تقدم في العلاقات الروسية ـ اليابانية مع بقاء الخلاف على جزر الكوريل

بوتين وآبي يظهران حرصاً على توسيع التعاون وتوقيع اتفاقية سلام

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال محادثاتهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال محادثاتهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

تقدم في العلاقات الروسية ـ اليابانية مع بقاء الخلاف على جزر الكوريل

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال محادثاتهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال محادثاتهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)

لا تنوي اليابان التخلي عن حقها في جزر الكوريل، لكنها تسعى إلى توسيع التعاون مع روسيا وحل النزاع معها حول الجزر ومن موقع «الدولة الصديقة»، وكذلك لا تنوي روسيا التخلي عن تلك الجزر، لكنها تحاول بناء علاقات مع اليابان وتعزيز الثقة، على أمل التوصل مستقبلاً إلى حل يرضي الجانبين للنزاع حول الكوريل، وصولاً إلى توقيع اتفاقية سلام يحاول الجانبان توقيعها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن الخلاف على الجزر يحول دون ذلك حتى اليوم.
هذه هي التوجهات الرئيسية للعلاقات اليابانية - الروسية وفق ما عرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال محادثاتهما في العاصمة الروسية موسكو أمس. وكان لافتًا أن ركز بوتين في المؤتمر الصحافي المشترك عقب المحادثات على الجانب الاقتصادي، فأشار إلى مجالات التعاون بين البلدين، في إطار خطة العمل المشتركة التي تشمل مجالات الصناعة والزراعة والصحة والبنى التحتية، وتطوير قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وقال: «العمل المشترك في هذه المجالات سيحصل على تمويل من صندوق استثماري روسي - ياباني بقيمة مليار دولار». وتوقف عند المجال النووي الحساس بالنسبة لليابانيين، فاقترح على ضيفة الياباني توسيع التعاون في مجال الطاقة، والمساعدة في إعادة تأهيل محطة «فوكوشيما 1»، والتخلص من الفضلات النووية، ولفت انتباه الجانب الياباني إلى عامل إغراء آخر، حين أشار إلى أن دخول رجال الأعمال اليابانيين مع مشاريعهم إلى مناطق أقصى شرق روسيا، لن يعني دخولهم السوق الروسية فحسب، بل وأسواق الجمهوريات السوفياتية السابقة، عبر روسيا.
بعد هذه المقدمة الاقتصادية الموسعة، أشار بوتين إلى أنه تناول مع آبي اتفاقية السلام، وقال إنها «تخدم المصالح الاستراتيجية للبلدين»، وأكد، في سياق متصل، الاتفاق على بدء العمل بموجب خطة المشاريع الاقتصادية المشتركة التي اقترح آبي تنفيذها على جزر الكوريل، تمهيدا للتوصل إلى حل للنزاع حولها، ومن ثم توقيع اتفاقية السلام.
وفي بادرة حسن نية، وخطوة صغيرة أولى على درب حل أزمة الكوريل، أعلن بوتين أن روسيا ستسمح هذا العام لليابانيين الذين كانوا يعيشون سابقا على تلك الجزر بزيارتها، لافتًا إلى أنه اتفق مع آبي على بدء العمل في تنفيذ المشاريع المشتركة في تلك الجزر.
من جانبه، كان شينزو آبي حريصا على تأكيد التعاون مع روسيا في مسألة تحتل الصدارة في أولويات السياسات الخارجية والداخلية للكرملين، وهي التصدي للإرهاب الدولي. غير أن اهتمامه الرئيسي كان موجهاً نحو أزمة الكوريل، فأشار إلى اتفاقه مع الرئيس بوتين على السماح لليابانيين بزيارة قبور أسلافهم في تلك الجزر، وأنه سيتم افتتاح «البيت الروسي - الياباني» المشترك هناك، واعتبر أن بدء تنفيذ المشاريع المشتركة يشكل خطوة نحو المستقبل، معربا عن أمله في تعاون متزايد بين البلدين، وصولاً إلى التوقيع على اتفاقية السلام المأمولة، مؤكدًا «الرغبة المشتركة في المضي حتى النهاية وتوقيع الاتفاقية».
وإلى جانب النبرة الإيجابية حول آفاق التعاون بين موسكو وطوكيو، شكل التوتر في شبه الجزيرة الكورية عامل تقارب آخر بين البلدين؛ إذ عبر بوتين وآبي عن قلقهما المشترك إزاء تدهور الوضع هناك، ووجها نداء مشتركا لكل الدول المنخرطة في شؤون شبه الجزيرة الكورية، بضبط النفس والابتعاد عن الخطاب الحربي، والسعي للحوار، بما في ذلك «الاستئناف العاجل للمفاوضات في إطار (السداسية)»، حسب قول بوتين.
من جانبه، قال آبي إن روسيا واليابان تطالبان كوريا الشمالية بتنفيذ قرار مجلس الأمن حول حظر تصنيع الأسلحة النووية. ويبدو أن طوكيو تعول على دور روسيا في نزع التوتر في المنطقة.
ويضع مراقبون النتائج الإيجابية لـ«محادثات بوتين - آبي» في موسكو أمس في سياق تطوير نتائج ما اتفقا عليه خلال زيارة بوتين إلى اليابان منتصف ديسمبر (كانون الأول) عام 2016؛ حيث أجرى محادثات مع آبي، وتناول معه قضية جزر الكوريل، وأكد حينها أن مصالح البلدين تتطلب التوصل إلى حل مستدام لتلك القضية، وعد أن عدم توقيع معاهدة سلام بين البلدين مفارقة تاريخية، ودعا إلى العمل المكثف لتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين وتوطيد العلاقات الروسية - اليابانية في شتى المجالات. ورحب بوتين خلال تلك الزيارة بخطة جديدة للتعاون في جزر الكوريل الجنوبية، طرحها رئيس الوزراء الياباني، وتنص على إطلاق أنشطة اقتصادية مشتركة في المنطقة المتنازع عليها، وتطوير آلية التعاون بين الدولتين. ورأى الرئيس الروسي أن تلك الخطة قد تساهم في تهيئة الأجواء للتوصل إلى حل دائم لأزمة جزر الكوريل، وتوقيع معاهدة سلام بين البلدين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.