«نعم» تركية تحقق حلم إردوغان... وكابوس معارضيه

انتصار بهامش ضئيل... ومخاوف من الانتقال إلى «نظام الرجل الواحد»

إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول أمس (رويترز)
إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول أمس (رويترز)
TT

«نعم» تركية تحقق حلم إردوغان... وكابوس معارضيه

إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول أمس (رويترز)
إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول أمس (رويترز)

صوّت الأتراك، أمس، بفارق ضئيل لصالح التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس رجب طيب إردوغان، ومن شأنها تحويل النظام السياسي في البلاد إلى رئاسي بدلاً من النظام البرلماني، الذي عملت به الجمهورية التركية منذ تأسيسها في عام 1923، وصوت أكثر من 51 في المائة من المقترعين بـ«نعم» لصالح التعديلات، في حين صوت نحو48 في المائة ضدها، وبذلك تحقق «حلم» إردوغان بتوسيع صلاحياته وباتت الطريق ممهدة أمامه للبقاء رئيساً للبلاد حتى عام 2029، وهو ما يعتبره معارضوه «كابوساً».
وأدلى الناخبون بأصواتهم في الاستفتاء الذي أثار الكثير من الجدل داخل تركيا وخارجها؛ إذ رفضت المعارضة ممثلة في حزبي «الشعب الجمهوري» و«الشعوب الديمقراطي» حزمة التعديلات المكونة من 18 مادة، في حين أيدها حزب الحركة القومية. وتجاوزت نسبة الإقبال على التصويت 80 في المائة من بين عدد الناخبين البالغ 55 مليونا أدلوا بأصواتهم في 176 ألفا و140 صندوقا، إلى جانب 461 صندوقا لنزلاء السجون، وبلغ عدد من أدلوا بأصواتهم 53 مليونا و561 ألفا.
واللافت في أصوات الناخبين في الخارج، تصويت نحو 67 في المائة من الناخبين في هولندا، و62 في المائة في ألمانيا، و80 في المائة في بلجيكا، و59 في المائة في فرنسا، و71 في المائة في النمسا لصالح التعديلات، في حين صوت 85 في المائة من الأتراك في أميركا بـ«لا». وتابع الرئيس إردوغان إعلان نتائج الاستفتاء من قصر هوبر في إسطنبول، في حين تابعها رئيس الوزراء بن علي يلدريم من المقر العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة.
وجاءت النتائج متقاربة إلى حد كبير مع ما أظهرته استطلاعات الرأي الأخيرة قبل الاستفتاء، التي أظهرت تقدم معسكر «نعم» بفارق ضئيل على معسكر «لا»، وتوقعت فوز معسكر «نعم» بما يراوح بين 51 و52 في المائة.
وكانت المفاجأة في مدينة إسطنبول التي تعد واحدا من أهم المعاقل الانتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، التي لم يصوت ناخبوها بأغلبية كبيرة لصالح العدالة والتنمية، كما فقد الحزب العاصمة أنقرة، حيث صوت 50.3 في المائة من ناخبيها بـ«لا».
وقال نائب زعيم حزب الشعب الجمهوري: إن قرارا اتخذته لجنة الانتخابات التركية في اللحظة الأخيرة لقبول أصوات غير مختومة أصواتا صحيحة سيتسبب في مشكلة خطيرة في شرعية الاستفتاء. وجاء في بيان على الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للانتخابات قبل ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع أن «المجلس سيحصي أصواتا لم يختمها مسؤولوه بوصفها صحيحة إلا إذا ثبت أنها مزيفة»، متعللا بوجود عدد كبير من الشكاوى من أن مسؤولي المجلس في مراكز الاقتراع لم يقوموا بختم كل أوراق الاقتراع. وقال بولنت تيزجان، نائب رئيس «الشعب الجمهوري» للصحافيين في مقر الحزب في أنقرة: «المجلس الأعلى للانتخابات فشل من خلال السماح بحدوث تزوير في الاستفتاء».
وأثار الاستفتاء انقساما واسعا في صفوف الشعب التركي نتيجة حالة الاستقطاب السائدة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي، التي ركز عليها الرئيس التركي في حملته للاستفتاء على تعديل الدستور. وأكد إردوغان وأنصاره، أن هذه التعديلات ضرورية لإصلاح الدستور الحالي الذي وضعه جنرالات عام 1982 في أعقاب الانقلاب العسكري عام 1980 ولمواجهة تحديات أمنية وسياسية أمام تركيا وتفادي الحكومات الائتلافية الهشة التي تشكلت في الماضي.
في المقابل، قال المعارضون: إن الاستفتاء هو خطوة نحو المزيد من الاستبداد في بلد سجن فيه أكثر من 47 ألف شخص، كما تمت إقالة أكثر من 140 ألف شخص من وظائفهم أو وقفهم عن العمل في حملة أعقبت الانقلاب الفاشل في يوليو الماضي؛ مما أثار انتقادات من حلفاء تركيا في الغرب ومنظمات حقوقية دولية.
كما تدهورت العلاقات بين تركيا وأوروبا خلال حملة الاستفتاء عندما منعت دول بالاتحاد الأوروبي، من بينها ألمانيا وهولندا، وزراء أتراكا من تنظيم لقاءات جماهيرية للدعاية للتعديلات الدستورية. ووصف إردوغان هذه التحركات بأنها «أفعال نازية»، وقال: إن تركيا قد تعيد النظر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بعد سنوات كثيرة من سعيها للانضمام إليه.
واتهم كمال كليتشدا أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، إردوغان بالسعي إلى نظام «الرجل الواحد»، قائلا إن التعديلات المقترحة ستجعل تركيا في خطر. وأضاف في آخر تجمع انتخابي له بالعاصمة أنقرة «ليس للأمر علاقة باليمين أو اليسار. إنها قضية وطنية. سنتخذ اختياراتنا مع وضع أبنائنا والمستقبل في الاعتبار».
وقال أحد الناخبين في لجنة في حي أفجيلار في إسطنبول لـ«الشرق الأوسط» إنه صوت بـ«لا» لأنه لا يريد أن يحكم فرد واحد تركيا؛ لأن ذلك سيضعفها ولن يقويها. لكن ناخبا آخر قال: إنه صوت بـ«نعم» من أجل تركيا قوية تحظى بالاستقرار، وتمضي في طريق النمو وتتجنب الانقلابات.
وعقد إردوغان عشية الاستفتاء أربعة تجمعات انتخابية بمدينة إسطنبول، كما ظهر رئيس الوزراء بن علي يلدريم في تجمعين، وحثا أنصارهما على الإقبال بقوة على التصويت. وتقضي مواد التعديلات وعددها 18 مادة بإلغاء منصب رئيس الوزراء ومنح الرئيس سلطة وضع مشروع الميزانية وإعلان حالة الطوارئ وإصدار المراسيم للإشراف على الوزارات دون موافقة البرلمان.
وشهدت عمليات التصويت في الاستفتاء هدوءا كبيرا باستثناء بعض الحوادث، حيث وقعت اشتباكات بين معارضي التعديلات الدستورية ومؤيديها في ديار بكر جنوب شرقي تركيا، قالت مصادر أمنية إنها «أسفرت عن مقتل شخصين».
وعقب إدلائه بصوته في إسطنبول وصف الرئيس إردوغان الاستفتاء بأنه حدث «غير عادي»؛ كونه يتعلق بمستقبل تركيا، وقال: إنني أثق بأن الشعب التركي سيتخذ قرارا من شأنه أن يحقق قفزة وتنمية أسرع. وأضاف: «ستتقدم أمتنا هنا وفي الخارج نحو المستقبل هذا المساء بقيامها بالخيار المنتظر».
واستقبل مئات المواطنين الأتراك الرئيس أمام المركز الانتخابي بشعارات الدعم والتأييد، حيث قام إردوغان بالتقاط الصور وتبادل الحديث مع المواطنين، ولفت إلى أنه سيتابع نتائج الاستفتاء من مدينة إسطنبول هذا المساء (مساء أمس).
من جانبه، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، احترامه لأي نتيجة تصدر عن الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية. وقال يلدريم: «أيا كانت نتيجة الاستفتاء فهي تاج على رؤوسنا؛ لأن القرار الذي يعطيه شعبنا هو الأفضل».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أدلى بصوته في أنطاليا جنوب تركيا: «اليوم يمثّل نقطة تحول مهمة من أجل مستقبل تركيا».
بدوره، أشاد وزير الدفاع فكري إيشيك، عقب التصويت في ولاية كوجالي غرب تركيا بمستوى النضج الذي وصلت إليه تركيا فيما يتعلق بالديمقراطية، وقال: «شهدت البلاد حملات حرة للاستفتاء، وسيختار الشعب قراره في الصناديق ليتضح بعد ساعات ما إذا كانت تركيا ستنتقل إلى النظام الرئاسي أم لا». أما وزير العدل بكر بوزداغ، فقال للصحافيين في ولاية يوزغات (شرق): إن «الشعب التركي هو صاحب القرار اليوم»، معرباً عن أمله في أن يكون الاستفتاء «خيراً على البلاد». وأكد بوزداغ، أن المواطنين الأتراك «يدلون بأصواتهم للاستفتاء الشعبي في عموم البلاد بأمان وسلام». مشددا على أهمية الاستفتاء بالنسبة لمستقبل تركيا.
بدوره، قال رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت بهشلي، الذي دعم حزبه التعديلات منذ البداية: إن السياسة في تركيا ستشهد إعادة هيكلة عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وأضاف عقب الإدلاء بصوته في أنقرة أمس: إن الاستفتاء هو نقطة تحول بالنسبة إلى الشعب؛ لأن السياسة التركية ستشهد إعادة هيكلة جديدة فيما يخص مستقبل البلاد. وأشار إلى أهمية المشاركة العالية في التصويت: «كضرورة للثقافة الديمقراطية التي يتحلى بها الشعب التركي».
وكان البرلمان التركي أقر التعديلات الدستورية بعد تصويت 339 نائبا لصالحها في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، في حين رفضها 142 نائبا، وتمت إحالتها إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي صادق عليها في بداية فبراير (شباط) لتحال إلى الاستفتاء الشعبي.
ودشن الرئيس إردوغان، الذي سعى منذ توليه منصب رئيس الوزراء إلى الانتقال إلى الحكم الرئاسي، حملة تأييد التعديلات الدستورية في السابع عشر من فبراير الماضي بمدينة كهرمان ماراش جنوب تركيا، أحد معاقله الرئيسية التي أيدته في الانتخابات الرئاسية في أغسطس (آب) 2014.
وأطلق حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، الحملة الدعائية المعارضة للاستفتاء في 20 فبراير الماضي في مدن إسطنبول وأنقرة وإزمير غربي البلاد، في حين دشن حزب العدالة والتنمية في 25 فبراير الماضي بأنقرة حملة تأييد للاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وأطلق حزب الحركة القومية، الداعم للتعديلات، حملة تأييد منفصلة عن حزب العدالة والتنمية، وأكد زعيمه دولت بهشلي، أن «حزبه سيصوت بـ(نعم) للتعديلات الجديدة في الاستفتاء الشعبي لمصلحة الشعب التركي، وليس من أجل إردوغان».
في المقابل، أعلن حزب الشعوب الديمقراطي، أنه سيصوت ضد التعديلات الدستورية في الاستفتاء، محذراً من أن إقرار التعديلات سيؤدي إلى رفع الحاجز الانتخابي البالغ نسبته حاليا 10 في المائة لدخول البرلمان كحزب إلى نسبة 50 في المائة. كما أطلق 550 نائبا سابقا بالبرلمان التركي ممثلون عن 16 حزبا سياسيا حملة معارضة للتعديلات الدستورية.
ورغم إقرار الجميع باحترام قرار الشعب التركي بتأييد أو رفض التعديلات الدستورية، فإن كل طرف يدعو إلى اختيار «النهج الصحيح» الذي يسلكه.
واتسمت الحملات الدعائية للفريقين، المؤيد والمعارض، بالتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات، وبخاصة في الآونة الأخيرة بين الرئيس إردوغان وحزب العدالة والتنمية من جهة، ورئيس وأعضاء حزب الشعب الجمهوري من جهة أخرى.
واعتبر الجانب المؤيد للتعديلات الدستورية، أن الانتقال إلى النظام الرئاسي سيعزز موقع تركيا عالميا، ويزيد من حجم الاستثمارات فيها، ويقوي الاقتصاد ويجلب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد. في المقابل، اعتبر معسكر المعارضين أن تأييد التعديلات الدستورية «يضعف» البرلمان ويمنح جميع السلطات لرجل واحد، كما أنه لن يساعد على حل مشكلات البطالة وعدم الاستقرار الاقتصادي والعملة المحلية، وسيؤدي إلى «تسييس» بعض المؤسسات المهمة.



معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
TT

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقاً لخبراء قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرى «معهد كيل» الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في المدة من 2022 إلى 2024.

ويقول مصدر عسكري أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن جزءاً من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولاً في مواجهة الروس، «فسيكون الأمر معقداً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين دون مساعدات جديدة» بالنسبة إلى الأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني، فولوديمير فيسينكو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه، وما لدينا، وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لـ6 أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير».

ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة «ليون3» أنه «في معادلة حرب الاستنزاف: أنت تضحي؛ إما بالرجال، وإما بالأرض، وإما بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما تنسحب، وإما تضحي بالرجال».

وفي ما يلي 4 مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأميركية:

الدفاع المضاد للطائرات

تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها وبنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيداً من خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا 7 أنظمة «باتريوت» أميركية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز «إس إيه إم بي/ تي (SAMP/T)» حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة، وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير «شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة»، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن «الصواريخ الباليستية مهمة جداً لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا، فإن ترمب سيساعد بوتين على قتل المدنيين».

ويشرح ليو بيريا بينييه من «مركز إيفري الفرنسي للأبحاث»: «مع (باتريوت)، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأميركية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر، ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأميركيين وتسليمها للأوكرانيين أم إن الأميركيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم».

لتوفير ذخائر الـ«باتريوت»، تبني ألمانيا أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال إن «أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة (إس إيه إم بي/ تي - SAMP/T) جيدة جداً، ولكنها ليست متنقلة، ويجري إنتاجها بأعداد صغيرة جداً. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا». لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا بينييه أن «العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين».

ويضيف يوهان ميشال أن «إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا»، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات «إف16» و«ميراج 2000-5»، وأن لديهم فرصة لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق

يمكن للأسلحة الأميركية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، مما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ «أتاكمس (ATACMS)» أرض - أرض التي تطلقها راجمات «هيمارس (Himars)» التي أعطت واشنطن نحو 40 منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها «إحدى المنصات القليلة في أوروبا». ويقول بيريا بينييه إن «أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين».

ويقترح ميشال «أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأناً. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو؛ إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية».

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى «الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك»، مثل صواريخ «سكالب» الفرنسية، و«ستورم شادو» البريطانية. ولكن بيريا بينييه ينبه إلى أن «المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها».

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات

في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل. يقول ميشال: «ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ (جافلين) الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات (إف بي في - FPV) بشكل جيد».

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا بينييه إلى أن «أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءاً».

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 مليمتراً بمعدل 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد على 1.2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.

الاستطلاع والاستعلام

تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تجمع المعلومات وتعالجها.

ويقول فيسينكو: «من المهم جداً أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية».

ويشير ميشال إلى أن «الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، وكثير منهم يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال».