نحو 125 قتيلاً بينهم 68 طفلاً في تفجير حافلات أهالي الفوعة وكفريا

إدانات واسعة من الأمم المتحدة ومجلس التعاون والبابا

صورة التقطت أمس تظهر الدمار الذي لحق بحافلات كانت تنقل سكان بلدتي الفوعة وكفريا  (أ.ف.ب)
صورة التقطت أمس تظهر الدمار الذي لحق بحافلات كانت تنقل سكان بلدتي الفوعة وكفريا (أ.ف.ب)
TT

نحو 125 قتيلاً بينهم 68 طفلاً في تفجير حافلات أهالي الفوعة وكفريا

صورة التقطت أمس تظهر الدمار الذي لحق بحافلات كانت تنقل سكان بلدتي الفوعة وكفريا  (أ.ف.ب)
صورة التقطت أمس تظهر الدمار الذي لحق بحافلات كانت تنقل سكان بلدتي الفوعة وكفريا (أ.ف.ب)

قتل نحو 125 شخصاً، غالبيتهم من أهالي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام وبينهم 68 طفلاً، في تفجير انتحاري استهدف السبت حافلات غرب حلب كانت تقلهم بعيداً عن بلدتيهما اللتين تعانيان مرارة الحصار منذ عامين.
ووقع التفجير غداة عملية إجلاء شملت سبعة آلاف شخص من أربع بلدات سورية، هي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب (شمال غرب) ومضايا والزبداني قرب دمشق، ضمن اتفاق بين النظام السوري والفصائل المعارضة برعاية إيران حليفة دمشق، وقطر الداعمة للمعارضة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، عن سقوط «126 قتيلا بينهم 109 من أهالي الفوعة وكفريا» في التفجير الانتحاري بشاحنة مفخخة الذي استهدف 75 حافلة كانت تقلهم ومتوقفة في منطقة الراشدين الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة غرب حلب وتنتظر إكمال طريقها إلى المدينة. وأكد مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن بين القتلى «68 طفلا».
وبين القتلى أيضاً، وفق المرصد، موظفو إغاثة ومقاتلون معارضون كانوا يواكبون القافلة.
ولا يزال عدد القتلى مرشحاً للارتفاع نتيجة وجود «مئات الجرحى»، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى أن الحصيلة الكبيرة مردها انفجار شاحنة المواد الغذائية قرب محطة وقود في المكان.
وأدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، بشدة، التفجير، وأعرب عن «تعاطف دول مجلس التعاون مع الشعب السوري الشقيق تجاه هذه الجريمة النكراء التي ينبغي على المجتمع الدولي أن يدينها، وأن يسارع إلى نصرة الشعب السوري في محنته ووقف الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحقه، معرباً عن تعازيه الحارة لذوي الضحايا الأبرياء، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل».
كما أدان البابا فرنسيس التفجير باعتباره عملاً «حقيراً». وقال البابا في «قداس عيد القيامة»، أمس، أمام عشرات الآلاف من الأشخاص في ميدان القديس بطرس: «أدعو الرب أن يحمي جهود هؤلاء الذين يعملون جاهدين على تحقيق الأمان لشعب سوريا، سوريا الحبيبة الشهيدة، الذي سقط ضحية للحرب التي لا تتوقف عن غرس الرعب والموت».
من جهته، دان أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الهجوم، وأعرب في بيان صدر عنه، عن تعازيه لأسر ضحايا الحادث، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل، مشدداً على ضرورة تقديم المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة.
وأكدت الخارجية الفرنسية في بيان، أمس، أن باريس «تدين بشدة» التفجير الانتحاري، معتبرة مهاجمة المدنيين «غير مقبولة». وأضاف المتحدث باسم الوزارة، أن «الهجمات على المدنيين غير مقبولة أيا كان منفذوها. ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم المشينة قضائيا»، داعياً إلى «حماية الأفراد الذين يجري إجلاؤهم والاحترام الصارم للقانون الإنساني الدولي».

ووقع التفجير غداة عملية إجلاء شملت 7 آلاف شخص من 4 بلدات سورية، هي: الفوعة وكفريا في محافظة إدلب (شمال غرب)، ومضايا والزبداني قرب دمشق، ضمن اتفاق بين نظام الأسد والفصائل المعارضة برعاية إيران حليفة دمشق، وقطر الداعمة لجيش الفتح.
وبين القتلى أيضاً، وفق المرصد، موظفو إغاثة ومقاتلون معارضون كانوا يواكبون القافلة. وأفاد الهلال الأحمر السوري عن إصابة «ثلاثة من كوادره (...) بجروح متوسطة» في التفجير. ولا يزال عدد القتلى مرشحاً للارتفاع نتيجة وجود «مئات الجرحى»، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى أن الحصيلة الكبيرة مردها انفجار شاحنة المواد الغذائية قرب محطة وقود في المكان.
وغداة التفجير، كانت الأشلاء لا تزال منتشرة في المكان المستهدف، وبينها أشلاء تعود لأطفال، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقل المراسل مشاهدته لحاجيات الناس مرمية بينها حقائب مفتوحة داخلها ثياب، فضلاً عن أوانٍ منزلية وتلفزيونات.
وخلف التفجير حفرة عميقة وحافلات مدمرة تماماً وسيارات عسكرية محترقة للفصائل المعارضة. ولم يبق من شاحنة، يعتقد أنها التي انفجرت، سوى المحرك.
وبعد ساعات على التفجير، وانتظار طال أكثر من 35 ساعة نتيجة خلاف بين طرفي الاتفاق، استأنفت حافلات الفوعة وكفريا طريقها لتصل ليلاً إلى مدينة حلب التي يسيطر عليها الجيش السوري.
كما وصلت قافلة مضايا والزبداني بعد توقف دام أكثر من 15 ساعة في منطقة الراموسة تحت سيطرة قوات النظام قرب حلب إلى محافظة إدلب، أبرز معاقل الفصائل المعارضة والإسلامية. وأمضى أهالي الفوعة وكفريا ليلتهما في مركز للإيواء في منطقة جبرين قرب حلب. وتم نقل عدد من جرحى التفجيرات إلى مستشفيات حلب وآخرين إلى مستشفيات في محافظة إدلب.
ومن مركز الإيواء في جبرين، روت ميساء (30 عاماً) الآتية من كفريا عبر الهاتف للوكالة، هول ما رأته. وكانت ميساء تجلس مع طفليها هادي (6 أشهر) ونرجس (10 سنوات) على «بعد 7 حافلات من مكان التفجير».
وقالت: «كنت أجلس في حافلة. وضعت هادي على قدمي، ونرجس على الكرسي المجاور». وفجأة دوّى الانفجار، فحضنت ميساء طفليها ووقعت أرضاً. وأضافت: «بقينا على الأرض دقائق عدة. فأنا لم أعلم ماذا حصل ولم أكن أسمع سوى الصراخ والبكاء». وتابعت: «كان هادي يبكي بشدة، ونرجس تنظر إليّ دون أن تتحرك». أمسكت ميساء بيد طفليها وذهبت تبحث عن والدتها و«الحمد الله وجدتها».
تتذكر ميساء ما أحست به قائلة: «لا يمكنني أن أصف إحساسي بالخوف على أطفالي وأمي (...) كنت أفكر كيف تمكنا من النجاة طوال السنوات الماضية، وكيف كدنا نموت في اللحظات الأخيرة بعد الخروج من سجن (الحصار)».
لم تتمكن ميساء من كبت دموعها على الهاتف. وأضافت بنبرة غاضبة: «لم يكن قراري أن أحاصر مع زوجي وطفليّ، ولم يكن قراري أن أصعد إلى هذه الحافلة أو الخروج من البلدة». وخلصت: «لم يكن قراري أن أموت في هذا التفجير أو أن أنجو منه».
وأدان مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين التفجير قائلاً إن «مرتكبي هذا الاعتداء الجبان والبشع أثبتوا عدم اكتراثهم لحياة البشر».
وجرى الجمعة الماضي إجلاء 5000 شخص بينهم 1300 مقاتل موالٍ للنظام من بلدتي الفوعة وكفريا، و2200 ضمنهم نحو 400 مقاتل معارض من بلدتي مضايا والزبداني.
وتحاصر الفصائل الإسلامية الفوعة وكفريا منذ عام 2015، فيما حاصرت قوات النظام «مضايا والزبداني» 3 سنوات. ومن المقرر بموجب اتفاق البلدات الأربع أن يتم على مرحلتين، إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم بـ16 ألف شخص، مقابل خروج من يرغب من سكان «مضايا والزبداني».
ودخل الجيش السوري «مضايا»، الجمعة الماضي، بعد خروج القافلة منها فيما لا يزال نحو 150 مقاتلاً معارضاً ينتظرون إجلاءهم من «الزبداني».
وشهدت سوريا خلال سنوات الحرب، التي تخللها حصار كثير من المناطق من قبل جميع أطراف النزاع، عمليات إجلاء عدة شملت عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين، وخصوصا من معاقل الفصائل المعارضة.
وأسفر النزاع السوري منذ عام 2011 عن مقتل 320 ألف شخص، وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.