مساجد مصر تدعو المواطنين للإبلاغ عن الإرهابيين... والداخلية تحفز بجوائز مالية

وزارة الأوقاف تُصادر «كتب البنا وقطب» في قنا

مساجد مصر تدعو المواطنين للإبلاغ عن الإرهابيين... والداخلية تحفز بجوائز مالية
TT

مساجد مصر تدعو المواطنين للإبلاغ عن الإرهابيين... والداخلية تحفز بجوائز مالية

مساجد مصر تدعو المواطنين للإبلاغ عن الإرهابيين... والداخلية تحفز بجوائز مالية

بجوائز مالية مغرية، ودعوات من فوق المنابر، كثفت السلطات المصرية من ماراثون الملاحقة والمتابعة للعناصر الإرهابية، في محاولة لقطع الطريق على أي أعمال عنف مُحتملة، تهدد أمن الوطن واستقراره.
ففي وقت دعت فيه مساجد مصر أمس من خلال خطبة الجمعة المواطنين للإبلاغ عن الجماعات الإرهابية والعناصر المتشددة، حفزت من جهتها وزارة الداخلية بجوائز مالية لمن يتقدم بمعلومات عن 13 من العناصر الإرهابية المتورطة في حادثي تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، وذلك في محافظة قنا.
وقال مسؤول في وزارة الأوقاف إن «الوزارة صادرت كُتبا تم ضبطها في مكتبات مساجد وزوايا محافظة قنا (جنوب مصر) تحرض على العنف والفكر المتشدد». وأضاف المسؤول أن «الكتب تضمنت أسماء حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وسيد قطب أحد القادة التاريخيين للجماعة وأبرز مفكريها»، مؤكدا أن «مديرية أوقاف قنا تواصل حملاتها على المساجد لاستبعاد الكتب التي تدعو للتشدد والتطرف الديني».
وتشرف وزارة الأوقاف، المسؤولة عن المساجد، على المكتبات الصغيرة التي لا تتعدى محتوياتها 40 مصحفاً، والمساجد الكبيرة التي تضم مكتبات كبيرة بها العديد من الكتب.
وتسعى الأوقاف لتنقية محافظات مصر من الكتب التي تحرض على العنف وتدعو إلى محاربة الدولة وتكفر المجتمع، من خلال فرز مكتبات المساجد وتنقيتها من أي كتيبات أو منشورات لا تتبنى المنهج الإسلامي الوسطي الذي يدعو إلى المحبة والسلام وينبذ الأفكار الهدامة.
وكان وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، قد أصدر قرارا في يونيو (حزيران) عام 2015، بفحص محتويات مكتبات المساجد والمكتبات العامة التابعة للوزارة وتنقيتها مما يتنافى مع سماحة الإسلام. لكن مراقبين قالوا إنه «منذ صدور القرار لم يتم تطبيقه حتى الآن... وإن المساجد ما زالت عامرة بهذه الكتب خاصة في محافظات مصر».
وكشف شهود عيان في قنا أن «الزاوية التي أقامها الإرهابي ممدوح البغدادي الذي فجر نفسه في كنيسة مار جرجس بطنطا، في نجع الحجيري بمدينة قفط بقنا كان يمنع أهالي النجع من الصلاة فيها وكان يعتبرهم كفاراً.. وكان يمنع إذاعة قرآن صلاة الجمعة عبر مكبرات الصوت، كما أنه كان يمنع خطيب الزاوية الرسمي المعُين من الأوقاف من اعتلاء المنبر والخطابة والصلاة بالمصلين».
من جهته، قال المسؤول الذي تحفّظ على ذكر اسمه لحساسية موقعه في محافظة قنا، إنه «تم العثور خلال حملة مكبرة على مدار يومين منذ الإعلان عن تورط شباب من قنا في العمليات الإرهابية الأخيرة، على كتب لسيد قطب وحسن البنا مثل «في ظلال القرآن»، و«معالم في الطريق»، و«العدالة الاجتماعية في الإسلام». و«الدعوة والداعية»، و«السلام في الإسلام»، و«المأثورات»، و«قضيتنا». وكذلك كتب «التربية الإسلامية»، و«اللغو في التكفير»، و«فقه الجهاد»، و« الاجتهاد في الشريعة الإسلامية» ليوسف القرضاوي، الأب الروحي لجماعة الإخوان. وكتب «رسالة إلى شباب الأمة»، و« أمة لن تموت» و«الفتنة الطائفية في مصر» و«مستقبل النصارى في الدولة الإسلامية» لراغب السرجاني وهو داعية غير رسمي مهتم بالتاريخ الإسلامي، فضلا عن كتيبات لقيادات من الجماعة الإسلامية عن الجزية، موضحا أن «هذه الكتب شكلت عقول بعض شباب قنا الذين قاموا باستهداف الكنيستين»، كاشفاً عن «صعوبة مواجهة وصول هذه الكتب للمساجد خاصة وأن من تبرع بها مواطنون، وهي موجودة منذ فترة كبيرة في المساجد».
ووحدت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة أمس تحت عنوان «خطورة التكفير.. وضرورة الاصطفاف في مواجهة الإرهاب»، في جميع مساجد مصر. وطالب وزير الأوقاف بضرورة تكاتف المجتمع ضد الجماعات الإرهابية والإبلاغ عنهم، مؤكداً أن «حماية الكنائس ودور العبادة والمقدسات الدينية المسيحية لا تقل عن حماية المساجد، وأن من مات دفاعا عن كنيسة كمن مات دفاعا عن المسجد».
وأكد الوزير أنه في الوقت الراهن لا بد من ضبط وتصحيح المفاهيم الدينية في المجتمع، وضبط الخطاب الدعوي، وعدم السماح لأي فكر متطرف بالصعود لمنابر المساجد أو إلقاء الدروس الدينية، كما شدد على منع إصدار الفتاوى المتسرعة والخاطئة عن مفهوم الدين. مضيفاً أنه «لا مجال ولا سماح بإلقاء خطبة الجمعة أو الدروس الدينية في الزوايا الصغيرة، وأن أي مكان تقام به الشعائر لا بد وأن يكون خاضعا لإشراف وولاية الأوقاف».
وجددت وزارة الداخلية مناشدة المصريين بالإدلاء عن أي معلومات حول بعض العناصر الإرهابية الهاربة المتورطة في حادثتي كنيستي طنطا والإسكندرية، مؤكدة رفع قيمة المكافأة من 100 ألف جنيه إلى نصف مليون جنيه، بينما قررت سلطات التحقيق في حادثتي الكنيستين حبس 3 متهمين، تم القبض عليهم مؤخراً، 15 يوما على ذمة التحقيقات من قنا.
وقال مراقبون إن «قيام الداخلية برفع قيمة المكافأة، كنوع من تحفيز المصريين، يؤكد خطورة الموقف، وإن السلطات حتى الآن لم تستطع الوصول للجناة الذين قدرت عددهم بـ13 إرهابياً من محافظة قنا، وإرهابيين اثنين من القاهرة، وإرهابي واحد من السويس». وقالت مصادر أمنية في محافظة قنا أمس إنها «قامت بعملية تمشيط واسعة في الجبال لضبط هذه العناصر المتورطة»، مستبعدة أن «تكون هذه العناصر غادرت قنا للمحافظات المجاورة»، مؤكدة أن «هذه العناصر لا زالت تختبئ في كهوف الجبال».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.