نشاطات لتحفيز إبداع الأطفال في مهرجان الشارقة للقراءة

تشارك فيه أكثر من مائة دار نشر عربية وأجنبية متخصصة

جانب من المهرجان
جانب من المهرجان
TT

نشاطات لتحفيز إبداع الأطفال في مهرجان الشارقة للقراءة

جانب من المهرجان
جانب من المهرجان

لغاية الثلاثين من الشهر الحالي، تستمر فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته التاسعة، التي اتخذت جملة «اكتشف عن قرب» شعاراً لها هذا العام. ومهرجان الشارقة القرائي للطفل يستهدف الطفولة بمختلف مراحلها، لكنه أيضا احتفالية ثقافية تتجاوز متعتها وفائدتها الصغار إلى ذويهم في أجواء عائلية شيقة. يهدف المهرجان إلى غرس وتنمية حب القراءة والتثقيف والتعبير عن الذات في الأطفال منذ الصغر، ويسعى إلى إثراء مخيلة الأطفال وتقريبهم إلى «الكتاب»، يختارونه ويقتنونه بحرية تامة. ويستضيف المعرض أكثر من مائة دار نشر عربية وأجنبية متخصصة في مطبوعات الأطفال. وتضمن برنامج هذا العام 1400 فعالية يشارك فيها 55 ضيفاً من 22 دولة، فيما يجمع برنامج الفعاليات الثقافية 60 ضيفاً من 23 دولة. ويشارك في المهرجان عدد كبير من الكتّاب والإعلاميين والفنانين والخبراء التربويين العرب والأجانب، من بينهم الفنانة المصرية حنان الترك، والكاتبة الأردنية هيا صالح، والكاتب الأردني محمد بسام ملص، والكاتب العُماني محمد الهنائي، والكاتب اللبناني حسن خليل عبد الله، والكاتبة المصرية أمل فرح، والكاتبة الأميركية جايل فورمان، ومصور كتب الأطفال الشهير كوركي بول. يشهد المهرجان في قاعة أرض الأحلام مسابقة ومعرضا لرسوم كتب الأطفال، وتُعرض 303 لوحات فنية لـ90 فنانا من مختلف أنحاء العالم، وكرم الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة في يوم المهرجان الأول الفنانين الفائزين، حيث فاز بالمركز الأول لهذه الدورة الفنان الإسباني غاليندو بيدراغو، والجائزة الثانية ذهبت إلى ماركو سوما الفنانة الإيطالية، أما الفائزة بالجائزة الثالثة فهي الفنانة الإسبانية استير غارثيا غورتيس.
جرى أيضا تكريم الفائزين بـ«جائزة الشارقة للأدب المكتبي»، حيث فازت بالمركز الأول الدكتورة أماني محمد السيد من مصر عن بحث «نظم الأرشفة وإدارة الوثائق بالمؤسسات: دراسة استكشافية للمتطلبات الفنية والوظيفية»، ونال المركز الثاني أيمن محمد إبراهيم الدسوقي، من مصر، عن بحث «الجيل الخامس لشبكات الاتصالات اللاسلكية: رؤى مستقبلية لإعداد إطار استراتيجي للأرشيف العربي الموحد»، وفاز بالمركز الثالث أحمد عثمان أحمد، عن بحثه: «الأرشفة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة دراسة لواقعها والتخطيط لمستقبلها... دراسة مسحية».
ويشهد المهرجان كثيرا من الورشات التثقيفية والتعليمية؛ من أهمها ورشة «علم طفلك أن يقول (لا)»، وهذه الورشة، من خلال برنامج تدريبي إلكتروني، تستهدف أولياء الأمور لغرض تعريفهم وتوعية أبنائهم بقول كلمة «لا» للتصرفات الخاطئة والاستغلالية وكل ما من شأنه إلحاق الأذى بالطفل. يستغرق البرنامج ساعة واحدة ويتضمن عدة محاور تعريفية لمفاهيم الاعتداء الجسدي والجنسي والعاطفي والاستغلال التجاري بالإضافة إلى مخاطر الابتزاز الإلكتروني. الكاتبة الأسترالية الشهيرة كاترينا جيرمان، وهي من أبرز الكاتبات الأستراليات المتخصصات في أدب الطفل، قدمت ورشة عن سلسلة من الحكايات الخيالية، حيث اعتمدت في إيصال مضمون القصص على أسلوب حركي مبتكر سعت من خلاله إلى تحفيز قدرات الأطفال الإبداعية وتنمية ثقتهم بأنفسهم ليتسنى لهم سرد حكاياتهم الخاصة بطريقة لا تخلو من الابتكار والمتعة.
وعرضت الورشة التي قدمها الرسام المصري هاني صالح، مجموعة لوحات فنية نفذها عدد من الأطفال المشاركين بطريقة الكولاج، معتمدين بذلك على قص ولصق قصاصات ورقية وإعادة تكوينها لتصبح شكلاً يعبّر عن مشاعر وخيالات الأطفال. كما استعرضت ندوة «القصص المصورة والأدب والمعاصر»، مستقبل القصص المصورة، وأحدث التقنيات المستخدمة في هذا الفن، وناقش المشاركون بها مدى نجاح الرسوم الإيضاحية في التعبير عن القصص الخيالية والواقعية، ووضع القصص المصورة في الأدب المعاصر، ومدى الفائدة التي تقدمها الكتب القائمة على الرسوم التوضيحية فقط. شارك في الندوة الكاتبة والرسامة الفلبينية ماي توباياس بابا، والرسامة البريطانية شينا ديمبسي، وأدارتها الإعلامية ليندا عبد اللطيف.
كما شاركت الفنانة المصرية حنان ترك بجلسة سردية بدأتها مع قصة «مملكة الحيوانات»، حيث قامت الفنانة حنان ترك بأداء جميع الأصوات فيها، لكن من غير تمثيل، وعللت الفنانة ذلك بأن الاستماع يتيح للطفل تكوين خيال واسع حول تصور الغابة وشخوص الحكاية والمواقف المختلفة، ويعزز فيه ملكة التأمل.
وتشارك مؤسسة «فن» المتخصصة في تعزيز ودعم الفن الإعلامي للأطفال والناشئة، في فعاليات المهرجان، والتي تتخذ من الشارقة مقراً لها، بعدد من العروض السينمائية الخاصة بالأطفال؛ منها عروض الأفلام القصيرة وأفلام الخيال، والكوميديا، إضافة إلى أفلام الرسوم المتحركة، والأعمال السينمائية الدرامية.
جمهور الأطفال وذووهم من زوار المهرجان كانوا على موعد مع الحكواتي المصري «أحمد يوسف» الذي حكى لجمهوره بأسلوب ممتع ومشوق وبملابسه المميزة، قصصاً ممتعة وغنية بالمعارف والمعلومات القيمة، ووضع «الحكواتي» جمهور حكاياته في أجواء من الحماس والإثارة، حيث تضمنت الفعالية سرد قصتين؛ الأولى حملت عنوان «الغابة»، أما الثانية فكانت عن «قصة أهل الكهف».
ويشهد مقهى «المبدع الصغير»، وهو حيز إبداعي من الطفل وإلى الطفل، عرض المسرحيات والفعاليات المختلفة؛ منها مسرحية «نجيبة والسوسة العجيبة»، وهي مسرحية لتحذير الأطفال من مخاطر الإفراط في تناول الحلوى والشيكولاته، وعدم تنظيف الأسنان، وعدم الاستماع إلى توجيهات الأهل الإرشادية، في قالب كوميدي غنائي. وكذلك مسرحية «مصنع الشوكولاته» للمخرج الكويتي علي العلي، وبطولة الفنانة الكويتية إلهام الفضالة، ويعقوب عبد الله.
كتب اليافعين العربية والمترجمة إلى العربية، كان لها حضور لافت في معرض الكتب، من خلال عدد من دور النشر، منها دار نشر «كلمات» الإماراتية المتخصصة في نشر وتوزيع كتاب الطفل بطباعة عالية الجودة، ونشرت الدار مائتي عنوان في هذا المجال، وكذلك تطرح أقراصا مدمجة للقصص والحكايات بصوت مؤلفيها. وحازت هذه الدار على «جائزة الشيخ زايد بن سلطان للكتاب» عام 2017 عن فئة «النشر والتقنيات الثقافية»، وجائزة «أفضل ناشر في آسيا» من معرض بولونيا لكتب الطفل في عام 2016.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».