السلطة تتهم إسرائيل بمحاولة تخريب زيارة عباس لواشنطن

إقناع ترمب بحل الدولتين يتصدر أولويات أبو مازن

السلطة تتهم إسرائيل بمحاولة تخريب زيارة عباس لواشنطن
TT

السلطة تتهم إسرائيل بمحاولة تخريب زيارة عباس لواشنطن

السلطة تتهم إسرائيل بمحاولة تخريب زيارة عباس لواشنطن

اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بمحاولة عرقلة زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى البيت الأبيض، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثالث من الشهر المقبل، قائلة إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقود برنامجا إسرائيليا لتخريب فرص تحقيق السلام». وجاء ذلك في حين وصل وفد فلسطيني إلى واشنطن لترتيب الزيارة التي يفترض أن تضع اللبنة الأولى لإطلاق عملية سلام جديدة.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن «الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو صعّدت من مواقفها وممارساتها الاستفزازية، الهادفة إلى وضع العراقيل أمام الجهود الأميركية المبذولة لإحياء عملية السلام، وإطلاق مفاوضات جادة وحقيقية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». وتابعت إنه برز من هذه المواقف مؤخرا «التصعيد السياسي والتحريض الرسمي الذي مارسه نتنياهو ضد الرئيس عباس، والذي ظهر جلياً في مقابلته التلفزيونية الأخيرة مع محطة (فوكس) الأميركية، مدعيا أن الاختبار لمدى جدية الرئيس عباس في السلام هو في التخلي عن دفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى». وأضافت أن هذه التصريحات «تهدف إلى ممارسة الضغوط على الإدارة الأميركية وابتزازها، والتشويش على زيارة عباس المرتقبة لواشنطن، إن لم يكن إفشالها في تحقيق أهدافها، من خلال محاولة حرفها عن مسارها نحو قضايا جانبية يلوح بها نتنياهو، أو إثارة زوابع للحد من إمكانية حصد أي نجاحات».
وربطت الخارجية الفلسطينية بين إطلاق الحكومة الإسرائيلية يد المستوطنين في الضفة وتصعيد إجراءاتها القمعية وتوتير الأجواء في القدس، وبين زيارة عباس لترمب.
وقالت الوزارة في بيانها إن كل هذه التصرفات تأتي «لتوتير الأجواء والمناخات وتسميمها عشية زيارة الرئيس عباس لواشنطن، وفي دعوة صريحة لدوامة العنف، وردود الفعل العنيفة، وسط أوهام إسرائيلية بأن هذه الحالة ستفتح الأبواب للهجوم الإعلامي والسياسي على الزيارة؛ بهدف التقليل من فرص نجاحها». ودعت الخارجية إدارة الرئيس ترمب إلى الحذر من المصائد التي ينصبها نتنياهو، وأركان الائتلاف اليميني الحاكم الرامية إلى إفشال جهود السلام الأميركية.
ويصل عباس للقاء ترمب في البيت الأبيض في الثالث من مايو (أيار)، بحسب بيان للإدارة الأميركية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر: إن «الجانبين سيبحثان السعي من أجل تسوية تنهي الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضاف أن «هذه الزيارة ستتيح إعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة، وكذلك المسؤولون الفلسطينيون بالسعي والتوصل في النهاية إلى اتفاق يهدف إلى وضع حد للنزاع».
وتأتي المحاولة الأميركية الجديدة بعد 3 سنوات من فشل آخر محاولة لإحياء عملية السلام، قادها وزير الخارجية السابق جون كيري. ووصل وفد فلسطيني يضم كبير المفاوضين صائب عريقات، ومدير المخابرات العامة ماجد فرج إلى واشنطن لترتيب لقاء ترمب وعباس.
ويبدأ الوفد، اليوم الاثنين، لقاءات مع مسؤولين أميركيين بهدف ترتيب الزيارة ووضع أجندتها. ويريد عباس من الرئيس الأميركي رعاية مفاوضات على أساس حل الدولتين.
وكان عباس أبلغ ذلك لترمب عندما اتصل به ودعاه إلى واشنطن، وقال له إنه ملتزم بصنع السلام. ويسعى عباس لكسب ترمب وإقناعه بعدالة مطالبه، وهي إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 إلى جانب إسرائيل.
وكان ترمب قال في وقت سابق إنه ليس بالضرورة أن يكون الحل عبر دولتين، وإنه ليس الحل الوحيد. واتفق عباس مع قادة عرب التقوا ترمب سابقا على تنسيق المواقف بشأن التمسك بحل الدولتين. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء بين عباس وترمب سيكون استكشافيا للآراء، ولا ينتظر منه الإعلان عن اتفاق أو اختراق يذكر. وأضافت: «سيحاول الرئيس عباس إقناع ترمب بوجوب إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 ضمانةً للأمن في المنطقة، بما في ذلك أمن إسرائيل وركيزةً لجهود محاربة الإرهاب».
ويتوقع الفلسطينيون أن تثمر جهود عباس عن انطلاقة لاحقة للمفاوضات، وهو الأمر الذي ناقشه مبعوث ترمب، جيسون غرينبلات، مرات عدة مع عباس ونتنياهو.
وكان غرينبلات أبلغ الطرفين في لقاءات سابقة بأن ترمب يريد التوصل إلى صفقة حقيقية وليس مجرد إدارة الصراع. وتريد السلطة من أجل العودة إلى المفاوضات وقف الاستيطان، وإطلاق سراح دفعة من الأسرى القدامى كان متفقا بشأنها سابقا، وأن تبدأ المفاوضات بقضية ترسيم حدود 67، بعد تعهد إسرائيلي وأميركي بحق الفلسطينيين في دولة ضمن هذه الحدود، وأن يتم تحديد سقف زمني لإنهاء المفاوضات، وليست مفتوحة إلى إشعار آخر.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.