ترمب وإردوغان اتفقا على التعاون وتحميل الأسد مسؤولية خان شيخون

تسريبات عن عملية تركية تستهدف مناطق سيطرة الأكراد شمال سوريا

ترمب و إردوغان
ترمب و إردوغان
TT

ترمب وإردوغان اتفقا على التعاون وتحميل الأسد مسؤولية خان شيخون

ترمب و إردوغان
ترمب و إردوغان

في حين اتفق الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترمب بشأن تحميل رئيس النظام السوري بشار الأسد المسؤولية عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية على خان شيخون في محافظة إدلب في 4 أبريل (نيسان) الحالي، بدا أن هناك توافقا على التنسيق في المرحلة المقبلة بشأن سوريا خصوصا فيما يتعلق بالموقف من القوات الكردية التي تسعى أنقرة لدفع واشنطن للتخلي عن دعمها لها والاعتماد عليها في عملية تحرير الرقة المعقل الرئيسي لـ«داعش» في سوريا، تزامنا مع تسريبات عن استعداد تركي لعملية جديدة في شمال سوريا ستستهدف مناطق خاضعة بالأساس لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
وفي بيان حول الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره التركي مساء أول من أمس (الاثنين)، للتهنئة بنتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور والانتقال للنظام الرئاسي في تركيا، قال المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية التركية، إن الرئيسين تطرقا إلى هجوم النظام السوري بالأسلحة الكيماوية على بلدة خان شيخون، وأن ترمب عبر عن شكره لإردوغان لدعمه واشنطن في هذا الخصوص.
وأضاف البيان، أن ترمب وإردوغان تطرقا إلى الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، وأكدا ضرورة التعاون في مواجهة مختلف المجموعات التي تلجأ إلى الإرهاب من أجل تحقيق أهدافها.
وقالت مصادر رئاسية تركية، أمس الثلاثاء، إن ترمب تعهد بالتعاون الوثيق مع تركيا فيما يتعلق بسوريا والعراق والقتال ضد حزب العمال الكردستاني الذي تقول تركيا إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية، امتداد له.
ونقلت المصادر عن ترمب قوله في بيان «أقدر صداقتنا. أمامنا كثير من الأمور المهمة التي يجب أن نقوم بها معا».
كما أكد البيت الأبيض، أن ترمب هنأ إردوغان بنتيجة الاستفتاء، وشكره على دعمه للضربة الجوية الأميركية الأخيرة على مطار الشعيرات السوري، واتفقا على ضرورة تحميل رئيس النظام السوري بشار الأسد المسؤولية عن الهجوم الكيماوي في إدلب السورية، وعلى ضرورة محاسبة الأسد.
في سياق مواز، وعقب إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تجمع شعبي أمام القصر الرئاسي سبق اجتماعا لمجلس الأمن القومي برئاسته، مساء أول من أمس (الاثنين)، رشحت معلومات من مصادر قريبة من الحكومة، عن احتمال القيام بعملية عسكرية جديدة في شمال سوريا ستستهدف مناطق تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.
وقال مدير مركز الأبحاث الخارجية التركي في أنقرة، أفق أولطاش، وهو كاتب صحافي معروف بقربه من الحكومة التركية في تقرير حول السياسة التركية في سوريا، نشر أمس، إن تل أبيض وعفرين وكوباني (عين عرب) والحسكة، تشكل الأولوية بالنسبة للجيش التركي بعد انتهاء عملية «درع الفرات» التي استطاع من خلالها وبالاستعانة بفصائل من الجيش السوري الحر السيطرة على محور جرابلس أعزاز، والتمركز في مدينة الباب بعد تطهيرها من «داعش»، وبالتالي قطع الصلة بين جيبي عفرين ومنبج.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مرارا في الأسابيع الأخيرة خلال حملته للاستفتاء على تعديل الدستور، أن عملية «درع الفرات» كانت البداية، وأن الجزء الأول منها انتهى، وأنها ستواصل طريقها إلى منبج.
وتحدثت مصادر عن تحركات عسكرية وتعزيزات للجيش التركي في تل أبيض في ريف الرقة، وهو أحد المحاور التي اقترحت أنقرة على واشنطن استخدامها في الهجوم على الرقة.
وزار وزير الدفاع التركي فكري إيشيك واشنطن الجمعة الماضي، وبحث مع نظيره الأميركي جيمس ماتيس التنسيق في العمليات ضد «داعش» في سوريا والعراق، وقالت مصادر تركية إنه طرح عليه مقترحا جديدا يتعلق بعملية الرقة يستثني مشاركة القوات الكردية فيها.
وأشارت المصادر إلى تنسيق تركي مع العشائر العربية وبعض فصائل الجيش السوري الحر في تل أبيض استعدادا للعملية الجديدة.
ولفتت المصادر إلى أن أنقرة تخطط أيضا لعملية باسم «درع دجلة» لطرد عناصر حزب العمال الكردستاني من سنجار في شمال العراق، وأن التحركات والاتصالات على خط أنقرة وواشنطن تهدف التنسيق بشأن هذه العمليات بسبب دعم واشنطن للقوات الكردية، لكن المصادر أشارت إلى أن أنقرة تولي العملية في سوريا والتقدم نحو منبج ومنع الخطر الكردي على حدودها الأولوية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.