فرنسا بطلة العالم في الأعباء الضريبية

تقتطع 40% من الدخل و34% من الأرباح

فرنسا تتصدر قائمة الدول من حيث الضرائب والأعباء التي تتحملها رواتب العمال والموظفين (رويترز)
فرنسا تتصدر قائمة الدول من حيث الضرائب والأعباء التي تتحملها رواتب العمال والموظفين (رويترز)
TT

فرنسا بطلة العالم في الأعباء الضريبية

فرنسا تتصدر قائمة الدول من حيث الضرائب والأعباء التي تتحملها رواتب العمال والموظفين (رويترز)
فرنسا تتصدر قائمة الدول من حيث الضرائب والأعباء التي تتحملها رواتب العمال والموظفين (رويترز)

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريراً حديثا تناول كلفة العمل في دول المنظمة التي تضم 35 بلداً غنياً وصناعياً، مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا، إضافة إلى دول أخرى مثل تركيا وكوريا واليابان ونيوزيلندا والمكسيك وتشيلي. وأتت فرنسا في المقارنات التي وردت في التقرير على رأس القائمة من حيث الضرائب والأعباء التي تتحملها رواتب العمال والموظفين، بمعدل يصل إلى 40 في المائة بالنسبة لمتوسط دخل عائلة فيها فرد يعمل وتضم ولدين.
والمقارنة تركز على الرواتب المتوسطة، أي الغالبية العظمى من كتلة الأجور، ولا تتناول الرواتب المتدنية جداً، ولا المرتفعة جداً.
وقال التقرير إن «المقصود في ذلك يشمل الضريبة على الدخل والمساهمات والاشتراكات الاجتماعية التي يدفعها الموظف وصاحب العمل. وتلك المساهمات خاصة بالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية واشتراكات التأمينات والتقاعد وغيرها من البنود التي يقتطع مقابلها لتقديمات أخرى».. وأشار التقرير إلى أن «مجموع ذلك يشكل العبء الذي يقابل كل وظيفة، سواء على عاتق الموظف (أو العامل) والمؤسسة (أو الشركة) التي يعمل فيها».
وللمقارنة مع الوضع في فرنسا، فإن المعدل يبلغ 38.6 في المائة في إيطاليا، و34 في المائة في ألمانيا، و26.1 في المائة في الدنمارك، و20.8 في الولايات المَتحدة، و25.8 في المائة في بريطانيا... وينخفض ذلك المعدل إلى 6.2 في المائة في نيوزيلندا، و7 في المائة في تشيلي، و8.3 في المائة في آيرلندا. أما المتوسط العام في دول المنظمة فيبلغ 26.6 في المائة، أي أقل بنحو 13 نقطة مئوية من المعدل الفرنسي.
وأثار التقرير نقاشاً بين عدد من المرشحين للرئاسة الفرنسية التي تجري حملاتها حاليا، بين مؤيد لخفض الأعباء ومعارض لذلك. ويقول اقتصاديون رداً على مقولة «الجحيم الضريبي الفرنسي» التي باتت على كل شفة ولسان بين أصحاب العمل والمستثمرين: إن «للخدمات الاجتماعية والعامة ثمناً. وتلك الخدمات تشمل التغطية الصحية وبدلات البطالة، وغيرها من التقديمات التي تفتقدها دول اختارت خفض الضرائب وتخفيف الاقتطاعات من الرواتب، تاركة على عاتق مواطنيها العاملين أعباءً يتحملونها بأنفسهم؛ مثل الضمان الصحي الخاص، أو الاكتتاب في أقساط تأمين بطالة وتقاعد».
ويضيف هؤلاء: إن «النظام الاجتماعي المعمول به منذ عقود، سواء كانت السلطة بيد اليمين أم اليسار الفرنسي، يفرض على العمال وأصحاب العمل المساهمة فيه تحقيقاً للعدالة الاجتماعية». ويدعم هؤلاء قوة النقابات وحضورها في أي نقاش خاص بالتقديمات والحماية الاجتماعية مقابل العمل، ويشكلون أساس الناخبين اليساريين.
في المقابل، يرد منتقدو هذا الوضع - ولا سيما بين أوساط ناخبي اليمين - بأن «الاقتصاد الفرنسي يفقد تنافسيته تدريجياً بعدما وصل عدد الضرائب والرسوم والاقتطاعات والاشتراكات على أنواعها المختلفة إلى نحو 300 بند، كما ورد في تقرير للبرلمان الفرنسي صدر مؤخرا ليحذر من هذا التفاقم وأثره في مناخ العمل والاستثمار»، حتى باتت جملة الاقتطاعات تشكل 45 في المائة من الناتج، وفقاً لإحصائية أعدها الاقتصادي كريستيان سانت إيتيين.
ويضيف منتقدو هذا الوضع: إن «الشركات تعاني الأمرّين لتستطيع إنتاج سلع وخدمات بكلفة تنافس فيها، سواء محليا أم خارجيا. ومن دلائل فقدان التنافسية العجز التجاري المزمن، الذي بلغ في عام 2016 نحو 48 مليار يورو، فضلاً عن انخفاض معدل الاستثمار في فرنسا قياسا بدول صناعية أخرى، وهجرة الرساميل إلى مناطق تنخفض فيها كلفة العمل والإنتاج».
وأشار تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن «فرنسا خففت الأعباء قليلا خلال السنة الماضية، وتسعى خلال 2017 و2018 إلى التخفيف أكثر عن كاهل الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومع ذلك تظل الأعباء على متوسط رواتب الأسر والشركات الأعلى بين الدول الغنية. وهذه الأعباء تشكل عائقا أمام التوظيف؛ لأن صاحب العمل يجد نفسه مضطرا إلى دفع مساهمات مقابل كل راتب لموظفيه؛ الأمر الذي يرفع كلفة إنتاجه ويخفض تنافسيته ويدفعه إلى خلق فرص عمل أقل مما يحتاج إليه الاقتصاد».
وتلك المعضلة تأتي لتندرج ضمن الأسباب التي ترفع معدل البطالة، الذي وصل في فرنسا إلى 10 في المائة من إجمالي القوى العاملة، بعدد ناهز 3.5 مليون عاطل عن العمل في فرنسا، كما في نهاية الشهر الماضي. والمعدل الفرنسي أعلى من المتوسط الأوروبي العام، وأعلى بكثير من معدلات البطالة المسجلة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، التي فيها بطالة أقل من 5 في المائة.
إلى جانب ضرائب الدخل والاقتطاعات الأخرى من الراتب، يذكر أيضاً أن فرنسا تأتي على رأس قائمة الدول الأوروبية من حيث الضرائب المفروضة على أرباح الشركات، وبمعدل 33 في المائة، وترتفع النسبة إلى 34.3 في المائة إذا أخذنا في الاعتبار الضريبة الإضافية الخاصة المفروضة على الشركات الكبرى، مقابل معدل 23 في المائة للمتوسط الأوروبي العام. وبعد فرنسا تأتي دول مثل إيطاليا وألمانيا، أما الأدنى من حيث ضرائب أرباح الشركات فهي آيرلندا بنسبة 12.5 في المائة، والتشيك والمجر بمعدل 19 في المائة، ثم بريطانيا واليونان بمعدل 20 في المائة.
وبعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، حصل تسابق أوروبي على خفض معدلات ضرائب الأرباح طمعاً في جذب استثمارات أجنبية، لكن فرنسا نأت بنفسها نسبياً عن هذا السباق وحرصت على ضبط عجز الموازنة بالإبقاء على نسب ضرائب مرتفعة. أما قائمة الدول التي شهدت خفضا كبيرا في معدلات ضرائب أرباح الشركات فتضم آيرلندا وبريطانيا وبولندا والدنمارك وفنلندا وهولندا، وتلك الدول حصدت مقابل ذلك استثمارات إضافية خلقت فرص عمل خفضت نسب البطالة، علما بأن التقديمات الاجتماعية فيها أقل من تلك التي في فرنسا.



«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.