تونس: ولاية تطاوين الغاضبة تستقبل رئيس الحكومة بإضراب عام

المحتجون طالبوا بالتوظيف وتخصيص قسط من عائدات البترول لتنمية منطقتهم

جانب من الاحتجاجات في العاصمة التونسية للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة التونسية للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
TT

تونس: ولاية تطاوين الغاضبة تستقبل رئيس الحكومة بإضراب عام

جانب من الاحتجاجات في العاصمة التونسية للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة التونسية للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)

قام رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أمس بزيارة إلى مدينة تطاوين (جنوب)، حيث أعلن وسط جو مشحون عن إجراءات لفائدة هذه الولاية، التي تشهد منذ أسابيع احتجاجات للمطالبة بالتنمية، والتي استقبلت رئيس الحكومة الذي جاء مرفوقا بعدد من وزرائه، بإضراب عام وفق ما لاحظ صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان عينه.
وقال الشاهد في خطاب ألقاه بمقر ولاية تطاوين، وحضره مسؤولون وعدد من مواطني المنطقة، إن «حق تطاوين في التنمية ليس منّة من أحد»، واعترف بوجود اختلال مناطقي في التنمية بالبلاد منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
وإثر الخطاب ووسط أجواء صاخبة، أعرب حاضرون عن عدم رضاهم عن الإجراءات التي أعلنها الشاهد، إذ قال مواطن متوجها بالخطاب إلى رئيس الحكومة: «نصيب تطاوين من البترول لم يأت... لماذا لا نأخذ حقنا من البترول... التنمية منعدمة في تطاوين»، التي تعتبر ولاية منتجة للبترول.
وأضافت امرأة بلهجة غاضبة «شبابنا إما يموت في الهجرة غير الشرعية قبل بلوغه الضفة الشمالية للمتوسط، أو يحرق نفسه بالبنزين»، في إشارة إلى ظاهرة الانتحار حرقا التي برزت في تونس خلال السنوات الأخيرة.
في حين ندد مواطن غاضب بعدم إيفاء الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، بوعود بتنمية الولاية التي ترتفع فيها معدلات البطالة، وقال بهذا الخصوص إنه «يجب محاسبة العصابة الحاكمة» قبل أن يردد أغلب الحاضرين «شغل، حرية، كرامة، وطنية»، وهو أحد الشعارات الرئيسية للثورة التونسية.
وشهدت تطاوين إضرابا عاما في 11 من أبريل (نيسان) الحالي، طالب فيه السكان بوظائف في شركات البترول التي تستغل حقول النفط في تطاوين، وبتخصيص قسط من عائدات البترول لتنمية الولاية. وأغلقت الأسواق والبنوك والمحلات التجارية أبوابها أمس في ولاية تطاوين، وانتشرت بقايا عجلات مطاطية محترقة ببعض الطرقات التي أغلقها محتجون في الأيام الماضية.
لكن تطاوين لا تعد حالة معزولة، فقد شهدت عدة مناطق بتونس في المدة الأخيرة عدة احتجاجات للمطالبة بالتنمية.
من جهة ثانية، أعلن فرحات الحرشاني، وزير الدفاع التونسي، عن البدء في تركيز منظومتين إلكترونيتين لحماية الحدود وتدعيم مراقبتها، وذلك قبل اجتماع اللجنة العسكرية التونسية - الأميركية بواشنطن نهاية هذا الأسبوع، من أجل التشاور حول آفاق التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة الأميركية، وقال الحرشاني أمس لدى مشاركته في منتدى حول دور وزارة الدفاع في مكافحة الإرهاب، إن كل الحدود التونسية ستكون خلال الأشهر المقبلة محمية تماما ضد تسلل العناصر الإرهابية، وتهديد أمن واستقرار البلاد، مبرزا أن المنظومتين ستكونان جاهزتين للاستعمال في ظرف سنة من الآن.
وعلى الرغم من الجهود الكبرى التي بذلتها تونس في مكافحة الإرهاب، فقد أقر الحرشاني بتواصل التهديدات الأمنية على المستوى الإقليمي بسبب تفاقم الأزمة السياسية في ليبيا المجاورة.
وكان الحرشاني قد أطلع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على برامج الوزارة المتعلقة باقتناء معدّات وتجهيزات جديدة، وعلى برامج التكوين والخطوط العريضة «للكتاب الأبيض للأمن والدفاع»، الذي ينكب المعهد الوطني على الدفاع عن إعداده. كما توقف عند التحسن المطرد للوضع الأمني بالبلاد، وتقدّم أشغال منظومة المراقبة الإلكترونية على طول الحدود الجنوبية الشرقية.
وبخصوص منظومة المراقبة الإلكترونية للحدود، قال الحرشاني إن القسط الأول انطلق من منطقة رأس جدير (منطقة العبور بين تونس وليبيا) في اتجاه المعبر الحدودي بمنطقة الذهيبة - وازن، مبرزا أنه تم خلال الفترة الماضية الشروع في تركيز منظومة إلكترونية ثانية تبدأ من منطقة الذهيبة، وتصل إلى برج الخضراء (أقصى نقطة جغرافية جنوب تونس)، وستكون جاهزة في ظرف سنة، وقال إن الجيش قام بدوره كما يجب في حماية الحدود التونسية.
أما بخصوص ما قدمته وزارة الدفاع في نطاق استراتيجيتها في مجال مكافحة الإرهاب، فقد أوضح الحرشاني أنها تعتمد على أربعة محاور هي الوقاية، والتكوين، والاستشراف، واقتناء المعدات العسكرية الجديدة. وقال في تقييمه للوضع الأمني للبلاد إنه «مميز مقارنة بالأوضاع الأمنية في عدة دول».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.