تقييم المئوية في صفحات الجرائد الأميركية

مقال الرأي بقلم الرئيس الأميركي الذي نشرته «واشنطن بوست» أمس
مقال الرأي بقلم الرئيس الأميركي الذي نشرته «واشنطن بوست» أمس
TT

تقييم المئوية في صفحات الجرائد الأميركية

مقال الرأي بقلم الرئيس الأميركي الذي نشرته «واشنطن بوست» أمس
مقال الرأي بقلم الرئيس الأميركي الذي نشرته «واشنطن بوست» أمس

كما تتبعت جميع تحركاته في أعدادها الورقية وتحديثات مواقعها الإلكترونية، اختارت صحف الولايات المتحدة البارزة أن ترصد أو حتى تقيّم أداء قاطن البيت الأبيض الجديد دونالد ترمب في ذكرى 100 يوم على تسلمه الرئاسة.
وفي افتتاحيتها، أول من أمس السبت، تحت عنوان «رئاسة ترمب 100 يوم من الضوضاء»، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنه من الملائم أن ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترمب المائة يوم الأولى من حكمه في هجوم «متلعثم» ضد قانون «أوباماكير» للتأمين الصحي. وأضافت الصحيفة أن ترمب حاول و«فشل في الزج» بمشروع قانون إلى مجلس الشيوخ خلال هذا الأسبوع، في ظل عدم وجود أي فرصة لتمريره، فقط من أجل صناعة «وهم» بأنه يفعل شيئاً.
واختارت صحيفة «واشنطن بوست» أن تنشر مقال رأي بقلم ترمب أمس تحت عنوان «بعد 100 يوم ما زلت أحتفظ بوعودي للأميركيين»، قال فيه: «قبل 100 يوم، أديت اليمين الدستورية، وأخذت على نفسي عهداً بأننا لا ننقل السلطة السياسية فقط من طرف إلى آخر، ولكن بدلاً من ذلك ننقلها من واشنطن العاصمة ونعيدها إلى الشعب الأميركي كافة». وتابع: «إن وسائل الإعلام نفسها التي أخفت عن الشعب الأميركي هذه المشاكل - بل استفادت منها - لم تخبره بهذه القصة، ولذلك فإننا نوجه رسالتنا بشكل مباشر إلى أميركا برمتها». وتطرق إلى كثير من الملفات، منها التجارية والصحية والدفاعية والخارجية.
وفي نهاية المقال، قال الرئيس الأميركي إن «البيت الأبيض عاد مرة أخرى ليصبح بيت الشعب. وأنا سوف أفعل جل ما في وسعي لأكون رئيس الشعب؛ ولكي أمثل بأمانة وبصراحة وبفخر جميع المواطنين الذين يحبون هذه الأمة، ويدعون الله أن يباركها».
وبدورها، رصدت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية الإلكترونية مسيرة ترمب بالأرقام، وأبرزها أنه غرد 507 مرات، وحذف 11 منها على «تويتر»، وأنه أجرى 32 مقابلة إعلامية، 13 منها مع «فوكس نيوز»، وكرس 19 يوماً للعب الغولف، ولم يزر أي دولة أخرى، لكنه استضاف 16 قائد دولة، وأدار 22 اجتماعاً مع رجال الأعمال، وأوفى بـ11 وعداً من أصل 27 كان قد تعهد بإتمامهم بحلول مئويته.
من جانبها، أبرزت «ذا هيل» أن ترمب وقع 30 أمراً تنفيذياً، وهو ثاني أعلى عدد من المراسيم الرئاسية الموقعة خلال هذه الفترة بعد حقبة الرئيس الأسبق هاري ترومان. وأشارت الصحيفة، في مقال تحليلي، إلى أن هذا الفيض من الأوامر التنفيذية يبرز نية ترمب عكس أكبر قدر ممكن من منجزات أجندة الأعمال السياسية لسلفه باراك أوباما، بالتزامن مع السعي جاهداً لتحقيق انتصارات تشريعية بالكونغرس.
أما صحيفة «يو إس إيه توداي» فنشرت يوميات ترمب المائة الأولى كرئيس على موقعها الإلكتروني بالتفصيل من لحظة قيامه إلى وقت منامه.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.