تطبيق اتفاق «حمص» يبدأ غدا واتساع رقعة القتال في حلب

المعارضة تنفي تقدم النظام في المليحة.. وعشرات القتلى من «النصرة» و«داعش» في دير الزور

تطبيق اتفاق «حمص» يبدأ غدا  واتساع رقعة القتال في حلب
TT

تطبيق اتفاق «حمص» يبدأ غدا واتساع رقعة القتال في حلب

تطبيق اتفاق «حمص» يبدأ غدا  واتساع رقعة القتال في حلب

أعلنت دمشق، على لسان محافظها في حمص طلال البرازي، أمس، أن تطبيق الاتفاق الذي توصل إليه مع مقاتلي المعارضة والقاضي بخروجهم من أحياء وسط مدينة حمص، سيبدأ خلال 48 ساعة (أي بحلول يوم غد الأربعاء). وجاء ذلك بينما تواصلت المعارك في بلدة المليحة في الغوطة الشرقية لدمشق، وسط نفي المعارضة تقدم القوات الحكومية فيها.
وربط محافظ حمص، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، بدء تطبيق الاتفاق في المدينة، بـ«التطورات الميدانية على الأرض»، معربا عن أمله في «أن تجري الأمور بخير، وحينها لن تستغرق وقتا طويلا». وأوضح البرازي الذي فضل استخدام تعبير «مبادرة تسوية» عوضا عن «اتفاق»، أن التنفيذ يتوقف على بحث بعض الأمور اللوجيستية، ومنها «اختيار الطريق المناسب وتفكيك الألغام ووجود نقاط تفتيش وتأمين وصول الناس واختيار الأطراف المشاركة في مكان الانطلاق والوصول». وقال: «نحن حريصون على نجاحها ولذلك يجب التحضير لها بشكل جيد وإن كتب لها النجاح فسنبدأ بحلقة جديدة تتعلق بالوعر ومناطق أخرى».
ويقع حي الوعر، الذي يسيطر عليه المقاتلون ويقطنه عشرات الآلاف غالبيتهم من النازحين من أحياء أخرى في المدينة، في جوار أحياء حمص القديمة. وتقع هذه الأحياء التي يسيطر عليها المقاتلون، تحت حصار من القوات النظامية نحو عامين. ونفى المحافظ وجود مخطوفين إيرانيين، مشيرا إلى أن «كل اتفاق يتم يتضمن إطلاق سراح مخطوفين، كما تتضمن المصالحات إطلاق مختطفين تعبيرا عن حسن نية بالإضافة إلى إدخال المواد الغذائية كونها قضية إنسانية».
وفي ريف دمشق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتواصل الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة و«جبهة النصرة» من جهة، والقوات النظامية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني من جهة أخرى في بلدة المليحة ومحيطها، مشيرا إلى «استقدام الكتائب الإسلامية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة».
ووصف عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» المعارك بـ«الكر والفر»، وذلك بعد 25 جولة قتال بين الطرفين، مشيرا إلى أن القوات النظامية «صعدت من وتيرة الهجوم المترافق مع قصف مدفعي وصاروخي كثيف، بشكل كبير في محاولة لاستعادة السيطرة على البلدة»، وذلك عقب هجوم مضاد كانت كتائب المعارضة أطلقته في محاولة لنقل المعركة إلى بساتين جرمانا، المحاذية للمليحة.
وكانت القوات الحكومية أطلقت معركة السيطرة على المليحة، وهي بوابة الغوطة الشرقية لدمشق، مطلع شهر أبريل (نيسان) الماضي. وبينما قالت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري إن القوات الحكومية حققت تقدما في البلدة، نفت مصادر «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، الذي يقاتل في المليحة إلى جانب فصائل أخرى، تقدم القوات النظامية، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الاشتباكات «اندلعت على سائر محاور البلدة التي تواجه هجوما من قوات النظام من الجهة الجنوبية، وحصارا من الجهة الشمالية». وأكدت أن «الضغط العسكري منذ الأحد الماضي، لم يتح للقوات الحكومية استعادة السيطرة على عمق البلدة».
وجاء ذلك بعد تقارير أفادت، أول من أمس، بأن القوات الحكومية تقدمت في عمق البلدة، وسيطرت على مناطق واقعة شرقها.
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري بتجدد الاشتباكات في محيط مبنى المخابرات الجوية بحي الزهراء في حلب، بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، ترافق مع تنفيذ الطيران الحربي عدة غارات جوية. وأشار إلى قصف الطيران المروحي مناطق في حيي مساكن هنانو والليرمون ومنطقة المناشر في جسر الحج. كما اندلعت اشتباكات بمحيط القصر العدلي في حلب القديمة، وعند مدخل حلب الشمالي الشرقي بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني المتوجهة من دوار البريج باتجاه سجن حلب المركزي من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى في محيط منطقة المجبل وقرية البريج.
من جهة أخرى، أشار المرصد إلى مقتل 48 شخصا من جبهة النصرة و«داعش» في دير الزور، إثر اشتباكات وقعت بينهما، موضحا أن جبهة النصرة سيطرت على قرية الصبحة، بينما انسحب مقاتلو «داعش» إلى قرية جديد عكيدات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.