سودانيون نزحوا من الموصل يحلمون بالعودة إلى بلادهم

قالوا إن «داعش» تجاهلهم... وفقدوا كل شيء

سوداني نزح من غرب الموصل في مخيم حمام العليل (أ.ف.ب)
سوداني نزح من غرب الموصل في مخيم حمام العليل (أ.ف.ب)
TT

سودانيون نزحوا من الموصل يحلمون بالعودة إلى بلادهم

سوداني نزح من غرب الموصل في مخيم حمام العليل (أ.ف.ب)
سوداني نزح من غرب الموصل في مخيم حمام العليل (أ.ف.ب)

يحلم عمال من السودان بالعودة إلى بلادهم بعد أن فقدوا كل ما لديهم جراء المعارك لطرد تنظيم داعش من الموصل، لكنهم يواجهون صعوبات في تحقيق ذلك. وانتقل معظم هؤلاء إلى العراق إبان ثمانينات القرن الماضي، عندما كان اقتصاد هذا البلد قويا ومقصدا لكثير من عمال البلدان الأكثر فقرا في المنطقة.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، بقي العمال في الموصل حتى بعد سيطرة تنظيم داعش عليها في يونيو (حزيران) 2014، لكن عندما بدأ سكان الجانب الغربي من المدينة النزوح جراء المعارك فروا معهم. ويفترش بعضهم أرض خيمة كبيرة في مخيم حمام العليل التابع للأمم المتحدة الواقع جنوب الموصل. وقال يعقوب محمد عادل، وهو من الخرطوم وكان يدير متجرا لبيع الشاي في حي الموصل الجديدة حتى منتصف مارس (آذار) الماضي: «جئنا إلى هنا لنبني شيئا لكننا الآن فقدنا كل ما لدينا». وأضاف: «نريد تعويضا عن ممتلكاتنا التي فقدناها (...) أريد العودة للسودان لكن ليس خالي الوفاض».
وتعرض الجانب الغربي من الموصل، حيث كانت غالبية هؤلاء العمال، لأضرار جسيمة جراء المعارك والقصف الجوي. وبينهم أحمد عبد الله من إقليم دارفور السوداني المضطرب الذي مزقته الصراعات والنزوح الجماعي في السنوات الأخيرة، وقال عبد الله (53 عاما) إن «البلد كان جيدا خلال (حكم) صدام» في إشارة إلى الرئيس الأسبق صدام حسين، وأضاف أن «العمل كان متوفرا في بغداد والبصرة والموصل (...) في ظل أمان واطمئنان، كان هناك نحو 50 ألف سوداني في العراق آنذاك». وأشار إلى أن المتطرفين في الموصل لم يستهدفوا السودانيين. وأوضح الرجل الأسمر أن «السودانيين في الموصل، لم يكونوا متدينين كثيرا، لكن عناصر (داعش) لم يطلبوا منا عدم حلق اللحى أو المجاهرة بالبيعة. معظمنا من كبار السن (...) أعتقد أنه نوع من الشفقة». وتابع أن «المتطرفين تجاهلونا تماما».
ويخشى هؤلاء العمال الآن، أن يتم تجاهلهم باستمرار وبالتالي يحرمون من العودة إلى السودان. وأشار عبد الله إلى أن «الفاشر، كبرى مدن شمال دارفور، أصبحت الآن أفضل بكثير من الموصل (...) والسودان في النهاية بلادي».
وتابع: «أشتاق لعائلتي (...) لقد مر وقت طويل» دون أن ألتقيها. ولم يعد أي سوداني من هذه المجموعة وعددهم 15 إلى بلاده منذ مغادرتها، كما أنهم لم يتمكنوا حتى من الاتصال بعائلاتهم خلال سيطرة المتطرفين الذين حرموا استخدام الهاتف الجوال في الموصل. وقال عادل: «عندما خرجت للمرة الأولى، اتصلت بعائلتي لكنهم فوجئوا بأنني ما زلت على قيد الحياة».
من جهته، وصل إبراهيم زكريا إلى العراق من بلدة أخرى في دارفور عام 1987، وفقد كل شيء عدا رغبته في الفكاهة رغم معارك الموصل. وقال، وهو يتنقل في زاوية الخيمة: «كان لدي هذا القميص فقط عندما هربت واشتريت حذاء البلاستيك هنا». وتابع هازئا: «لكن عندي غرفة مطلة على البحر»، مشيرا إلى بركة مياه خلفتها الأمطار على مسافة قريبة من فراشه. وقد سكن زكريا عشرة أعوام في حي البتاوين، حيث التجمع الرئيسي للعمال المياومين من مصر والسودان، في وسط بغداد.
وزكريا (55 عاما) غير متحمس للعودة إلى السودان ويأمل في أن يلتقي بممثلين عن «الصليب الأحمر» الدولي للحصول على تعويضات. وقال: «فقدت كل ما أملك. لا أحد يساعدنا هنا». وأوضح: «أصبحت في مرحلة الكهولة... قد أتمكن من القيام بشيء ما في الموصل إذا حصلت على فرصة. عايشنا كثيرا من الحروب في العراق، حتى لو أن حربا أخرى اندلعت فلن تؤثر فينا (...) لقد اعتدنا على ذلك». وأكد الرجل الذي يضع وشاحا أبيض اللون على رأسه، أنه فقد الاتصال بعائلته منذ زمن طويل. وقال في هذا الصدد: «أعتقد أنهم في عداد الموتى لست أدري (...) وإذا عدت فربما سأعيش مع أختي إذا كانت ما تزال تعرفني».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.