مشروعان من الصدر إلى القيادات الكردية

حملهما نجل شقيقه المرشح لدور سياسي

مشروعان من الصدر إلى القيادات الكردية
TT

مشروعان من الصدر إلى القيادات الكردية

مشروعان من الصدر إلى القيادات الكردية

تعددت التكهنات مؤخرا، بشأن الأهداف التي يروم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تحقيقها من خلال الدفع بقوة لأحمد الصدر، النجل الأكبر لأخيه مصطفى الصدر الذي اغتاله نظام صدام حسين مع أخيه مؤمل وأبيه المرجع الديني محمد صادق الصدر عام 1999، إلى الواجهة السياسية لتياره. فالبعض، يرى وخاصة بعد إغلاقه للهيئة الاقتصادية واتهامه لبعض عناصرها بالفساد، أن مقتدى الصدر يسعى إلى الاعتماد على ابن أخيه للتخلص من القيادات والأشخاص غير المرغوب بهم داخل تياره، خاصة أولئك الذين يشك في تورطهم بتهم الفساد والإثراء على حساب المال العام عبر استغلالهم لاسم آل الصدر.
وكان أحمد الصدر ترأس وفدا رفيعا من التيار الصدري زار إقليم كردستان والتقى رئيسه مسعود بارزاني السبت، وسلمه رسالة من مقتدر الصدر بشأن العملية الإصلاحية ومفوضية الانتخابات، ثم زار معسكر الخازر للنازحين، كذلك ترأس أحمد الصدر في وقت سابق وفد التيار الصدري الذي التقى رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري.
ونظرا للطابع المدني الذي تميز به أحمد الصدر (30 عاما) والحاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من إحدى الجامعات اللبنانية، يرى البعض أن مقتدى الصدر، ربما «يعمل وعينه على منصب رئاسة الوزراء المقبلة، بعد أن تكرس المنصب بعد 2003 لحزب الدعوة الإسلامية».
لكن العضو القيادي ونائب رئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري جعفر الموسوي، ينفي جملة وتفصيلا، رغبة مقتدر الصدر في حصول تياره على منصب رئاسة الوزراء، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنفي نفيا قاطعا تفكير الصدر بمنصب رئاسة الوزراء والأمر غير مطروح بالمرة، السيد زاهد في المنصب، والأساس الذي يعتمده الصدر في رئيس الوزراء هو خدمته للشعب، هذا هو المهم بالنسبة إليه، بغض النظر عن انتمائه لأي كيان أو قومية أو مذهب».
كما يستعبد الموسوي أن يكون لبعض العناصر المسيئة في التيار دخل في الدفع بأحمد الصدر إلى الواجهة السياسية ويرى أن «في كل تيار شعبي جماهيري أو جماعة سياسية يوجد الجيد والمسيء ومن يبحث عن مصالحه الشخصية أو من يريد العمل في خدمة الناس».
ويكشف جعفر الموسوي، عن أن «التهديدات الجدية التي تعرض لها مقتدى الصدر والتي وصلته من جهات كثيرة، هي التي دعته إلى دفع ابن أخيه إلى الواجهة السياسية». ويرى أن مقتدى وأحمد الصدر ورثة تيار ديني وسياسي عريق يعمل لصالح جميع العراقيين، وهما امتداد طبيعي لتيار موسى الصدر والمرجعين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر.
وبشأن أهم ما دار في لقاء أحمد الصدر برئيس إقليم كردستان، ذكر جعفر الموسوي، أن الوفد الصدري حمل إلى أربيل لمشروعين أساسيين، الأول يتعلق مرحلة ما بعد «داعش» وقضية المصالحة المجتمعية والتعايش بين المكونات، ويتعلق الثاني بمشروع الإصلاح الذي يتبناه مقتدى الصدر وتغيير قانون وأعضاء مفوضية الانتخابات. وأكد رغبة مقتدى الصدر وتياره وتحركهم في اتجاه تشكيل كتلة عابرة للطائفية لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، لكنه يرى أن «الواقع الحالي» لا يساعد في هذا الاتجاه نتيجة «الخشية من المفاجآت الانتخابية، البعض لا يريد أن يجازف بهذا الاتجاه لأنه يخشى أن يتم انتخابه من قبل جمهوره».
يشار إلى أن التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر يطالب منذ أشهر في تغيير قانون ومفوضية الانتخابات، وتستكمل النائبة عن التيار ماجدة التميمي استجوابها لمفوضية الانتخابات في مجلس النواب هذا الأسبوع. ودرج أتباع التيار الصدري منذ أكثر من سنة على التظاهر في ساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.