مقتل شرطي وجرح 4 بإطلاق نار على كمين في جنوب سيناء

الشرطة تقتل «إرهابياً» في مواجهات شمال القاهرة... وارتفاع عدد ضحايا تفجير الكنيستين إلى 46 شخصاً

مقتل شرطي وجرح 4 بإطلاق نار على كمين في جنوب سيناء
TT

مقتل شرطي وجرح 4 بإطلاق نار على كمين في جنوب سيناء

مقتل شرطي وجرح 4 بإطلاق نار على كمين في جنوب سيناء

قُتل شرطي مصري وجُرح أربعة بإطلاق نار على كمين للأمن مكلف حماية دير سانت كاترين في جنوب سيناء، مساء أمس. وتضاربت التقارير عن ملابسات الحادث، فذكرت وسائل إعلام محلية أن {هجوماً} استهدف المكمن، فيما نقلت أخرى عن مصادر أمنية أن المنطقة لم تتعرض لاعتداء، وأن إطلاق النار كان {خطأ} من شرطي.
وفي حين ارتفع عدد ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية إلى 46 قتيلاً، بعد وفاة أحد المصابين أمس، أصيب ضابطا شرطة وقتل أحد «العناصر الإرهابية»، في مواجهات بدمياط (شمال القاهرة).
وتشن الشرطة المصرية حملة موسعة لضبط منفذي تفجيري كنيسة مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، الأسبوع الماضي، الذين تبناهما تنظيم داعش عبر عناصره في مصر. وعقب التفجيرين، أعلنت في جميع أنحاء البلاد حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.
وقالت وزارة الداخلية، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أمس، إنها تواصل «جهودها لكشف البؤر الإرهابية التي تعتنق الأفكار الجهادية والتكفيرية، والتي تستهدف تنفيذ عمليات عدائية ضد رجال الشرطة والقوات المسلحة ومؤسسات الدولة، وكذا المنشآت المهمة والحيوية وممتلكات أبناء الطائفة المسيحية ودور عبادتهم، حيث نجحت في قتل أحد العناصر التكفيرية شديدة الخطورة بدمياط وبحوزته كمية من الأسلحة والعبوات الناسفة».
وأوضحت الوزارة أن «معلومات توافرت لقطاع الأمن الوطني تفيد بتورط تكفيري يدعى السيد السيد غازي كحله، من مواليد 1988، ويعمل سائقاً، ويقيم بدمياط، في تنفيذ حادث محاولة تفجير محل تجاري مملوك لمواطن مسيحي بمنطقة السوق القديمة برأس البر، بمحافظة دمياط، وكذا قيام المذكور بإعداد وتجهيز عدد من العبوات الناسفة لاستخدامها في ارتكاب سلسلة من الحوادث الإرهابية المماثلة خلال الفترة المقبلة». وأضافت: «المذكور من العناصر التكفيرية شديدة الخطورة، المعتنقة للأفكار الجهادية والتكفيرية، وتم التعامل مع تلك المعلومات، وتحديد محل اختبائه، كما تم إعداد القوات اللازمة لمداهمته، وما إن استشعر المتهم باقتراب القوات حتى قام بإطلاق وابل من الأعيرة النارية تجاهها بصورة مكثفة، مما دفعها للتعامل معه، واستمر ذلك لعدة ساعات حتى تمكنت القوات من السيطرة على الموقف».
وأسفرت المواجهات تلك عن مقتله، وإصابة كل من النقيب عبد الله الإبراشي بمديرية أمن دمياط بطلق ناري بالجانب الأيسر، والنقيب محمد عبد الرحمن بقطاع الأمن المركزي بطلق ناري بالرقبة، وتم نقلهما للمستشفى لتلقي العلاج، وعُثر بحوزة المذكور على بندقية وعدد من الأسلحة والذخائر.
وفي السياق نفسه، أعلنت بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية مقتل أحد مصابي تفجير الكنيسة المرقسية، ليترفع عدد قتلى تلك الكنيسة إلى 18، بينهم 7 أقباط، في حين ارتفع إجمالي ضحايا التفجيرين إلى 46.
إلى ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس، تأجيل محاكمة 213 متهماً من عناصر تنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابي، إلى جلسة 13 مايو (أيار) المقبل، في قضية اتهامهم بارتكاب أكثر من 54 جريمة إرهابية، تضمنت اغتيالات لضباط شرطة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، وتفجيرات طالت منشآت أمنية بعدد من المحافظات، في مقدمتها مباني مديريات أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء. وجاء قرار التأجيل لحضور المتهمين من محبسهم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.