حشرات بق الفراش تتسبب بمتاعب صحية ويصعب القضاء عليها

تقاوم أقوى المبيدات الكيميائية

حشرات بق الفراش تتسبب بمتاعب صحية ويصعب القضاء عليها
TT

حشرات بق الفراش تتسبب بمتاعب صحية ويصعب القضاء عليها

حشرات بق الفراش تتسبب بمتاعب صحية ويصعب القضاء عليها

حذر الباحثون من جامعة بيردو بولاية إنديانا الأميركية من تنامي الصعوبات في القضاء على أنواع بق الفراش Bed Bugs، وقالوا إن حشرات بق الفراش طورت من قدراتها على مقاومة المبيدات الحشرية Insecticide Resistance، وتحديداً تجاه اثنين من أقوى المبيدات الحشرية الشائعة الاستخدام، وأفادوا بأن حشرات بق الفراش ربما لم يعد ممكناً هزيمتها والقضاء عليها باستخدام المواد الكيميائية فقط، في إشارة إلى ضرورة اتخاذ الخطوات الأخرى الوقائية والعلاجية لتفشي تلك الأنواع من الحشرات.
وكان المتخصصون في علوم الحشرات بجامعة مانيتوبا بكندا أصدروا نشرة إخبارية تحذيرية حول قرص الحشرات بخاصة نوع حشرات القراد Ticks في 5 أبريل (نيسان) الماضي. وأفادوا بأن حشرة القراد تصبح نشطة أكثر مع بدء الدفء في أجواء الطقس، وعليه، يجدر اتباع الخطوات السليمة لحماية النفس وأفراد الأسرة من قرص هذه النوعية من الحشرات ذات الثمانية أرجل حينما يكون المرء خارج أو داخل المنزل.
طقس ملائم
ونظراً لما تتم ملاحظته خلال السنوات الماضية من حصول شتاء معتدل في البرودة، يليه ربيع مصحوب بزخات متفرقة من المطر وموجات عواصف الغبار، ثم صيف شديد الحرارة، فإن الفرص تتهيأ بشكل أكبر لظهور الحشرات في المنازل والحدائق المحيطة بها، وترتفع نتيجة لكل ذلك الإصابات بقرص الحشرات. كما أن من الملاحظ في السنوات القليلة الماضية أنه مع بدء دخول شهر أبريل (نيسان)، يبدأ البعوض وأنواع مختلفة من الحشرات بالتكاثر والانتشار.
وتذكر المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها، أن بق الفراش حشرة صغيرة ومسطحة، وهي من الحشرات الطفيلية التي تتغذى فقط على دم الناس والحيوانات، أثناء نومهم. وحشرة بق الفراش صغيرة الحجم يمكن أن تعيش عدة أشهر دون تناول وجبة طعام من دم الإنسان أو الحيوان. ويتم العثور على بق الفراش في جميع أنحاء العالم من أميركا الشمالية والجنوبية، إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا. وعلى الرغم من أن وجود البق في الفراش يعتد تقليديا مشكلة في البلدان النامية، فإنها انتشرت بسرعة في أجزاء من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأجزاء أخرى من أوروبا. وتم العثور على بق الفراش في فنادق «5 نجوم» والمنتجعات، ووجودها لا تحدده فقط الظروف المعيشية حيث يتم العثور عليها.
ووفق ما تم نشر ضمن عدد 10 أبريل (نيسان) الحالي من مجلة «اقتصاد الحشرات» Journal of Economic Entomology، قال الباحثون من جامعة بيردو الأميركية في ملخص نتائج دراستهم إن مقاومة المبيدات الحشرية أصبحت اليوم هي العقبة الرئيسية للسيطرة الفعالة على حشرات بق الفراش، أو ما تُعرف علمياً باسم «سيمكس ليكتولاريوس» Cimex lectularius.
وكانت الدراسات السابقة حول مقاومة حشرات البق للمبيدات الحشرية قد ركزت على أنواع منها، وكانت النتائج تفيد بمحدودية تلك المقاومة لمفعول المبيدات الحشرية، وهو ما يُبرر ارتفاع وتيرة انتشار بق الفراش في كثير من المدن الرئيسية بالولايات المتحدة رغم استخدام المبيدات الحشرية. ولكن في هذه الدراسة تم إجراء تطوير للاختبارات الحيوية بغية تقييم مستويات الحساسية لدى حشرات البق إزاء نوعين مهمين من أنواع المبيدات الحشرية وهما: المركبات المحتوية على بايفينثرينBifenthrin - Containing Products وكلور فيناباير Chlorfenapyr - Containing Products.
وكان الباحثون قد جمعوا 10 مجموعات من حشرات بق الفراش من إنديانا ونيوجيرسي وأوهايو وتينيسي وفرجينيا وواشنطن العاصمة، وتم تعريضها لأنواع من المبيدات الحشرية لمدة 7 أيام. وفي النتائج تمت ملاحظة تدني قدرة المبيدات الحشرية على إبادة 5 مجموعات من حشرات البق مختلفة المصادر المكانية.
خطوات الحماية
وأفاد الباحثون بأن القلق من انتشار المقاومة للمبيدات الحشرية ليس أمراً حديثاً، وعلق الدكتور اميا غونداليكار، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ مساعد في علم معالجة الحشرات بجامعة بيردو، بالقول: «كلما طالت مدة استخدام مبيد حشري معين للقضاء على نوع معين من الحشرات، ارتفعت وتيرة انتشار قدرة مقاومته من قبل الحشرات المستهدفة».
وكان الباحثون من جامعة كنتاكي قد أفادوا عام 2015 في نتائج دراستهم بأن 68 في المائة من المتخصصين في معالجة الحشرات يعتبرون أن بق الفراش أحد أشرس أنواع الحشرات التي يصعب التغلب عليها وإبادتها. والمبيدات الحشرية من نوع المركبات المحتوية على بايفينثرين، والتي تم اختبار مدى انتشار مقاومتها بين حشرات البق هي مواد كيميائية تعمل على ضرب الجهاز العصبي لحشرة البق، وعادة تتوفر في محلات بيع المبيدات الحشرية ويُمكن استخدامها من قبل عموم الناس وتكون إما على هيئة بخاخ أو حبيبات. بينما المبيدات الحشرية من نوع المركبات المحتوية على كلور فيناباير، والتي أيضاً تم اختبار مدى انتشار مقاومتها بين حشرات البق، هي مواد كيميائية تعمل على استهداف ميتاكوندريا خلايا جسم حشرات البق لتعطيل عمل الخلية نفسها، وعادة يقتصر استخدامها على أنها مبيدات حشرية من قبل المتخصصين في إبادة الحشرات.
وأشار الدكتور غونداليكار إلى أن هذه المنتجات تعمل ضد أنواع من مجموعات حشرات البق ولا تزال حتى اليوم عنصراً مهماً في إدارة القضاء على تلك النوعية من الحشرات، ولكن من أجل إبقائها فاعلة لتكون مفيدة خلال السنوات المقبلة ومنع تكوين قدرة المقاومة ضدها من قبل حشرات البق، ينبغي أن تُستخدم بشكل مقنن ومتقن، وأن يتم التعامل مع بق الفراش بنهج تكاملي Integrative Approaches في المكافحة، أي استخدام المبيدات الحشرية يجب ألا يكون هو الوسيلة الوحيدة في التعامل مع حشرات بق الفراش؛ بل جنباً إلى جنب مع الوسائل غير الكيميائية للقضاء عليها.
وأضاف أنه تبقى اليوم فرص عالية للقضاء على حشرات بق الفراش، حتى الأنواع التي بدأ لديها تكون المناعة، إذا ما اقترنت وسيلة استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية مع الحلول البديلة غير الكيميائية، مثل استخدام الحرارة والبخار وهلام السيليكا على سبيل المثال.
وبق الفراش لا يُعتبر من الآفات الصحية الخطيرة والمهددة لسلامة حياة الإنسان، ولكن لدغات حشرات البق تسبب الحكة والحساسية وتقضّ مضجع الإنسان لتحرمه من النوم المريح، وإصابات القرص قد تكون صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً لزوالها. ولكن لحسن الحظ، يُمكن فعل الكثير في خطوات منع الإصابة بها وانتشارها، وذلك بالاهتمام بالنظافة عبر استخدام المكنسة الكهربائية لشفط الأوساخ عن قطع الأثاث، واستخدام أنواع من أغطية الفراش المقاومة لوجود حشرات البق عليها، وغيرها من الوسائل التي تتم بها الوقاية ويتم بها القضاء المبكر على تلك النوعية من الحشرات وغيرها.

نصائح للوقاية من بَقّ الفراش

> تشير نشرات الباحثين من «مايو كلينك» إلى أنه إذا كان في منزلك حشرات البق، فإنه يُمكنك تقليل تعرضك للقرصات عبر ارتداء ملابس نوم سابغة لتغطية أكبر قدر ممكن من مساحة الجلد. وفي سبيل وقاية منزلك من أن تستوطنه حشرات البق السريري، عليك باتباع النقاط التالية:
> تفحص جيداً قطع الأثاث المستعملة عند شرائها، خصوصاً قبل إدخالها إلى منزلك.
> احرص على تلقي خدمات فحص الأثاث المنزلي وأجزاء البيت من قبل المتخصصين في محاربة الحشرات المنزلية، وذلك بصفة دورية ومستمرة.
> استخدم الناموسية المزودة بالمواد الطاردة للحشرات عند الإقامة في المناطق الاستوائية الحارة.
> تفحص جيداً أي غرفة ستقطنها أثناء رحلاتك أو إجازاتك، حتى في أرقى الفنادق أو الشقق المفروشة.
> بعد عودتك من الإجازة أو الرحلة، تفحص جيداً قطع أمتعتك وما فيها من ملابس أو غيرها، وذلك لاحتمال وجود أي من الحشرات أو بيضها الصغير.
> تغيير الشراشف وغيرها من أغطية الوسائد أو الأسرة المنزلية مرة كل أسبوع على أقل تقدير، مع الحرص على غسلها بالماء الساخن.
> تنظيف المنزل بشكل سليم على أقل تقدير مرة في الأسبوع، من خلال شفط المكنسة الكهربائية، بخاصة للمناطق المحيطة بالأسرّة وغيرها من الأماكن العميقة في قطع الأثاث.
> سد وإصلاح أي ثقوب في الأثاث أو الجدران.
> رش المبيدات الحشرية المنزلية على قطع الأثاث القديمة وخلفيات ظهر السرير وحتى المراتب القديمة.

حشرة بَقّ الفراش... إزعاج ليلي

> تختبئ حشرة بق الفراش أثناء النهار في أماكن مثل طبقات الفرش وأطر السرير والألواح الأمامية له وطاولات غرفة النوم وداخل الشقوق أو في أي فوضى للأثاث أو الملابس أو أشياء أخرى حول السرير. وحشرة بق الفراش قادرة على السفر أكثر من 100 قدم في الليل، ولكن تميل إلى العيش في غضون 8 أقدام بالقرب من حيث ينام الناس. ولأن الحشرات هذه لا تنشط إلا في الليل، فإن من الصعب تبين وجودها عند فحص المنزل أو أثاثه أثناء النهار، ما يتطلب القيام بذلك وبعناية أثناء الليل.
والحشرة البنية اللون، التي لا يتجاوز طولها 4 مليمترات، تعمل على إفراز مادة تمنع الدم من التجلط أثناء قرصها للجلد كي يسهل عليها امتصاص الدم بشكل متواصل، كما تفرز أيضاً مادة مخدرة تعمل بشكل موضعي على الجلد لكي لا يتنبه المرء إليها حينما تتغذى على دمه. وقرص حشرة بق الفراش يُمكن أن يؤثر على كل شخص بشكل مختلف، وردود الفعل على قرصها يمكن أن تتراوح بين عدم التسبب بأي علامات جسدية للقرص، وعلامة قرصة صغيرة، إلى رد فعل لتفاعلات الحساسية الجلدية بشكل خطير، مما يحتاج إلى عناية طبية.
وتتلخّص معالجة منطقة قرص بق الفراش في تخفيف الأثر المؤلم أو المزعج، ولكن لو ترك دون علاج فإنه يزول ويتلاشى خلال أسبوع. والأفضل هو وضع دهان من كريم جلدي يحتوي على مادة الكورتيزون لتخفيف تفاعل الجسم مع المواد المتبقية من عملية قرص الحشرة وامتصاصها الدم، وبالتالي تخفيف الشعور بالحكة. كما أن استخدام كريمات مطهرة أو محتوية على مضاد حيوي موضعي ربما يفيد في منع التهاب مكان القرصة بالبكتيريا. وقد يصف الطبيب تناول حبوب عقار مضاد لمادة هيستامين، كي يخف الشعور العام في الجسم بالحكة والانزعاج.
وثمة مجموعة من العوامل ترفع من احتمالات التعرض لقرصات حشرات البق، والمناطق ذات المناخ الحار والرطب مناسبة جداً لنمو الحشرات وتكاثرها وارتفاع شراهتها لمصّ الدم. ولكن رغم هذا، فإن هذه الحشرة توجد حتى في المناطق ذات المناخ البارد والجاف. ووجود حيوانات أليفة منزلية كالقطط أو الكلاب يرفع من احتمالات وجود هذه الحشرات في المنزل. وتكثر الحشرات في المنازل أو الغرف أو المساكن التي يتعدد ويتعاقب ساكنوها كالفنادق أو الشقق المفروشة وغيرها، بخلاف المنازل التي تقطنها عائلة واحدة ولمدة طويلة.

* استشارية في الأمراض الباطنية



ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»