نائب أمين «الاشتراكي اليمني»: السلام لا يعني إفلات مجرمي الحرب من العقاب

المخلافي قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن احتكار الدولة للسلاح يقضي على الإرهاب

د. محمد المخلافي
د. محمد المخلافي
TT

نائب أمين «الاشتراكي اليمني»: السلام لا يعني إفلات مجرمي الحرب من العقاب

د. محمد المخلافي
د. محمد المخلافي

يؤكد الدكتور محمد المخلافي، نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ضرورة أن يساق من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى المحاكم، لافتا إلى أهمية التفريق بين المجرمين بصفتهم أفرادا، وبين القوى الاجتماعية التي قادوها إلى الحرب.
ويرى المخلافي، وهو وزير الشؤون القانونية في حكومة الوفاق الوطني - سابقا - أن احتكار الدولة للسلاح يقضي على الإرهاب، مؤكدا أن اليمنيين أدركوا أن إخراج بلادهم من أزمته وتحقيق فترة انتقالية ناجحة يتطلب الشراكة والتوافق.
وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، تحدث المخلافي عن جملة قضايا يمنية راهنة، تضمنت العدالة الانتقالية واسترداد الأموال المنهوبة، وكذا بخصوص التطرف والإرهاب، وطموحات وقدرات بعض الأطراف الإقليمية، وسعيها إلى نشر الفوضى في الإقليم. وفيما يلي نص الحوار...
* ما مخاطر الاتجاه إلى إعلان حالة الطوارئ في المحافظات الخاضعة لسلطة الانقلابيين؟
- حالة الطوارئ تتخذ عادة من قِبل سلطات شرعية، وهي وفقاً للدستور اليمني تعلن من قِبل رئيس الجمهورية بقرار جمهوري وفقاً لقانون طوارئ، وتستمر بموافقة الهيئة التشريعية، ويكون الهدف من ذلك صيانة الدستور والقانون من الانتهاكات والخروج عليه دون مسوغ قانوني. لكن إعلان حالة الطوارئ من قِبل جماعة متمردة وخارجة عن القانون ليس له من دلالة سوى الإعلان عن المزيد من أعمال التعدي على الحقوق والحريات، واستباحة الدماء والأموال، وبالتالي، يكون المواطنون اليمنيون الخاضعون لسلطة الانقلاب قد وضعوا في طابور الموت؛ الأمر الذي يستوجب من قوى السلام والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل العالم السعي لرفع هذا الخطر عن كاهل اليمنيين بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.
* هناك تحذيرات بأن اليمن مقدِم على أكبر كارثة إنسانية في العالم... فهل ممكن منع حدوثها في ظل استمرار الحرب؟
- مؤشرات هذه الكارثة ماثلة أمامنا، فهناك أكثر من 3 ملايين مشرد في الداخل والخارج، وهناك أكثر من 7 ملايين يمني يعانون المجاعة، ولا سيما في محافظات الحديدة وتعز وصنعاء. نحو 19 مليون مواطن يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، والسبب الرئيسي بالتأكيد هو الحرب، ومن غير المتصور إيقاف حدوث الكارثة الإنسانية في ظل الحرب، وهناك عوامل إضافية زادت الأزمة استفحالاً تتمثل في وقف دفع رواتب موظفي الدولة، وتحكّم الميليشيات في المساعدات الإنسانية، والحصار المضروب على المحافظات، مثل محافظة تعز، وبيع السلع التي تمثل احتياجات أساسية للمواطنين في السوق السوداء من قبل الميليشيات وتجار الحروب، وفرض إتاوات على السلع التجارية عند دخولها محافظات صنعاء وذمار وعمران، وقلة الاهتمام العالمي بهذه الكارثة، وبالتالي، ضعف المساعدات الأممية بالضحايا.
* كان مبدأ الشراكة والتوافق أساسا لإدارة الفترة الانتقالية... فهل ما زالت السلطات الشرعية تعمل وفقاً لهذين المبدأين؟
- لقد أُدرك اليمنيون أن إخراج اليمن من أزمته وتحقيق فترة انتقالية ناجحة يتطلب الشراكة والتوافق، وهو ما أكد عليه اتفاق المبادرة الخليجية واتفاق آلية تنفيذ نقل السلطة، واعتمدت الشراكة والتوافق مخرجات الحوار الوطني الشامل وضمانات تنفيذها ضمانا لنقل السلطة والانتقال الديمقراطي. والمقصود هنا بالشراكة والتوافق هو شراكة الأحزاب السياسية وتوافقها في إدارة المرحلة الانتقالية حتى تحقيق الانتقال إلى الدولة الاتحادية وإجراء انتخابات... وبعد اندلاع الحرب تعد هذه الشراكة ضمانة لاستعادة الدولة أولاً، وللعودة إلى العملية السياسية والانتقال الديمقراطي ثانياً، وإنجاز مهام ما تبقى من الفترة الانتقالية ثالثاً.
وربما بعد هذه الحرب التي دمرت، ليس مقدرات اليمن وحسب، بل قيمه ووشائجه الاجتماعية؛ فإننا ربما نكون في حاجة إلى الشراكة والتوافق حتى بعد تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود، لكن مع الأسف الشديد فإن الحرب كانت فرصة لمساعي إجهاض التعددية السياسية والحزبية، وأدت إلى تهميش فعلي للأحزاب السياسية جميعا دونما استثناء، واستبدالها بمراكز قوى ونفوذ قد تكون محسوبة على بعض الأحزاب، ولعل هذا أحد عوامل الضعف الأساسية للسلطة الشرعية... كنا وما زلنا نبذل جهوداً في الحزب الاشتراكي اليمني مع الأحزاب السياسية والسلطة الشرعية من أجل استعادة الشراكة والتوافق لتعزيز دور الشرعية وتفعيل دور الأحزاب في استعادة الدولة، وتخليص البلاد من آثار الحرب وتجاوز الانقسامات الوطنية بالأحزاب العابرة للانقسامات الطائفية والجهوية والسلالية، وغيرها من الانقسامات.
* إلى أي مدى أثر تعطيل إصدار قانون العدالة الانتقالية على مجريات الأحداث بالاتجاه السلبي؟ وهل الوقت متاح لإصدار قانون في الظروف الراهنة؟
- العدالة الانتقالية كانت وما زالت ضرورة لتجاوز آثار صراعات الماضي وانتهاكات حقوق الإنسان وزادت اليوم إلحاحاً؛ لأن الحرب قد جعلت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أكثر حجماً واتساعا، واليوم، الحاجة ليس إلى جبر ضرر مئات الآلاف من ضحايا الصراعات السياسية السابقة، بل نحن في حاجة إلى العدالة الانتقالية لعودة الملايين من المشردين إلى ديارهم، واستعادة مساكنهم وأراضيهم وممتلكاتهم. والعدالة الانتقالية هي من الآليات الرئيسية لفترة ما بعد الصراعات، لكي يتم الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية ومن الحرب إلى السلام، وكانت من الأسباب التي مكّنت الثورة المضادة من الانقلاب، هي عدم تحقيق العدالة الانتقالية وعدم هيكلة مؤسسات الجيش والأمن، إضافة إلى التعثر في نقل السلطة.
* ما الذي أعاق إصدار قانون استرداد أموال الشعب المنهوبة حتى الآن؟ وهل يشترط لإصداره الآن إجراءات محددة؟
- في فترة التوافق الوطني أُعيق مشروع إصدار قانون استرداد الأموال المنهوبة في الحكومة من قِبل وزراء النظام القديم، ومع ذلك اتخذ قرار من مجلس الوزراء بموافقة الكتلتين: اللقاء المشترك وشركاؤه، والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه على تكليف رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بطلب الاستشارة من الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن مدى صلاحية مشروع القانون المقدم من وزارة الشؤون القانونية على ضوء التجارب العالمية في هذا الشأن، ولكن الانقلاب سبق مسعى رئيس الوزراء آنذاك، وأطاح بالحكومة قبل أن تُنجز هذه المهمة، لكن هناك خيارات تتمثل بإصدار مرسوم رئاسي يُعمل به حتى تتوافر الظروف لإصداره قانونا.
* الحزب الاشتراكي اليمني أول من قدم مبادرة لإيقاف الحرب... ما قابليتها اليوم، وبخاصة في ظل المتغيرات المستمرة في البلاد؟
- المنطلق الأساسي لتلك الرؤية يتمثل في استعادة السلام الذي تم الانقلاب عليه من قبل تحالف الثورة المضادة - صالح والحوثي، باستعادة الدولة والعودة إلى العملية السياسية واستعادة الشراكة والتوافق، وإنهاء مسائل الخلاف بالجلوس على طاولة الحوار بعد تسليم السلاح ومقدرات الدولة، وانسحاب الميليشيات من المدن بالاستناد إلى المرجعيات التي تقوم عليها شرعية الفترة الانتقالية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات الشرعية الدولية الداعمة للانتقال الديمقراطي في اليمن، ومنها قرار مجلس الأمن رقم (2216)، وهو منطلق سيظل من مقومات نجاح كل خطة أو اتفاق للسلام.
* كيف تقيّمون ما آلت إليه أوضاع البلد اليوم، وهل لا يزال للسلام موقع في الأفق برأيكم؟
- اليمن اليوم وصل إلى مآلات كارثية اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهو يواجه اليوم تحدي الوجود من الداخل والخارج، وإطالة مدى الحرب تزيد من عقبات تحقيق السلام وصعوبة إعادة البناء والإعمار، والأمر الأكثر خطورة هو أن العالم بدأ يصرف النظر عن الاهتمام بحرب اليمن؛ الأمر الذي يتطلب منا - الداعيين للسلام والمتمسكين بشرعية الدولة ومن العالم العربي، وفي مقدمتها دول الجوار المتمثلة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية - أن يستعيد الاهتمام الدولي بالقضية اليمنية ومسار السلام.
* هل تعتقدون أن الانقلاب جاء على عجل وعلى خلفية مخرجات الحوار الوطني... أم دبّر خلال سنوات طوال من التآمر على اليمن؟
- الانقلاب جاء نتيجة لاستراتيجية الفشل التي اعتمدها النظام القديم من أول يوم من تشكيل حكومة الوفاق الوطني، والبدء بمرحلة الانتقال الديمقراطي، بدءا بضرب المنشآت الحيوية في البلاد كتفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وإعاقة نقل السلطة وإعاقة تطبيع الحياة العامة واستتباب الأمن. وكانت مؤشرات إعداد تحالف الثورة المضادة وحلفائها الإقليميين للانقلاب والحرب الأهلية ليست خفية، وساعد في ذلك تجاهل القوى الداعمة إلى التغيير المشاركة في السلطة لمتطلبات منع الانقلاب، ومن ذلك، إبقاء مؤسسات الدولة بيد الرئيس السابق - زعيم الانقلاب، ومنها، مؤسسات الجيش والأمن، رئاسة مجلس النواب، مجلس الشورى، المجالس المحلية بعد انتهاء ولايتها القانونية ومؤسسات الرقابة القضائية وغير القضائية، ومرد ذلك هو توقف الأحزاب الداعمة للتغيير الممثلة باللقاء المشترك وشركاؤه عن مؤازرة التغيير وممارسة موقف الخذلان لبعضها، وللطرف الممثل لها في الحكومة وانصرافها لاهتمام كل حزب بشؤونه الخاصة، ولم تستيقظ من سباتها لا السلطة ولا الأحزاب السياسية الداعمة التغيير حتى بعد صدور قرارات مجلس الأمن القاضي بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية الذين كانوا يعدون للانقلاب، وعلى رأسهم علي عبد الله صالح وعائلته وعبد الملك الحوثي وعائلته، ومن ثَّم، كانت ثلاث سنوات كافية للإعداد للثورة المضادة والانقلاب وعلى مهلٍ وتروٍ، علاوة على ما عانته الحكومة من خذلان دولي بعدم الدعم الاقتصادي للبلاد، الذي كان سيلعب دوراً مهماً في تحقيق انتقال ديمقراطي آمن.
* هل اليمن مرشح لأن يكون ساحة لصراعات دولية مستقبلية؟
- مع الأسف الشديد، اليمن من البلدان التي تُستغل فيه النزعات الطائفية ووهم السلالة لجعلها ساحة للصراع بين العروبة ومستهدفيها، والحرب الدائرة اليوم كان مصدرها استهداف العروبة من قبل أطراف إقليمية طامحة لإعادة العرب إلى حظيرة سيطرة قديمة صارت في ذمة التاريخ، وهي أحلام لن تتحقق، لكنها قادرة على تدمير العالم العربي بسلاح الطائفية والإرهاب، وهذا هو السبب الأول لما يجري في كل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، واستهداف مصر وتونس عبر الإرهاب.
* هل ما زالت القبيلة رافداً للدولة اليمنية؟ أم أن الانقلاب حوّلها إلى ميليشيات؟
- القبيلة هي من مؤسسات مجتمع ما قبل الدولة واستمرت تلعب دورها في اليمن لإبقاء اليمن في وضع دولة ما قبل القانون، وفي الحروب تتراجع مؤسسات المجتمع المدني لصالح المؤسسات والتشكيلات التقليدية، لكن الحروب بقدر ما تدمر المجتمع المدني هي تدمر كل المجتمع، ولا يستثنى من ذلك القبيلة، وعودة الدولة يكفل السلام لكل المجتمع ومؤسساته المدنية والتقليدية، والانقلاب استغل تشكيلات ما قبل الدولة، ولا سيما في المناطق التي لا تزال تحمل السلاح وأُقصيت من عملية التنمية بما في ذلك التنمية السياسية والثقافية ومجالات العمل، ولا سيما ممارسات الأعمال والمهن الحرة مما مكّن تحالف الانقلاب من تحويل أبناء هذه المناطق إلى ميليشيات لا تجيد إلا استخدام أجسادهم في العنف... ولكي لا تستمر هذه الحالة وتتكرر تظهر مهمة ملحة أمام مؤسسات المجتمع المدني، وفي مقدمتها الأحزاب السياسية بالاضطلاع بمهمتها التربوية والتنشئة السياسية ونشر ثقافة التحديث في كل أرجاء اليمن دونما استثناء، وهي مهمة لا بد أن تكون جزءا من خريطة الطريق في اليمن.
* أين موقع الحزب الاشتراكي في الجنوب اليوم؟ وما دوره الفعلي؟
- اليمن شماله وجنوبه يعاني من تغييب الفضاء السياسي وملء الفراغ العام بمراكز النفوذ والقوة وحملة السلاح والمتمترسين وراءه، ودعوات الكراهية والتشظي. أدى ذلك إلى تهميش الأحزاب السياسية كما سبق وأن أشرت في كل اليمن، وجعل أصحاب المشروعات الخاصة يدعون إلى العودة إلى ما قبل الدولة، وإلى ما قبل تشكل نواة المجتمع المدني في اليمن، ويدعون إلى الكراهية ضد الأحزاب السياسية، ولا سيما الحزب الاشتراكي اليمني الذين يدركون أنه في طليعة الأحزاب السياسية المدنية الذي يعمل من أجل تحقيق تحول ديمقراطي في اليمن وإقامة الدولة المدنية الحديثة، دولة المواطنة والحقوق المتساوية، والعدالة الاجتماعية، والتحديث والتقدم. من هنا، فإن مهمتنا الأولى هي استعادة الدولة لكي تستطيع الأحزاب السياسية، ومنها الحزب الاشتراكي اليمني استعادة فاعليتها الجماهيرية في الجنوب والشمال؛ وهو أمر ملح لاستعادة الاندماج الاجتماعي واستعادة الرابطة السياسية بين اليمنيين، ولا بد من إزالة العوائق أمام هذا الدور بتوفير الشروط الأمنية والقانونية من قبل السلطة للعمل الآمن.
* أين يقف الحزب الاشتراكي اليمني من مسألة الإرهاب، من زاوية أنه اكتوى بناره مطلع تسعينات القرن الماضي؟
- الحزب الاشتراكي اليمني كان، ولا يزال، خصماً للتطرف والإرهاب، وكان، ولا يزال، يدعو إلى ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية وقومية وعالمية متكاملة لمكافحة التطرف والإرهاب، ويرى أن خطة السلام في اليمن المأمولة يجب أن تشمل أسس استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب تكون كل الأطراف والأحزاب السياسية المناهضة للتطرف والإرهاب شريكة في وضع هذه الاستراتيجية وتنفيذها، والحزب الاشتراكي اليمني يرى أن إطالة أمد الانقلاب والحرب يخلق بيئة حاضنة ومواتية للتطرف والإرهاب بشكل أكبر، وبالتالي، يدعو الجميع إلى العمل من أجل استعادة الدولة واحتكارها للسلاح واستعادة التنمية فيها لكي تتمكن هذه الدولة من القضاء على الإرهاب.
* في رأيكم، هل يمكن أن يكون للحوثيين وصالح موقع في المستقبل بعد انتهاء الانقلاب... بأي صورة؟
- السلام الذي سيخرج اليمن من أزمنته الراهنة وينهي الحرب فيه بإنهاء الانقلاب، لا بد أن يكون نتيجة مساومة تاريخية بين الأطراف المتصارعة، وفي إطار وفاق وطني ثانياً، وهذا يقتضي عدم استبعاد أي طرف وطني، ولكن لا يعني بالضرورة إفلات الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة من العقاب، ويجب التفريق بينهم بصفتهم أفرادا وبين القوى الاجتماعية التي قادوها إلى الحرب، فعدم إفلات هؤلاء من العقاب لا يحول دون اشتراك الأطراف السياسية والاجتماعية التي قادوها في أي تسوية سياسية، والتعامل معهم ليس كقوى عسكرية، وإنما كقوى سياسية بعد تسليم السلاح للدولة؛ ومن أجل تحقيق السلام نحن في حاجة إلى شجاعة عالية للسمو فوق الجراح، والتحلي بأخلاقيات وقيم التسامح والقبول بالآخر المختلف.



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».