زوجات مرشحي «الإليزيه» يخضن الانتخابات من أمام الستار

من هي الأكثر صلاحية للقب «الفرنسية الأولى»؟

الممثلة سعيدة جواد صديقة المرشح ميلانشون  -  بنيلوب فيون  -  بريجيت ماكرون جاهزة لقصر الرئاسة
الممثلة سعيدة جواد صديقة المرشح ميلانشون - بنيلوب فيون - بريجيت ماكرون جاهزة لقصر الرئاسة
TT

زوجات مرشحي «الإليزيه» يخضن الانتخابات من أمام الستار

الممثلة سعيدة جواد صديقة المرشح ميلانشون  -  بنيلوب فيون  -  بريجيت ماكرون جاهزة لقصر الرئاسة
الممثلة سعيدة جواد صديقة المرشح ميلانشون - بنيلوب فيون - بريجيت ماكرون جاهزة لقصر الرئاسة

ليس من وراء الستار بل من أمامه، تخوض زوجات المرشحين للرئاسة الفرنسية معركة دعم أزواجهن، كل بطريقتها وعلى قدر مؤهلاتها. وفي حين اختارت بعضهن، في مرحلة سابقة، البقاء في الظل، فإن أضواء الصحافة لم تترك أياً منهن دون ملاحقة وكاميرات وطلبات لمقابلات. وحققت الصحافية أليكس بوياغيه، صاحبة «البرنامج السياسي» على القناة الفرنسية الثانية، خبطة مهنية وتجارية، معاً، حين استبقت الانتخابات بإصدار كتاب عن أسرار ما يجري في المخدع الرئاسي، وبالتحديد في الجناح المخصص لسيدة فرنسا الأولى. وهو لقب ما كان شائعاً قبل عشر سنوات، جرى استيراده من الولايات المتحدة.
عنوان الكتاب «ممر المدام». وهو يستعيد تفاصيل غير معروفة لعامة الناس عن علاقات الرؤساء بزوجاتهم ونمط كل واحدة من السيدات اللواتي تعاقبن على الإقامة وراء جدران «الإليزيه»، ثاني أشهر القصور الرئاسية في العالم، بعد البيت الأبيض الأميركي، والمبنى الذي كان الملك لويس الخامس عشر قد قدمه هدية لمحظيته ماركيز دو بومبادور. وبحكم نبشها في خفايا الزوجات، أصبحت المؤلفة خبيرة في تتبع المرشحات الجديدات للإقامة في جناح «المدام». وقد روت في حديث مطول أدلت به إلى إذاعة «أوروبا 1» انطباعاتها عن مقابلات أجرتها مع ثلاث منهن، ومع زوج المرشحة مارين لوبان.
تؤكد بوياغيه أن مرافقة المرشحين ليست نزهة جميلة. وهي تتطلب شجاعة، وأحياناً، تضحيات، لأن الزوج الطامح للزعامة يخصص الجانب الأكبر من وقته للسياسة بل ويعتبرها حياته كلها. وفي حين كان الفرنسيون يحملون الكثير من التقدير للبريطانية بنيلوب فيّون، زوجة المرشح عن اليمين التقليدي فرنسوا فيّون، نظراً لعزوفها عن الأضواء والتزامها حياة بسيطة، فإنهم فوجئوا باتهامها بتلقي مرتبات كبيرة دون أن تقوم بعمل مؤكد في مساعدة زوجها النائب، الأمر الذي قذف بها من العتمة إلى النور بحيث كادت فضيحتها تقضي على المسار الانتخابي لزوجها. وقد قابلتها المؤلفة لكنها لم تسألها عن دورها في العمل العام لأن المقابلة جرت قبل انكشاف ما صار يسمى «بنيلوبغيت».
تبدو بريجيت، زوجة مرشح الوسط إيمانويل ماكرون، الأكثر استعداداً لشغل موقع الفرنسية الأولى. إنها لا تخاف الأضواء رغم أن هناك عقدة مثيرة في علاقتها بزوجها. فهي تكبره بتسعة عشر عاماً. وكانت معلمة في مدرسته حين كان طالباً في الثانوية. وهي التي شجعته على الكتابة قبل أن تقوم بينهما قصة حب تشبه تلك التي قامت ببطولتها الممثلة «آني جيراردو» في الشهير «الموت حباً». ومنذ بداية الحملة الانتخابية، لا يكاد يمر أسبوع دون أن تظهر بريجيت ماكرون على أغلفة المجلات. وكانت آخر الصور هي تلك التي التقطت لها بثياب التزلج على الجديد أثناء جولة مع زوجها في شرق فرنسا. وطبعاً، لاحظت الفرنسيات بشكل خاص أن الزوجة الخمسينية تحاول التمسك بأهداب الشباب لكي تكون مناسبة لزوجها البالغ من العمر 39 عاماً وهو الأصغر بين كل المرشحين. إنها تحافظ على قوام يقترب من الهزال وأجساد المرهقات، وقد جمّلت أنفها واعتمدت تسريحة شقراء تتهدل خصلاتها على جبينها، على طريقة الممثلة «ميراي دارك».
ترى أليكس بوياغيه أن أهم ما يميز زوجة ماكرون هو طبعها الميال للتواصل مع الناس. وهناك خلف مظهرها المسترخي والحيوي تختبئ شخصية تمسك بزمام اللغة وتجيد التعبير عن الرسائل التي تود نقلها للناخبين. لقد أخذت دور «راوية الحكاية» المتعلقة بقصة الحب التي تجمعها بزوج يصغرها في السن كثيراً، وعرفت كيف تقلب هذه المفارقة لصالحها في علاقتها مع الصحافة. فالناس، في العموم، يحبون حكايات الحب التي تتحدى الظروف والسنن السائدة وتنتصر في النهاية. إن بريجيت التي كانت مدرسة للغة الفرنسية تدير، بشكل فعال، العلاقات العامة لزوجها وقد نجحت في إظهاره بمظهر الرجل الصلب القادر على الدفاع عن مبادئه حتى النهاية. وفي حال فاز ماكرون بالرئاسة، فإنه سيمنح صفة رسمية، على الأغلب، لوظيفة السيدة الأولى. وبهذا لن تكون معلمته السابقة مجرد مرافقة له في الحفلات بل تقوم بدور فعال في الحياة العامة، إلى جواره.
ولكن من هي غابرييل غوالار؟ حين يسمع عموم الفرنسيين هذا الاسم فإنهم يهزون الرؤوس استفهاماً، ولن يخطر لهم أنها زوجة بنوا هامون، مرشح الحزب الاشتراكي الحاكم. لقد ظهر زوجها على المسرح الانتخابي دون توقعات مسبقة. وكان الاشتراكيون يراهنون على رئيس الوزراء السابق مانويل فالس حين تجاوزه هامون وفاز في الانتخابات التمهيدية لتسمية مرشح الحزب. ورغم هدوء هامون وكفاءته فإنه يتراجع بالتدريج في استطلاعات الرأي بحيث تخلى عنه حتى رفاقه في الحزب. لهذا فإن شريكة حياته غابرييل حافظت على مسافة بينها وبين الأضواء. ورغم ما تنقله مؤلفة الكتاب عنها من أنها صاحبة شخصية ومزاج عصري، فإن مدام هامون لا تتورط في أوهام «الإليزيه». وهي تصنع كل شيء بنفسها ولا تعتمد على زوجها الذي وهب حياته للحزب الاشتراكي. وفي حال حدثت معجزة ما وفاز هامون بالرئاسة فإن زوجته ستضطر لترك عملها في أكبر مجموعة استثمارية وصناعية في فرنسا. لكنها مطمئنة إلى بقائها هناك. وهي لم تبرمج حياتها على أنها ستدخل «الإليزيه» ذات يوم.
ويبقى لويس آليو، زوج المرشحة القوية مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف. وهو، في حال فوزها بالرئاسة لن يكون بالطبع «سيدة أولى». وقد أكد للمؤلفة بأنه لن يكون «وزيراً أول». وهو يرى أن الناخب لا يدلي بصوته لزوجين بل لرئيس أو رئيسة. ولهذا فإنه لا يجد موقعاً له في «الإليزيه»، ولا في العشاءات الرسمية. وليس معنى هذا أنه يتنصل من زوجته ولا يحب أن يكون تابعاً لها، بل سيدعمها ويقف سنداً لها في معاركها، وما أكثرها. وله يعود فضل كبير في تجميل صورة الحزب العنصري الذي ورثته مارين من أبيها.
لم تلتق المؤلفة بزوجة «الحصان الفالت» مرشح اليسار الثوري جان لوك ميلانشون، لسبب بسيط هو أنه، حالياً، دون زوجة. وهو قد تطلق من برناديت أبرييل وله منها ابنة وحيدة هي مارلين كامي، التي تشتغل مثل أبيها في الحقل العام وتدعمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون أن تظهر في الصورة. ورغم ظهور تعليقات تؤكد أن ميلانشون، المولود في طنجة والذي درس فيها حتى بلوغه الحادية عشرة، مرتبط بالممثلة والكاتبة المسرحية المغربية الأصل سعيدة جواد، فإنه قال في كلمة نشرها حديثاً في مدونته: «سأكون رئيساً أعزب، وهو ما يوفر على الفرنسيين نفقات السيدة الأولى».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».