غوتيريش يعتزم إطلاق مفاوضات بشأن نزاع الصحراء

أمين عام الأمم المتحدة أكد أن كريستوفر روس قدم استقالته وأن ملك المغرب رفض استقباله

غوتيريش
غوتيريش
TT

غوتيريش يعتزم إطلاق مفاوضات بشأن نزاع الصحراء

غوتيريش
غوتيريش

كشف أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، عن نيته إعادة إطلاق مفاوضات بشأن نزاع الصحراء، تقوم أولا على حل «المركز القانوني» للمنطقة.
وقال غوتيريش في تقرير تقدم به إلى مجلس الأمن أمس الثلاثاء: «إنني أعتـزم أن أقتـرح إعادة إطلاق عملية التفاوض بدينامية جديدة وروح جديدة، تعكس توجيهات المجلس بهدف التوصل إلى حل سياسي مقبـول للطـرفين، يشـمل حـل الـنـزاع بشـأن المركـز القـانوني للصحراء»، بما في ذلك «الاتفاق على طبيعة وشكل ممارسة حق تقرير المصير».
وذكر التقرير أنه ومن أجل إحـراز تقـدم «يجب أن تأخـذ المفاوضـات في الاعتبـار مقترحـات الطـرفين وأفكارهمـا، وأنه يمكـن للجزائر وموريتانيا، بوصفهما بلـدين مجاورين، أن يقـدما إسـهامات مهمـة في هـذه العمليـة، بل وينبغي لهما القيام بذلك».
وأضاف غوتيريش أن «الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، تظل بالغة الأهمية»، مؤكدا رغبة مبعوثه الخاص، كريستوفر روس الاستقالة من منصبه. كما أشار غوتيريش إلى أن صعوبة الحل تكمن «في أن لكـل طـرف رؤيـة مختلفـة وقـراءة مختلفـة للتـاريخ والوثـائق المتصــلة بالنـــزاع. فــالمغرب يصــر علــى أن (...) الأساس الوحيد للمفاوضات هو مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي تقـدم بها، وأن الجزائر يجب أن تكون طرفا في تلك المفاوضات».
ويشمل التقرير الحالة في الصحراء خلال السنة الماضية ومـــا جـــدّ مـــن تطـــورات، ويتناول بالوصف الحالة على أرض الواقع، ووضع المفاوضات السياسية المتعلقة بالصحراء والتقدم المحرز فيها، وتنفيذ القرار رقم «2285»، والمصاعب الراهنة التي تواجه عمليات البعثة والخطوات المتخذة للتغلب عليها.
وبخصوص حادثة منطقة الكركرات، الواقعة في المنطقة العازلة، والتي وقعت في أغسطس (آب) الماضي بين المغرب وجبهة البوليساريو، أشار التقرير إلى أن رد البعثة الأممية لتخفيف التوتر في الكركرات كان بنشرها «فريقاً ثابتـاً مـن المـراقبين العسـكريين بـين المواقـع المغربيـة ومواقــع جبهــة البوليســاريو علــى طــول الطريــق خلال ســاعات النــهار، وأبلغــت الطــرفين باستعدادها الإبقاء علـى وجـود ليلـي، إن طلـب منها ذلـك، وإقامـة موقـع للفريـق إن اقتضـت الحال ذلك»، مضيفا أن الأمم المتحدة تلقت «تأكيـدات مـن الجـانبين يؤكـدان فيهـا عزمهمـا علـى تجنـب التصـعيد، والتزامهمـا بعـدم تسـبب أي منـهما في العودة إلى الأعمال القتالية».
أما بخصوص عودة الموظفين الدوليين الـذين طُـردوا من عملهم في البعثة الأممية، فقد أشار التقرير إلى أن المغرب أعلن قبوله «العـودة الفوريـة لجميـع مـوظفي البعثـة البـالغ عـددهم 17 موظفـاً، والذين لم يتمكنوا من العودة إلى مركز عملهم منذ مارس (آذار) 2016».
إلا أن التقرير كشف أن الأمم المتحدة استعرضت بعض الأمور المتعلقة بالتنفيـذ الفعـال لولايتـها. وقـد حـدد الاستعراض عـدداً مـن السـبل الكفيلـة بتبسـيط إجـراءات عمــل البعثـة، وتقــديم الخـدمات بمزيــد من الكفاءة، و«بوجه عام، فقد أتاح استعراض دعم البعثـة مبـادئ توجيهيـة للإجـراءات الحاسمـة اللازمـة لتعزيز متانة دعم البعثة وخفة حركتها، بمـا في ذلـك إعـادة هيكلـة عنصـر الـدعم ليشـمل سلسلة الإمـداد وتقـديم الخـدمات».
كما أشار التقرير إلى ضـرورة تحسين الوضع الأمـني للبعثـة وقـدراتها «مـن أجـل التصـدي علـى أفضـل وجـه للتحـديات الأمنيـة المستجدة»، وإلى «زيادة قدرات الطيران الحالية لضمان تمكُن البعثة من إنجاز مهـام المراقبـة المــأذون بها في المنــاطق التي يشــتد فيهــا الخطــر».
وحول الوضع في مخيمـات اللاجـئين بـالقرب مـن تنـدوف بـالجزائر، قال التقرير إن «الحيـاة العامـة والأنشـطة الاجتماعية تجـري بطريقة سلمية وفي مناخ هادئ نسبياً».
وسرد أنطونيو غوتيريش في تقريره الجهود المتوقفة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين وترحيب البوليساريو وموريتانيا والجزائر بذلك، وتأجيل المغرب لها، كاشفا أن العاهل المغربي أرسل له مبعوثا في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، أبلغه باستعداد الملك للعمل معه، سعياً إلى إيجاد حل لنــزاع الصحراء، وأكـد له أن المغرب لن يستقبل المبعوث الشخصي أبداً (روس). ورغم أن التقرير أشار إلى تعاون الأطراف مع مراقبي الأمم المتحدة العسكريين، فإنه ذكر أن البعثة رصدت بعض المخالفات على جانبي الجدار الرملي في الصحراء.
أما من الناحية الأمنية، فقد قال التقرير إن البيئـة الأمنيـة في المنطقة الواقعـة في نطـاق مسـؤولية البعثـة لا تزال «معرضـة لاحتمـال عـدم الاستقرار الإقليمـي. وتقـع المسـؤولية الرئيسـية عـن ضـمان سـلامة وأمـن مـوظفي (بعثة) الأمم المتحــدة وأصــولها ومواردهــا علــى عــاتق المغرب وجبهــة البوليســاريو والجزائــر (في تنــدوف وحولها)، التي تواصل جميعها التعاون في المسائل الأمنية».
وحول التحديات التي تواجه عمليات بعثة «مينورسو»، قال التقرير إنه «لا يـزال هنـاك تبـاين ملحـوظ بـين الطـرفين في تفسير ولاية البعثة. فبرأي المغرب، فإن دور البعثة يقتصر على رصـد وقـف إطـلاق النـار، ودعـم عمليات إزالة الألغام ومساعدة مفوضـية الأمم المتحـدة لشـؤون اللاجـئين في تـدابير بنـاء الثقـة»، وأن الولاية لا تشمل «الاتصـال بالمجتمع المدني والجهات الفاعلة المدنية الأخرى».
وفي المقابل، ترى جبهة البوليسـاريو أن تنظـيم استفتاء بشأن تقرير المصير يظل العنصر الأساسي ضمن ولاية البعثة، وأن رصد وقـف إطـلاق النــار وتنفيــذ الأنشــطة الأخــرى ينــدرجان ضــمن ذلــك الهــدف أو يساعدان علــى تحقيقــه.
وانتقد التقرير موقف جبهة البوليساريو من حادثة الكركرات، حيث أشار إلى اجتماع بين رئيس البوليساريو وأنطونيو غوتيريش في شهر مارس الماضي، حيث أعرب الثاني للأول عن القلق «من الحالــة في منطقة الكركرات وخيبــة أملــي لأن جبهــة البوليســاريو لم تنسحب بعد من الشريط العـازل استجابة لنـدائي يوم 25 فبراير (شباط). وأكـدت نـيتي الجادة العمل على استئناف جهود التفاوض بدينامية جديدة وروح جديـدة، وأصـررت علــى أنــني بحاجــة إلى مســاعدة الأطــراف في تهيئة الظروف المناســبة للعــودة إلى مفاوضــات، ولا سيما عن طريق وضع حد للتوترات في منطقة الكركرات».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.