إطلاق سراح 16 موظفاً أممياً بالكونغو الديمقراطية

الأمم المتحدة تعثر على 17 مقبرة جماعية وسط البلاد

عناصر من بعثة «مونوسكو» الأممية في أحد شوارع العاصمة كينشاسا (رويترز)
عناصر من بعثة «مونوسكو» الأممية في أحد شوارع العاصمة كينشاسا (رويترز)
TT

إطلاق سراح 16 موظفاً أممياً بالكونغو الديمقراطية

عناصر من بعثة «مونوسكو» الأممية في أحد شوارع العاصمة كينشاسا (رويترز)
عناصر من بعثة «مونوسكو» الأممية في أحد شوارع العاصمة كينشاسا (رويترز)

أطلق سراح 16 موظفاً في الأمم المتحدة أمس (الثلاثاء) بعدما احتجزهم متمردون سابقون من جنوب السودان رهائن خلال النهار في مخيم للاجئين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، على ما أفاد مسؤول في الأمم المتحدة طلب عدم كشف اسمه.
واحتجز هؤلاء العاملون في بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) في مخيم مقاتلين سابقين في مونيغي خارج مدينة غوما بشرق البلاد.
وقال المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية: «يسرنا أن نؤكد أن جميع عناصر مونوسكو الـ16 الذين احتجزوا في وقت سابق أطلق سراحهم»، من غير أن يحدد جنسياتهم.
وأضاف: «المخيم هادئ وتحت السيطرة التامة لمونوسكو. وكل عناصرها عادوا إلى منازلهم بأمان».
وفتح تحقيق حول هذا الحادث الذي لم يوقع ضحايا، بحسب المصدر ذاته.
ويعيش نحو 530 متمرداً سابقاً من جنوب السودان في مخيّم مونيغي، بعدما فروا عبر الحدود عند اندلاع القتال في جوبا عاصمة جنوب السودان في يوليو (تموز) الماضي.
وكان المتمردون الذين جردوا من أسلحتهم عند وصولهم إلى المخيم، يطالبون منذ أشهر بنقلهم إلى مكان آخر، لكنّ مسؤولي الأمم المتحدة لم يتمكنوا من العثور على بلدان مستعدة لاستضافتهم.
وفي سياق متصل، قالت الأمم المتحدة اليوم (الأربعاء) إن محققين تابعين لها عثروا على 17 مقبرة جماعية جديدة في وسط جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمقابر الجماعية الموثقة في هذه المنطقة إلى 40.
وجاء في بيان المنظمة الدولية أن أنباء أفادت بأن جنودا من الكونغو حفروا المقابر بعدما اشتبكوا مع ميليشيا كاموينا نسابو في إقليم كاساي بوسط البلاد الشهر الماضي.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.