إسلاميو الجزائر ينفون عقد صفقات مع النظام... ويتوقعون الصدارة

جاب الله: اختيار مسار تزوير الانتخابات لصالح أحزاب الموالاة سيزيد من عزلة الحكم داخلياً

إسلاميو الجزائر ينفون عقد صفقات مع النظام... ويتوقعون الصدارة
TT

إسلاميو الجزائر ينفون عقد صفقات مع النظام... ويتوقعون الصدارة

إسلاميو الجزائر ينفون عقد صفقات مع النظام... ويتوقعون الصدارة

أكد التحالفان الإسلاميان المشاركان في الانتخابات التشريعية الجزائرية، المقرر أن تنطلق في الداخل بعد غد (الخميس)، أنهما لم يعقدا صفقات مع «النظام»، سواء من أجل إضفاء الشرعية على الانتخابات بعد دعوات مقاطعتها، أو لتأمين حصة بعينها من مقاعد البرلمان أو الحكومة. ولكنهما لم يستبعدا في الوقت نفسه محاولة جهات في الدولة، وصفوها بـ«النافذة»، التدخل في النتائج لتحديد حصة الإسلاميين.
ويخوض تحالفان إسلاميان الانتخابات المقبلة في الجزائر؛ هما تحالف «الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء»، الذي يضم أحزاب «جبهة العدالة والتنمية»، و«حركة النهضة»، و«حركة البناء الوطني». أما التحالف الثاني فيتكون من «تحالف حركة مجتمع السلم»، الذي يضم حزبي «حركة مجتمع السلم» و«جبهة التغيير».
ووصف عبد الله جاب الله، ممثل «تحالف الاتحاد من أجل النهضة»، والمنتمي لحزب العدالة والتنمية، كل ما يطرح عن وجود صفقات بين النظام والتحالف بـ«الكذب الفادح». وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في القاهرة إن «كل من يعرفني عن قرب يدرك جيداً أنني لست السياسي الذي يقبل بمثل هذه الصفقات... أما موضوع تدخل نخب نافذة في الدولة لتحديد نسبة لا تتجاوزها المعارضة الإسلامية، فهذا الأمر له ظل من الحقيقة.. ربما لا يكون هو الحقيقة المطلقة، ولكنه حديث يتردد بالفعل على كثير من المستويات، وبالتالي نعتبره أمراً وارداً».
وأكد جاب الله أن تحالفه سيكون الفائز الأبرز إذا ما جرت الانتخابات بمستوى مقبول من النزاهة، محذراً النظام من أن «اختيار مسار تزوير الانتخابات مجدداً لصالح أحزاب الموالاة، كما حدث في الانتخابات السابقة، لن يزيد فقط من تعرية النظام خارجياً، وإنما سيزيد أيضًا من عزلته داخلياً، وربما انفصاله تماماً عن المجتمع».
وبخصوص ما ميز حملة حزبه الانتخابية ومدى تفاعل المواطنين معها، أوضح جاب الله أنها «كانت مميزة، ويدل على ذلك الحضور الطوعي للجمهور دون توزيع أموال أو مواد عينية، أو توفير وسائل للنقل كما تفعل أحزاب الموالاة، وسنكون الأوفر حظاً إذا لم تزور الانتخابات»، مبرزاً أن ما تعاني منه الجزائر اليوم هو توسع ظاهرة انفصال السلطة عن المجتمع، وهي ظاهرة بالغة الخطورة لما تفضي إليه من حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي وتعقيد الأزمات ونشرها، حسب تعبيره.
ودافع جاب الله عن قرار المشاركة بالانتخابات رغم عدم استبعاده احتمالية تزويرها، بقوله: «نحن نؤمن بأن المشاركة هي أفضل وسيلة لإيصال برنامج ومشروع التحالف، خصوصاً أن هذا المشروع يحمل حلولاً طموحة لأزمات المجتمع الجزائري... كما أن المقاطعة، التي كانت خيار حزب جبهة العدالة في انتخابات سابقة، لم يكن لها أي أثر إيجابي على واقع البلاد»، وأضاف موضحاً: «كثيرون يقولون إننا نضيع الوقت والجهد، وإن الانتخابات ستزور.. ونحن نقول سنجتهد ونعمل ولعلهم يتقون».
وعما إذا كان الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو العامل الرئيسي لظاهرة الانفصال التي تحدث عنها، أجاب القيادي الإسلامي البارز: «لا، السبب هو التزوير في المقام الأول، ثم النهب المستمر وعدم العدالة في توزيع ثروات البلاد، دون السعي لتحقيق مشاريع تنموية... فضلاً عن اعتماد الاقتصاد على النفط بصورة مطلقة... وصحة الرئيس عامل إضافي بالطبع، ولكنه ليس الرئيسي».
وتابع جاب الله: «الجميع خارج الجزائر يعتقدون أن النظام هنا يتمحور حول شخص، وهذا ليس حقيقياً... النظام هنا يتمحور حول شخصيات ونخب نافذة في المؤسسات العصبية والاستراتيجية للدولة».
وحول ما إذا كان يخشى أن تؤثر ذكريات حقبة العشرية السوداء على خيارات الناخبين، خصوصاً في ظل التوجه الدولي المكافح للتشدد الإسلامي، والتراجع الإقليمي للأحزاب السياسية الإسلامية، قال جاب الله إن «الشعب الجزائري يعرف جيداً الحقائق... يعرف من قتل ومن هتك العرض ومن سرق... وإذا كان أصحاب هذا الطرح واثقين منه فليتركوا الانتخابات حرة، ونحن سنرضى حينها بالنتيجة».
وبخصوص تقييمه لمدى انتشار الفكر الداعشي والمتطرف عموماً داخل المجتمع الجزائري، أوضح جاب الله، مستنكراً، أن «وجود هذه التنظيمات قليل جداً... ولا أعرف لماذا تضخمت عبر وسائل الإعلام لتبدو كأنها التيار الأبرز على الساحة... التيار الواسع على الساحة هو التيار الإسلامي المعتدل الوسطي... الذي يهدف لإقامة دولة ديمقراطية ذات سيادة في إطار مبادئ إسلامية، وهذا هدف متفق عليه من طرف جميع الأحرار الوطنيين».
من جانبه، نفى عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، أن يكون تحالفه قد عقد أي صفقات من أجل الحصول على مناصب أو إضفاء شرعية، وقال بهذا الخصوص إن «كل هذه المقولات مجرد أوهام، فالذي يعطي الشرعية هو الشعب فقط... ونحن لا نؤمن بالصفقات، بل نلعن من يقوم بها لأننا نرى أنها أساس خراب البلاد... ونؤكد أن التحالف مع النظام خارج إطار الإرادة الشعبية يعد خيانة للبلاد وللشعب». وأضاف موضحاً: «نعم قاطعنا الانتخابات الماضية، وقد قررنا المشاركة هذه المرة... قررنا المواجهة والمقاومة، وسنظل نحمل السلطات مسؤولية حدوث أي تزوير، فالتزوير آفة العمل السياسي».
ولتبرير قرار المشاركة في الاستحقاقات الحالية، قال مقري: «لقد قدرنا الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والاختلالات الكبيرة التي تعاني منها الميزانية العامة وحالة التقشف، وقلنا لو قاطعنا، فإن هذا التصرف قد يضر بالبلاد، ولذا فضلنا المشاركة والدعوة لتوافق سياسي... ونحن ندعو بعد الانتخابات إلى تشكيل حكومة تحالفية موسعة تضم جميع التيارات الإسلامية والوطنية».
وحول الهدف الرئيسي للتحالف، أوضح مقري أن الغاية المنشودة هي الانتقال بالبلاد من نظام سياسي غير ديمقراطي، أو تتم ممارسة الديمقراطية فيه بهامش ضيق، لنظام ديمقراطي حقيقي، والانتقال بالاقتصاد من اقتصاد تابع ومعتمد فقط على النفط لاقتصاد متنوع ومنتج، حسب تعبيره.
وقلل مقري مما يطرحه البعض من أن وجود تحالفين إسلاميين يخوضان الانتخابات على القاعدة والبرنامج نفسهما تقريباً قد يضعف فرص كل منهما، وقال بهذا الخصوص: «طوال أيام الحملة الانتخابية شهد الجميع بقوة الحضور في تجمعاتنا، وإذا كانت الانتخابات فعلاً نزيهة فسنكون نحن في الصدارة... تحالفنا قوي واستطاع أن يقدم مرشحين في كل الولايات، وهو ما لم يستطع التحالف الآخر فعله، ولم يستطع حتى أن يحشد حضوراً قوياً مثلنا».
وشكك مقري في إمكانية تصدر حزب جبهة التحرير الوطني، وهو حزب بوتفليقة، أو أن يتمكن من تشكيل أو قيادة الحكومة المقبلة، بقوله إنه «بالنظر للأوضاع التي تمر بها جبهة التحرير من تشرذم وضعف شديد، فإنه ليس من المتوقع تماماً أن يقود الحكومة المقبلة... وكما قلت سابقاً، لو لم تُزور الانتخابات فسيكون لنا نصيب وافر»، لكنه استدرك بالقول إن موقعه سيكون بالمعارضة في حال لم يحصل إلا على مقاعد محدودة، وقال في هذا السياق: «نحن حزب سياسي كبير وبكل تأكيد سنشكل قوة بالبرلمان... ولكن في كل الأحوال سنلتزم بالقواعد السياسية المعروفة، فالحزب الذي ينجح هو من يشكل الحكومة، ومن لا ينجح يكون بالمعارضة، سواء كانت النتائج بالتزوير أو بإرادة الشعب».
من جهته، أكد أمين عام حركة النهضة محمد ذويبي أن التحالفات التي عقدتها الأحزاب الإسلامية خلال الانتخابات لن تكون مؤقتة.
وقال لوكالة الأنباء الألمانية إن «التحالفات سياسية وستدوم... فنحن في تحالف الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء قد نفتح الباب لانضمام أحزاب أخرى بعد الانتخابات... ونحن بحاجة لقوى سياسية مجتمعة على هدف الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».