«إتاوات انقلابية» تثقل كاهل مستخدمي ميناء الحديدة

القديمي: ممارسات الميليشيات أثرت على تزويد المدن بالمواد الاستهلاكية

«إتاوات انقلابية» تثقل كاهل مستخدمي ميناء الحديدة
TT

«إتاوات انقلابية» تثقل كاهل مستخدمي ميناء الحديدة

«إتاوات انقلابية» تثقل كاهل مستخدمي ميناء الحديدة

تراجع أداء ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن، مما أدى إلى تدني العوائد المالية التي وصلت إلى نحو 10 ملايين دولار شهرياً، مقارنة بنحو 20 مليون دولار شهريا سجلتها عوائد الميناء في الفترة المماثلة خلال السنوات الماضية.
وعزا وليد القديمي، وكيل أول محافظ الحديدة، تدني العوائد المالية في الميناء، إلى عوامل عدة في مقدمتها الممارسات التي تقوم بها الميليشيات الانقلابية بحق التجار ورجال الأعمال المستوردين لمختلف البضائع، والمتمثلة في المضايقات، وفرض رسوم إدارية جديدة على السلع كافة غير المسجلة سابقاً، إضافة إلى دفع مبالغ مالية «إتاوات» لخروج الناقلات من الميناء.
وتستمر ملاحقة البضائع، وفقا للقديمي، إلى خارج حدود الميناء، إذ مع خروج ناقلات البضائع من المدينة، تعمد الميليشيات إلى نشر نقاط تفتيش في طريق هذه الناقلات لأخذ رسوم إضافية للسماح لهم للعبور، الأمر الذي دفع كثيرا من التجار إلى تحويل مسار السفن التي تحمل بضائعهم من ميناء الحديدة، إلى ميناء عدن، فيما أوقف عدد من التجار نشاطهم التجاري، وأوقفوا عمليات الاستيراد بسبب عمليات النهب والسطو على الممتلكات.
وأكد محافظ أول الحديدة، أنه مع تحول مسار التجار سارعت الميليشيات لفتح مكاتب لها في صنعاء، وعمران، وضمار، بهدف فرض سيطرتها على البضائع القادمة من عدن أو من مأرب وحضرموت، من خلال رسوم جمركية على الطرقات، موضحا أن ذلك يتسبب في نقص المواد الأساسية في المدن التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين في إقليم تهامة، بسبب ارتفاع تكلفة نقلها من عدن إلى الإقليم، والرسوم الجديدة التي فرضتها الميليشيات على التجار، مما سيدفعهم إلى رفع سعر البيع على المواطن في نهاية المطاف.
وقال القديمي، إن «ممارسات الميليشيات أفقدت ثاني أهم ميناء في اليمن قيمته الاقتصادية، وقدرته على مد المدن اليمنية بشكل عام بجميع أنواع المواد الغذائية والاستهلاكية ومشتقات النفط، ومع زيادة هذه الأعمال دعونا الحكومة الشرعية للتدخل السريع حتى لا ينهار الميناء تماما مع تقلص دخول السفن التجارية للميناء ومخاوف التجار من تنامي هذه الأعمال».
وترسل الميليشيات، بحسب القديمي، إيرادات الميناء شهريا إلى قيادتها في صنعاء، لدعم ما يعرف بـ«المجهود الحربي» الذي تتبناه الميليشيات، بينما يعيش أبناء المدينة في نقص دائم من المواد الأساسية وشح المياه بعد فرض الميليشيات سيطرتها على شركة النفط والمشتقات النفطية المخصصة للمولدات لإنتاج المياه وضخها في خزانات المدينة، مما أدى إلى شح في المياه قد تنتج عنه كارثة إنسانية تضاف إلى نقص المواد الأساسية.
وأشار إلى أن الوضع الحالي للميناء فتح المجال للميليشيات للقيام بكثير من الأعمال المخالفة للأنظمة، ومنها الاستيلاء بالقوة على كثير من السفن التي رست في ميناء الحديدة محملة بالمعونات الغذائية والطبية، لنجدة أبناء المدينة والقرى القريبة منها، وبيعها بطرق مخالفة للأنظمة لعدد من التجار الموالين لها، الذين باعوها بدورهم في السوق السوداء بأسعار خيالية.
واعتبر القديمي أن تأزم الوضع في الحديدة دفع بكثير من قياداتها ومشايخها إلى تأسيس مجاميع قتالية متعددة في المدينة، تقوم بدور مهم في هذه المرحلة، وهي جاهزة للقيام بأعمال عسكرية تساند تقدم الجيش الوطني نحو المدينة، ولها تواصل مع قيادات السلطة المحلية في الحديدة، لافتا إلى أن المدينة نجحت في تأسيس لواءين من أبنائها وإرسالهما إلى جبهة المخا، للمشاركة مع الجيش الوطني وقوات الشرعية في تحرير ما تبقى من مدن على الشريط الساحلي.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.