انفجار أمام مقر الحكومة السورية المؤقتة يؤدي إلى مقتل وجرح العشرات

خروقات أمنية متتالية لأعزاز... ومواجهات بين المعارضة و«قسد» في محيطها

تفجير في أعزاز أمام مقر «الحكومة السورية المؤقتة» أمس تسبب باحتراق سيارتين وعشرات الضحايا (أ.ب)
تفجير في أعزاز أمام مقر «الحكومة السورية المؤقتة» أمس تسبب باحتراق سيارتين وعشرات الضحايا (أ.ب)
TT

انفجار أمام مقر الحكومة السورية المؤقتة يؤدي إلى مقتل وجرح العشرات

تفجير في أعزاز أمام مقر «الحكومة السورية المؤقتة» أمس تسبب باحتراق سيارتين وعشرات الضحايا (أ.ب)
تفجير في أعزاز أمام مقر «الحكومة السورية المؤقتة» أمس تسبب باحتراق سيارتين وعشرات الضحايا (أ.ب)

قُتل سبعة أشخاص وأصيب أكثر من 20 آخرين في انفجار سيارة مفخخة في بلدة أعزاز في شمال محافظة حلب، أمام مقر للحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة.
وأثار الانفجار الذي يندرج في إطار سلسلة من التفجيرات التي تستهدف المدينة منذ مطلع العام، استياء عارما في صفوف الناشطين الذين استغربوا قدرة المنفذين على اختراق أمن أعزاز، التي تُعتبر قاعدة رئيسية لفصائل المعارضة المدعومة من أنقرة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن التفجير وقع في منطقة المركز الثقافي بالمدينة قرب مسجد الميتم في البلدة الواقعة قرب الحدود السورية - التركية، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير من الأشخاص، في حين تحدث أحمد رمضان، الناطق باسم الائتلاف المعارض لـ«رويترز» عن «انفجار سيارة مفخخة أمام مقر للحكومة المؤقتة»، لافتا إلى أن أحد القتلى حارس. وألقى باللوم في الهجوم على تنظيم داعش. وأضاف: «الهجوم كان استهدافا مباشرا للحكومة؛ لأن هذا المقر يضم أقساما لوزارات ومجالس محلية عدة».
وأوضح الناشط المعارض أسامة الحلبي من أعزاز، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن من بين القتلى عنصرا من «الشرطة الحرة» المعارضة ولاجئين عراقيين، في حين لا تزال حالة أربعة من الجرحى الذين نقلهم عناصر الدفاع المدني إلى المشفى الأهلي في المدينة، حرجة. وأضاف الحلبي، أن التفجير تسبب في احتراق سيارتين مدنيتين بشكل كامل، وأضرار بمبنى المجلس المحلي ومحال تجارية، مشيرا إلى أن فرق الدفاع المدني أخمدت الحرائق الناجمة عن الانفجار.
وسبق أن تعرضت أعزاز الخاضعة لسيطرة «الجيش السوري الحر» لتفجيرات عدة بسيارات مفخخة، كان أكثرها دموية ذلك الذي وقع في شهر يناير (كانون الثاني) في بداية العام الحالي، وأدى إلى قتل أكثر 60 شخصا.
واعتبر رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن هناك «مجموعات تستفيد من الفلتان الأمني في أعزاز، ومن الحواجز الموجودة في محيطها، ومن الأموال التي كانت تجنى عبر استغلال هذه الحواجز»، مشددا على وجوب «تحمل المعنيين بأمن المنطقة مسؤولية ما يجري في أعزاز والحؤول دون تكرار مثل هذه العمليات التي تخلف في كل مرة أعداداً كبيرة من الجرحى والشهداء».
واعتبر أبو علي عبد الوهاب، القيادي في «جيش الإسلام»، أن التفجيرات التي تستهدف أعزاز «قد يقف وراء بعضها تنظيم داعش كما قوات (قسد) التي تعتمد الأسلوب نفسه، أي الانتحاريين والسيارات المفخخة المسيرة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاحتمال الأكبر يبقى «داعش». وأضاف: «في كل منطقة تتحرر يُبقي التنظيم عناصر وخلايا نائمة فيها تعمد إلى زعزعة أمنها كلما سنحت لها الفرصة».
واللافت أن تفجير يوم أمس تزامن مع استمرار المواجهات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل المعارضة المدعومة. وأفادت وكالة «آرا نيوز» بـ«اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة و(قوات سوريا الديمقراطية) على محاور عدة بريف حلب الشمالي، بمحاولة من الأخيرة للتقدم مع قصف متبادل من الجانبين، فضلاً عن توجيه الجيش التركي ضربات مدفعية مكثفة نحو مواقع (قسد) شمالي مدينة حلب». ونقلت الوكالة عن وليد الشيخ، أحد الناشطين الميدانيين بريف حلب الشمالي، قوله إن الاشتباكات تتركز على أطراف قرية كفر خاشر جنوب غربي مدينة إعزاز: «حيث حاولت قوات (قسد) التقدم بهذه الجبهة، إلا أن فصائل المعارضة تمكنت من صد الهجوم بعد معارك استمرت لساعات عدة تبادل خلالها الجانبان القصف بقذائف الهاون، موقعين إصابات بصفوف كل طرف».
وأفادت «آرا نيوز» بأن الجيش التركي استهدف بعدد من قذائف المدفعية الثقيلة مواقع لقوات «قسد» بكل من عين دقنة ومرعناز ومحيط مطار منغ العسكري. وفي حين تحدثت الوكالة عن محاولة «قوات سوريا الديمقراطية» بشكل شبه يومي فتح الجبهات ضد فصائل المعارضة من خلال شن هجمات مباغتة يكون معظمها موجها نحو أطراف مدينة أعزاز التي تسعى للسيطرة عليها، أكدت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط»، أن أعزاز ليست بالمرحلة الحالية هدفا لقوات «قسد». وأوضحت المصادر، أنه لم يسجل في الساعات الماضية أي هجمات: «بل اقتصر الموضوع على القصف المتبادل بين قواتنا والجيش التركي والفصائل التابعة له في قرى تل جيجان وحربل وفي مرغناز من طرف دار العزة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.