الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على ضريبة المعاملات المالية

بعد اجتماعات لوزراء المال والاقتصاد استغرقت يومين في بروكسل

الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على ضريبة المعاملات المالية
TT

الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على ضريبة المعاملات المالية

الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على ضريبة المعاملات المالية

قال المفوض الأوروبي لشؤون الضرائب سيميتا ألغيرداس، إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كررت التزامها بخارطة طريق لتنفيذ ضريبة المعاملات المالية. وخلال المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماعات وزراء المال والاقتصاد ببروكسل التي استغرقت يومين، أضاف ألغيرداس أن «المفوضية ترحب بذلك، ولكن لا يزال هناك طريق أمامنا للوصول إلى تحقيق هذا الأمر، وعلى الدول الأعضاء العمل بكل إخلاص من أجل تحقيقه في الإطار الزمني المتوقع له»، وقال أيضا «صحيح أن الخطة أقل طموحا مما اقترحته المفوضية، ولكنها خطوة مهمة على الطريق للوصول إلى ضريبة المعاملات المالية ويجب أن تتحقق وبسرعة»، ونوه إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به الرئاسة اليونانية الحالية للاتحاد من تقييم لمواقف جميع الدول الأعضاء والمضي قدما للوصول إلى الحلول الوسط، «ونأمل أن نرى تقدما خلال الاجتماعات المقبلة».
وعارضت السويد المقترحات التي تقضي بفرض ضريبة على المعاملات المالية في دول الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة. وقال وزير المالية السويدي، اندرس بورغ، على هامش الاجتماعات، إن فرض ضريبة على المعاملات المالية «أمر غير فعال، كما أنه مكلف للغاية وله تأثير ضار على تمويل الاستثمارات وأسعار الفائدة في أوروبا». وأشار بورغ إلى أن اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بحث ملف فرض الضرائب على المعاملات المالية رغم وجود معارضة قوية بهذا الخصوص. من جهته، قال وزير المالية اليوناني، يانيس ستورناراس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي، إنه من المبكر للغاية التوصل إلى اتفاق جماعي بشأن ملف فرض الضرائب على المعاملات المالية. وقال وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، لنظرائه في الاتحاد الأوروبي، خلال مناقشة عامة، إن دولة سلوفينيا التي كانت تؤيد فرض الضريبة في السابق لم تقر البيان المشترك بسبب الإضرابات السياسية التي تواجهها في الداخل، وأوضح البيان أن تطبيق الضريبة سيكون تدريجيا مع التركيز في البداية على الأسهم وبعض المشتقات المالية.
ويشير البيان إلى «أنه يجب البدء بالخطوة الأولى بحلول الأول من يناير (كانون الثاني) 2016 على أقصى تقدير»، وسيبدأ الآن العمل في الجوانب الفنية للتنفيذ. وكانت 11 دولة بالاتحاد الأوروبي أعلنت الموافقة على المشاركة في الاقتراح الذي طرحته المفوضية الأوروبية عام 2010. وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على مسودة قرار لدعم فرض ضريبة على المعاملات المالية الأوروبية في 11 دولة عضوا بالاتحاد بـ522 صوتا مؤيدا مقابل 141 معارضا. وقال البرلمان الأوروبي، في بيان، إن اعتماد المسودة يدعم مقترح المفوضية الأوروبية حول وجود ضريبة على المعاملات المالية ومجموعة واسعة من الأدوات المالية سواء كانت الأسهم والسندات أو المشتقات.
وأكد البيان أهمية هذه الضريبة، «التي من شأنها أن تساهم أولا في الخروج وحل الأزمة المالية في الاتحاد ومن ثم العودة إلى وظيفتها الأساسية وهي خدمة الاقتصاد الحقيقي». وأوضح أن الدول التي ستطبق عليها ضريبة على المعاملات المالية هي النمسا وبلجيكا وإستونيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال وسلوفاكيا وسلوفينيا وإسبانيا. كما دعا الدول الـ11 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى المضي قدما في التوصل إلى اتفاق سريع على هذا الملف. ويأتي ذلك بعد أن قلصت المفوضية الأوروبية توقعاتها للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو، كما تكهنت باستمرار معدلات التضخم المنخفضة كتهديد للتوسع على الأقل خلال العامين المقبلين. وتقول تقارير إعلامية أوروبية ببروكسل إن «المركزي» الأوروبي، يدرس اتخاذ خطوات غير مسبوقة لتفادي خطر الانكماش، بما في ذلك أسعار فائدة سلبية أو التيسير الكمي. وتوقعت المفوضية ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بواقع واحد وسبعة في المائة في عام 2015، أي أقل بعشر النقطة من توقعات سابقة، فيما سيكون معدل التضخم عند ثمانية أعشار النقطة هذا العام وواحد واثنين العام المقبل. وخلال مؤتمر صحافي ببروكسل، بث نائب رئيس المفوضية، سييم كالاس، مشاعر من التفاؤل وقال: «منذ خروج الاقتصاد الأوروبي من الركود قبل عام، لا تزال التوقعات الاقتصادية مواتية. التعافي يكتسب أرضا بما في ذلك بالبلدان الضعيفة. السياسات التي نفذت في السنوات الأخيرة تؤتي ثمارها. الاستثمار ينتعش، في حين لا تزال البطالة مرتفعة في الكثير من الدول الأعضاء. وعلى مستوى البلدان، إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في الكتلة، سوف تستمر في امتلاكها لثاني أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي بعد اليونان هذا العام والعام المقبل». الانتعاش الاقتصادي المتواضع في إسبانيا قد يكتسب المزيد من الزخم وسط تحسن الثقة والاسترخاء في الظروف المالية، حيث يتوقع بقاء التضخم منخفضا ليصل إلى عشر النقطة المئوية هذا العام وثمانية أعشار النقطة المئوية في العام المقبل بسبب التراجع في أسعار الطاقة والطلب المتباطئ.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»