعيمة «حزب العمال» اليساري لويزة حنون بأن نسبة التصويت ضعيفة، بحسب تقديرات مناضلي الحزب المنتشرين عبر الولايات. ويرتقب أن يعلن بدوي صباح اليوم (الجمعة) عن النتائج النهائية لسادس اقتراع تشريعي تعددي.
وصرح بدوي في مؤتمر صحافي قصير أمس بأن نسبة التصويت بلغت 36 في المائة في حدود الثانية بعد الظهر، وقال إنها «مشجعة وهي بمثابة رد قوي على كل من شكك في تلاحم وتكاتف الشعب الجزائري من أجل تحقيق نهضة للبلاد وكل ما يطمح إليه أبناؤها»، مشيرا إلى «الإقبال القوي الملاحظ على مكاتب التصويت، ما يدل على أن الجزائريين لم يعيروا وزنا لدعاة العزوف عن الانتخابات، كما يدل على مدى وعي واهتمام المواطنين بكل فئاتهم بنداء الجزائر والوطن لتكريس وترسيخ المؤسسات الدستورية من خلال انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني، لضمان استقرار وديمومة كل القيم المكرسة في الدستور الجديد».
وبحسب المسؤول الجزائري، فقد عرفت نسب التصويت المسجلة في صباح ومنتصف نهار أمس ارتفاعا قياسا إلى الفترة ذاتها من يوم التصويت في انتخابات عام 2012. غير أن هذا الكلام كان محل تشكيك من طرف قطاع من المعارضة المشارك في الاستحقاق، خصوصا الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية».
وذكر بدوي أن العملية الانتخابية «اتسمت بتنظيم محكم وبالهدوء والسلاسة، بالنظر إلى كل الإجراءات التي اتخذت من كل الجوانب المادية والبشرية والأمنية على مستوى التراب الوطني، حيت سجل أيضاً حضور مراقبي ممثلي الأحزاب السياسية والقوائم الانتخابية المستقلة، والملاحظين الدوليين الذي لبوا دعوة الجزائر لمرافقتها في هذه الاستحقاقات الانتخابية، وكذا مرافقة أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات على مستوى 48 ولاية من الوطن». من جهته، قال عبد الوهاب دربا، لرئيس «هيئة مراقبة الانتخابات»، لوسائل الإعلام بعد أن خرج من المكتب الذي صوت فيه بالضاحية الغربية للعاصمة، إن الانتخابات «جرت في هدوء عبر كامل التراب الوطني»، موضحا أنه تلقى 15 إخطارا من أحزاب تشتكي من وقوع تجاوزات، لم يحدد طبيعتها، وهون من خطورتها، وأشار إلى أن «الهيئة تسهر على انتخابات يطمئن إليها الشعب الجزائري الذي يختار بكل حرية من يمثله في البرلمان، والشعب الجزائري كله متحمس للعملية الانتخابية الحالية التي تعد الأولى بعد المصادقة على التعديل الدستوري»، الذي صوت عليه البرلمان مطلع 2016.
واتهم الأخضر بن خلاف، قيادي «العدالة والتنمية» ومرشحها بولاية قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، والي قسنطينة بـ«إعطاء أوامر إلى رؤساء مكاتب الانتخاب تطالبهم بتضخيم نسبة التصويت لصالح جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الأغلبية الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
يُشار إلى أن برلمان الجزائر يوصف من طرف عدد مهم من الجزائريين بالضعيف بسبب هيمنة الحكومة على المبادرة بالقوانين التي كانت في السنتين الأخيرتين في غير مصلحة فئات كثيرة من الجزائريين، لأنها فرضت عليهم سياسة تقشف صارمة بسبب أزمة تدني سعر النفط.
ووقعت أمس مشادات بالبويرة (100 كلم شرق العاصمة) بين أشخاص حاولوا منع عملية الانتخاب في بعض مكاتب التصويت، وقوات الأمن التي انتشرت بكثافة في هذه المنطقة، حيث يوجد أنصار تنظيم انفصالي تخشاه السلطات كثيرا.
وأشارت توقعات المراقبين أمس إلى احتفاظ «جبهة التحرير» بالريادة، لكن ربما بعدد مقاعد أقل مقارنة بانتخابات 2012 (220 مقعداً)، يليها في المركز الثاني «التجمع الوطني الديمقراطي»، وهو حزب موالٍ للسلطة، يقوده مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، الذي يطمح إلى خلافة بوتفليقة عندما تنتهي ولايته عام 2019.
وجرت الانتخابات في ظل حراسة أمنية مشددة، إذ انتشر 45 ألف شرطي في المدن، إضافة إلى الدرك الوطني في المناطق الريفية لتأمين أكثر من 53 ألف مركز اقتراع. ونظّمت الحكومة حملة واسعة للدعوة إلى التصويت، وطلبت من الأئمة في المساجد حضّ المصلين على المشاركة الكثيفة. وتعتبر نسبة المشاركة هي الرهان الأهم بالنسبة للحكومة، خصوصاً أن الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع لم تلق اهتماما كبيرا من الجزائريين.
وسجلت انتخابات 2012 نسبة مشاركة بلغت 43.14 في المائة، بينما لم تتعد 35.65 في المائة في 2007. لكن البعض يعتبر أن هذه الأرقام مضخمة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.