أوروبا متفائلة رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي

المركزي الأوروبي يثبت أسعار الفائدة... ودراغي: الانتعاش الاقتصادي يزداد متانة

رئيس {المركزي الأوروبي} خلال مؤتمر صحافي في مقر البنك بفرانكفورت أمس (رويترز)
رئيس {المركزي الأوروبي} خلال مؤتمر صحافي في مقر البنك بفرانكفورت أمس (رويترز)
TT

أوروبا متفائلة رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي

رئيس {المركزي الأوروبي} خلال مؤتمر صحافي في مقر البنك بفرانكفورت أمس (رويترز)
رئيس {المركزي الأوروبي} خلال مؤتمر صحافي في مقر البنك بفرانكفورت أمس (رويترز)

عنون ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي اجتماع أمس بأن المخاطر المحيطة بتوقعات النمو في منطقة اليورو، لا تزال مائلة إلى الجانب السلبي بسبب ارتباطها بالعوامل العالمية في الوقت الذي يحاول فيه واضعو السياسات تحقيق أكثر توازن ممكن.
وقدم دراغي رسالة مشجعة على انتعاش عالمي أقوى وزيادة التجارة العالمية إلى أن الطلب الأجنبي ينبغي أن ينمو بشكل متزايد، مع زيادة القدرة على التوسع الاقتصادي لمنطقة اليورو، ولا تزال هناك حاجة إلى درجة كبيرة جدا من الاحتواء النقدي للضغوط التضخمية لدعم التضخم الأساسي على المدى المتوسط.
وأبقى المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة والسياسة النقدية دون تغيير، ليستمر التحفيز الذي يقدمه في ظل بقاء معدلات التضخم دون المستهدف رغم تسارع النمو، وبهذا يظل سعر الإيداع دون الصفر منذ 2014 ويخطط البنك لشراء سندات بما لا يقل عن 60 مليار يورو شهريا حتى ديسمبر (كانون الأول) على الأقل، وذلك في مواجهة تضخم لا يكاد يذكر منذ سنوات.
وحافظ البنك المركزي على سعر ودائع ليلة واحدة، وهو سعر الفائدة الرئيسي حاليا، عند - 0.40 في المائة وسعر إعادة التمويل الرئيسي الذي يحدد تكلفة الائتمان في الاقتصاد عند صفر في المائة وسعر الإقراض الحدي، وهو سعر الاقتراض الطارئ للبنوك لليلة واحدة، عند 0.25 في المائة.
وتوقعت «الشرق الأوسط» أن تظل أسعار الفائدة في منطقة اليورو «معلقة» حتى عام 2019، كون اقتصاد منطقة اليورو آخذا في التعزيز، فالسيناريو الأكثر ترجيحا أن تزداد أسعار الفائدة إلى 2 في المائة حتى عام 2022.
وأعلن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي خلال مؤتمر صحافي عقده في فرانكفورت أن الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو «يزداد متانة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجوب أن يستمر التضخم بشكل ثابت.
وقال: «الأرقام المتوفرة منذ مارس (آذار) الماضي تؤكد أن الانتعاش الاقتصادي الدوري في منطقة اليورو يزداد متانة»، وكان دراغي ورئيس قسم الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي بيتر بريت شددا في الأسابيع الماضية على المخاطر التي تحدق باقتصاد منطقة اليورو، على خلفية المخاوف من اعتماد الولايات المتحدة سياسة حمائية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصعود الحركات الشعبوية في أوروبا.
إلا أن بونوا كوريه العضو في مجلس إدارة المؤسسة، اعتبر أن ثمة ما «يوازن» المخاطر بشكل وافر، مشيرا إلى إمكانية تطبيع السياسة النقدية للمؤسسة قريبا.
ومن غير المتوقع أن يقدم ماريو دراغي تعهدات «للصقور» المؤيدين لسياسة نقدية أكثر صرامة، مذكرا بأن الظروف من أجل عودة التضخم إلى المستوى المطلوب بصورة دائمة لم تتوفر بعد.
وفي إطار برنامج إعادة شراء الديون، تقوم المؤسسة منذ مطلع أبريل (نيسان) بشراء ديون، هي بصورة رئيسية ديون عامة بقيمة 60 مليار يورو شهريا، مقابل 80 مليار يورو سابقا. واشترى البنك المركزي منذ البدء بهذه الخطة عام 2015 ما يزيد على 1500 مليار يورو من سندات الدولة و80 مليار يورو من سندات القطاع الخاص، على أمل أن تسمح هذه السيولة التي يضخها في السوق بدعم الانتعاش الاقتصادي.
كما وعد البنك المركزي الأوروبي بإبقاء أدواته التقليدية، أي معدلات الفائدة، بمستوياتها المتدنية جدا لفترة طويلة، وهو لا يعتزم تغييرها قبل انتهاء برنامج إعادة شراء الديون.
إلا أن عددا متزايدا من المراقبين، ولا سيما في ألمانيا، يخشون من مخاطر هذه السياسة على المدى البعيد، ويدعون المؤسسة المالية إلى الحد منها، خصوصا أن الأسعار عاودت الارتفاع بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
إلا أن التضخم في منطقة اليورو تراجع مجددا في مارس إلى 1.5 في المائة بالمقارنة مع نسبة 2 في المائة المسجلة في الشهر السابق، والتي كانت مطابقة لهدف البنك المركزي الأوروبي متوسط الأمد، القاضي بتحقيق ارتفاع في أسعار الاستهلاك أقل بقليل من 2 في المائة.
وكانت معاودة الأسعار ارتفاعها حتى فبراير (شباط) الماضي مرتبطة بشكل أساسي بأسعار الطاقة التي تراجعت عام 2015 على خلفية انهيار أسعار النفط. إلا أن خبراء الاقتصاد أشاروا إلى أن هذا التأثير تبدد منذ ذلك الحين.
وكان ماريو دراغي أكد مرة جديدة مؤخرا خلال الاجتماع الربيعي لصندوق النقد الدولي في واشنطن أن البنك المركزي الأوروبي مستعد لتكثيف سياسة شراء الديون مرة جديدة «في حال تدهور الظروف مستقبلا أو إذا حالت الأوضاع المالية دون التقدم نحو وتيرة متواصلة للتضخم»، مشددا على أن دعم البنك المركزي الأوروبي «مطلوب على الدوام».
ويدعو بعض أعضاء المجلس ولا سيما رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان إلى أن تكيف الهيئة المالية على وجه السرعة خطابها بمواجهة آخر تطورات التضخم والانتعاش الاقتصادي المسجل في منطقة اليورو.
ويترقب الخبراء الكثير من اجتماع يونيو (حزيران) المقبل حيث قد يعمد البنك المركزي إلى تخفيض نبرته على أساس توقعات التضخم والنمو الجديدة لمنطقة اليورو.
وأكد رئيس المركزي الأوروبي أن النمو الاقتصادي آخذ في التحسن قائلا: «الانتعاش واسع وصلب»، فيما أشار إلى أنه لم يناقش مجلس البنك استراتيجية الخروج من خطة شراء الأصول، في الوقت الذي انتشرت فيه ادعاءات بأن برنامج التحفيز خلق المزيد من عدم المساواة بين دول المنطقة الـ19. وأشار دراغي إلى أن مؤشر البطالة انخفض إلى أدنى مستوى له منذ بداية الأزمة، «لا يوجد مقياس أفضل لزيادة المساواة من زيادة العمالة»، وفقا لدراغي.
ودعا دراغي السياسيين في منطقة اليورو إلى بذل المزيد من المجهود لمساعدة الذين فقدوا وظيفتهم نتيجة العولمة، قائلا: «سيكون من الخطأ تجاهل عدم الاستقرار الاجتماعي في منطقة اليورو». ورد دراغي بحذر حول الوضع في الولايات المتحدة، خلال زيارته لواشنطن العاصمة لاجتماع وزراء مالية العشرين، أن الاجتماعات خرجت بنتيجة توحي بتراجع خطر الحمائية.
وحول الانتخابات الفرنسية قال دراغي إن مجلس البنك يناقش السياسات وليس السياسة، لكنه اعترف بأن المركزي يقوم باستيعاب المعلومات حول عدم اليقين السياسي المحتمل الذي قد يؤثر على قدرته في تحقيق هدف التضخم في المدى المتوسط، وفعليا لم يقدم دراغي أي شيء مثير للجدل حول الانتخابات الفرنسية.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».