رغم حداثة تجربته الأدبية، التي لا تتعدى خمسة أعوام، فإن الروائي السعودي علي الماجد لديه غزارة في الإنتاج، يصاحبها التخصص في كتابة نوعٍ قليل ونادر في الأعمال الروائية العربية وهو الرواية البوليسية.
يعمل الماجد مهندساً كيميائياً في شركة «سابك» في الجبيل، ومنذ العام 2013 أصدر ست روايات: «الكوب الأخير»، «رسائل ودم بارد»، «ذات المعطف الأزرق»، «الأجراس الصفراء»، «الانحدار إلى القمة»، و«الصقر لا يحلق إلا... وحيداً»... كما كتب عشرات القصص القصيرة.
بدايته من الرواية البوليسية، كانت استجابة لتحدٍ، أطلقه روائي سوداني، بعدم نجاح تجربة الرواية البوليسية عربياً... يقول: إن تلك الكلمات حفّزت لدي الرغبة في خوض التحدي... بعد مدة قصيرة أصدرت عدداً من الروايات البوليسية...
يتحدث الماجد عن تجربته في كتابة الرواية البوليسية، قائلاً: «استهوتني القراءة منذ الصغر، هذا العالم الساحر الذي يقلع بك إلى أوطان مختلفة ويسبر بك التاريخ والخيال»، لكن الرواية البوليسية ظلت تشده مبكراً، وتعلق بأعمال الروائي المصري الراحل محمود سالم (1929–2013)، والتي أثرت الأدب العربي خاصة في جانب المغامرات والرواية البوليسية، يقول: «كان أول ما قرأت لهذا الأديب هو قصص (المغامرون الخمسة)»... يكمل قائلاً: اتجهت للروايات العربية والعالمية وبالخصوص ما يتصف بالغموض وانجذبت للأعمال البوليسية للكاتبة الإنجليزية الفذة أجاثا كريستي والدكتور أرثر كونان.
يمضي الماجد قائلاً: «في مرحلة قراءتي الأولى للأعمال البوليسية، أعجبت كثيرا بذكاء وقوة ملاحظة الشخصيات الرئيسية في تلك الروايات، مثل هيركيول بوارو وشارلوك هومز وقدرتهم على استنباط الحقائق وربط الأحداث وتفكيك ألغاز القضايا... هنا عشقتُ هذا اللون الفريد من الروايات إذ وجدته يختزل كل أنواع الرواية، من صور جمالية، وحوارات ذكية، وشخوص متألقة، وخيال خصب... والأهم غموض النهاية.
يضيف: «في عام 2012 قرأت مقالا للأديب السوداني الكبير أمير تاج السر ينتقد بضراوة الروايات البوليسية العربية، بسبب ما يعتبره الصورة القاتمة للمحققين العرب عند القارئ؛ التي ارتبطت بالفكرة السائدة عن: الاعتقالات والعنف، كأسلوب للوصول للحقيقة، وعدم استخدامهم للأدوات العالمية للتحقيق. يرى تاج السرّ، في مقاله الذي كان له أشدّ الأثر في اختياري لكتابة الرواية البوليسية، أن التراث العربي لا يعتمد على تفكيك ألغاز القضايا، أو ما نسميه اليوم بعلم الجريمة، وإنما يعتمد الإكراه والإجبار وممارسة العنف الجسدي سبيلاً للتحقيق. وبالتالي فإن القارئ العربي لن يجد نفسه منجذباً لرواية بوليسية عربية... أثار هذا المقال حفيظتي، وعلى عكس ما افترضه تاج السرّ، لاحظتُ وجود شريحة كبيرة من القراء العرب تعشق هذا اللون لكنها لم تجد من يكتبه سوى النادر القليل من الكتاب العرب... فقررتُ خوضَ التجربة».
وعن الأرضية التي استند إلها في كتابة الرواية البوليسية، يقول: «بالاعتماد على قراءتي السابقة والنهل من علوم الشبكة العنكبوتية وأصدقائي الأطباء النفسيين وغيرهم، (حتى أنني اقتنيت كتب التشريح ولغة الجسد)، كتبتُ (6) روايات خمساً منها بوليسية، وضعت فيها خلاصة علم الجريمة الذي يعتمد على جمع وتحليل الأدلة، بالإضافة إلى تحليل لغة الجسد، حيث ينتهجه المحققون لمعرفة حقيقة أقوال المشتبه فيهم... ولله الحمد حققتْ رواياتي الست آخرها (الأجراس الصفراء) و(الصقر لا يحلق إلا... وحيدا)، مبيعات جيدة واقترن فكر قرائها بالأديبة أجاثا كريستي وهذا فخر لي حتى أن دكتورة بجامعة الملك سعود أوصت تلميذاتها بمقارنة إحدى رواياتي بروايات أجاثا كريستي كأحد الواجبات».
لكن كيف يتلقى الجمهور الرواية البوليسية العربية؟ يجيب: «رغم تعقيد حبكة الرواية البوليسية لاعتمادها على موازنة منطقية الأحداث بغموض النهاية فإن جمهورها قليل، وحتى هذه النخبة تبحث عن كُتّاب أجانب لهذا اللون وهذا مقلق لأنه يؤدي إلى إهمال كبير من الكتاب لأنماط أخرى من ألوان الرواية. فمن غير المعقول أن يركز جل إنتاج الكتاب العرب على الروايات السياسية والاجتماعية مهمشين بذلك الأنماط الأخرى مثل الروايات البوليسية والخيال العلمي. ولكني متفائل جدا أن الأجيال القادمة ستبحث عن الجديد والتحدي لعقولهم وأرجو أن تتحول رواياتي لأعمال تلفزيونية وسينمائية لجمال محتواها والإثارة المطلوبة من المشاهد».
علي الماجد... روائي سعودي يقتفي أثر أجاثا كريستي
يقول إنه يكتب الرواية البوليسية للتحدي
علي الماجد... روائي سعودي يقتفي أثر أجاثا كريستي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة