لافروف: القصف الأميركي للشعيرات محاولة لنسف التسوية ولتغيير النظام

وزير الخارجية الروسي بحث مع ظريف والمعلم التطورات السورية والتحقيق بـ«كيماوي» خان شيخون

لافروف متوسطا ظريف والمعلم في موسكو أمس (رويترز)
لافروف متوسطا ظريف والمعلم في موسكو أمس (رويترز)
TT

لافروف: القصف الأميركي للشعيرات محاولة لنسف التسوية ولتغيير النظام

لافروف متوسطا ظريف والمعلم في موسكو أمس (رويترز)
لافروف متوسطا ظريف والمعلم في موسكو أمس (رويترز)

وجهت كل من روسيا وإيران والنظام السوري اتهامات للولايات المتحدة بـ«محاولة نسف العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية». ووجه وزراء الخارجية الثلاثة سيرغي لافروف وجواد ظريف ووليد المعلم الانتقادات إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والآليات التي تعتمدها خلال التحقيق في القصف الذي تعرضت له بلدة خان شيخون، يوم 4 أبريل (نيسان)، بالسلاح الكيماوي، وشككوا مسبقاً بالنتائج التي قد تصدر عن تلك اللجنة، مؤكدين التمسك باقتراح تشكيل لجنة مستقلة تحقق في الحادثة.
وفي عرضه لنتائج المحادثات الثلاثية التي أجراها أمس، في موسكو، لافروف مع جواد ظريف والمعلم، قال وزير الخارجية الروسي إن المحادثات شكلت فرصة لمقارنة مواقف الدول الثلاث، على ضوء التطورات الأخيرة حول التسوية السورية، وأضاف أن «المجتمعين يصرون على أن تحترم الولايات المتحدة وحلفاؤها سيادة سوريا، وألا تسمح بتكرار أي عمل كالذي جرى يوم 7 أبريل»، في إشارة إلى القصف الصاروخي الأميركي لمطار الشعيرات العسكري الذي انطلقت منه المقاتلات التي قصفت خان شيخون بأسلحة كيماوية. كذلك أكد الثلاثة خلال محادثاتهم على الإصرار على ما وصفوه بـ«تحقيق دقيق وموضوعي وغير منحاز لملابسات استخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون»، وأعربوا عن اقتناعهم بأنه «لا بديل عن التسوية السياسية - الدبلوماسية للأزمة السورية عبر حوار سوري - سوري».
لافروف اتهم أيضاً الولايات المتحدة بأنها سعت عبر «العمل العدواني» - حسب وصفه - على سوريا إلى «نسف العملية السياسية»، وتابع أنه «من الواضح أن مثل هذا العدوان يهدف إلى الابتعاد عن أسس تسوية الأزمة السورية، كما نصت عليها قرارات مجلس الأمن، ويرمي إلى إيجاد مبررات لتغيير النظام السوري».
كذلك توقف وزير الخارجية الروسي عند اقتراح قدمته روسيا إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية حول تشكيل لجنة تحقيق في الهجوم على خان شيخون، معرباً عن استيائه من «محاولات رفض الاقتراح»، وقال إنها تشير إلى «فقدان الضمير»، زاعماً أن «هناك كثيراً من الأدلة التي تؤكد أن ما جرى في خان شيخون مسرحية معد لها».
من جانبه، قال وزير خارجية النظام السوري إن سوريا أكدت أكثر من مرة أنها لا تمتلك سلاحاً كيماوياً، زاعماً أن قوات النظام لم تستخدم السلاح الكيماوي «ضد الإرهابيين، ولا ضد الشعب»، وأردف أن «ما جرى في خان شيخون فبركات»، مستطرداً أن سوريا لهذا السبب طلبت تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة تزور خان شيخون ومطار الشعيرات، متهماً الولايات المتحدة بأنها تخشى تشكيل تلك اللجنة، وأنها تسعى في الواقع إلى استغلال الحادثة لحشد الدول الغربية الداعمة للمواقف الأميركية. أيضاً، أشار المعلم إلى أنه بحث مع لافروف، خلال محادثات ثنائية، المعلومات حول حشود أميركية على مقربة من الحدود السورية - الأردنية، وأضاف محذراً: «بشكل عام، لدينا تدابير للتصدي لأي عدوان على سوريا».
ولم تكن تصريحات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بعيدة عما قاله لافروف والمعلم بشأن تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في حادثة خان شيخون، وتوجيه اتهامات للولايات المتحدة، إذ قال خلال المؤتمر الصحافي إن «الممارسات الأحادية الجانب لم تعد مقبولة»، ورأى أنه من الضروري استئناف العملية السياسية «لكن دون شروط مسبقة تصادر حق الشعب السوري في تقرير مصيره»، حسب تعبيره، متهماً قوى خارجية بأنها تعمل على «صياغة مصير ومستقبل سوريا».
من جهة أخرى، في موقف لافت صدر عن الكرملين، أمس، بشأن الهجوم بالسلاح الكيماوي على خان شيخون، قال ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية: «نحن لا نستثني مسبقاً أي فرضية، ولا نحاول أن نكون محامياً عن أحد ما».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال، في حوار تلفزيوني مطلع الأسبوع، إن هناك فرضيات رئيسية حول ما جرى في خان شيخون، مرجحاً أمراً من اثنين: إما أن الطائرات السورية قصفت مستودعاً فيه مواد كيماوية سامة، أو أن الأمر برمته «عرض مسرحي». ومعلوم أن موسكو دأبت على رفض توجيه اتهامات لنظام الأسد، وقدمت أدلة للدفاع عنه، حين قالت إن معطياتها تشير إلى أن ما جرى نتيجة إصابة مستودع للمواد الكيماوية خلال القصف.
وفي شأن متصل، قال المتحدث الرسمي باسم الكرملين إن روسيا مستعدة لاستئناف العمل بمذكرة تفادي الحوادث بين المقاتلات الأميركية والمقاتلات الروسية خلال التحليق في الأجواء السورية، لكن بشرط «عدم تكرار مثل تلك الأعمال غير المتوقعة»، وذلك في إشارة منه إلى القصف الصاروخي الأميركي لمطار الشعيرات.
وكانت روسيا قد أعلنت، في 7 أبريل الحالي، عن وقفها العمل بتلك المذكرة رداً على القصف الأميركي. غير أن مسؤولين من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدوا أن التنسيق مستمر، كما قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات له أمس، إن «تبادلا للمعلومات يجري مع الولايات المتحدة، إلا أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن استئناف العمل بمذكرة تفادي الحوادث».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم