دار الإفتاء: الفتوى تحتاج للضبط والبعض يستغلها في أغراض غير حسنة

وسط جدل حول تجديد الخطاب الديني ومراجعة مناهج التعليم

دار الإفتاء: الفتوى تحتاج للضبط والبعض يستغلها في أغراض غير حسنة
TT

دار الإفتاء: الفتوى تحتاج للضبط والبعض يستغلها في أغراض غير حسنة

دار الإفتاء: الفتوى تحتاج للضبط والبعض يستغلها في أغراض غير حسنة

دخل مجلس النواب (البرلمان) في مصر بقوة أمس على خط تجديد الخطاب الديني، وأعلن الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان أمس، أن المجلس سيضع ضوابط لمراجعة مناهج التعليم وتجديد الخطاب الديني. بينما أكد الدكتور شوقي علام مفتي مصر، أن «هناك آثاراً حسنة وغير حسنة للفتوى، وإن كانت هناك آثار غير حسنة أكثر، والبعض قد يستغلها في أغراض غير حسنة».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد نادى في أكثر من مناسبة بضرورة تجديد الخطاب الديني، لمحاربة الأفكار المتشددة التي تدعو للإرهاب، وأصدر مؤخرا قرارا بإنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، عقب مقتل وإصابة العشرات في استهداف كنيستين في طنطا والإسكندرية.
وقال المفتي في كلمته خلال اجتماع لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب أمس، إن مشروع قانون تنظيم الفتوى أمر مهم، خاصة أن الفتوى تحتاج إلى ضبط في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن خطورة الفتوى في أنها لا تقف عند القول فقط؛ وإنما أصبح لها آثار كبيرة في المجتمع. موضحا أن مؤتمر الأزهر الأخير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أوصى بضرورة التقنين لكل من يقوم بإصدار الفتوى، مشيرا إلى ضرورة العمل على ضبط المصطلحات.
من جانبه، قال الدكتور أسامة العبد رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، إن «الفتوى صنعة تحتاج إلى صانع متقن». مضيفا أن اللجنة تعمل على قدم وساق لتطوير وتجديد الخطاب الديني من النواحي كافة، منذ توصيات السيسي، مشيرا إلى أن اللجنة تبحث مع المؤسسات الدينية مراجعة بعض مواد التعليم الأزهري.
وأشار العبد إلى أن العامل الأساسي لدحر الإرهاب هو تجديد الخطاب الديني، لافتا إلى أن رئيس مجلس النواب تحدث عن تطوير المناهج التعليمية كافة، مضيفا أن هناك تعاونا مشتركا بين اللجنة ومنظومة التعليم العام والتعليم الأزهري، لإعادة النظر في المناهج المقررات التعليمة.
من جهتها، قالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، إنه لدينا مشكلات كثيرة ومتراكمة في المناهج التعليمية، ولها عقود طويلة، خاصة فيما يتعلق بتطوير الخطاب الديني، مشددة على ضرورة أنه لا بد أن يعي ويدرك كل من يقدم على تطويرها أبعادها جيدا.
بينما قالت أماني عزيز، وكيل لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، إن استراتيجية تجديد الخطاب الديني يجب أن تنطلق من التعليم، حيث يجب أن يتم انتقاء المدرسين بالمدارس في التعليم قبل الجامعي والجامعي، لغرس مبادئ عدم التمييز والتفرقة بين المسلم والمسيحي، ويجب تخصيص حجرة بالمدارس لتدريس التربية الدينية، مع انتداب مدرسين متخصصين من الأزهر والكنيسة، لا مدرسي اللغة العربية.
في سياق متصل، قالت دار الإفتاء المصرية أمس، إن التصدي للإرهاب ومحاولات التنظيمات المتطرفة إشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين لا بد أن يشتمل على عدد من المحددات والضوابط المهمة والضرورية في هذا المقام، منها التأكيد على أن الاعتداء على أي من المصريين المسيحيين هو اعتداء على المصريين جميعا، وأنه يجب على كل شرائح المجتمع أن تجدد الثقة والدعم والمساندة للجهود السياسية الأمنية التي تبذلها الدولة المصرية، ممثلة في القيادة السياسية والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة.
وأضافت الدار في بيان لها صادر عن مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لها، أنه ينبغي عدم التعامل مع أدعياء العلم وأنصاف العلماء، والتمسك باستقاء العلم الشرعي والأحكام الدينية والفتاوى الصحيحة من المؤسسات الدينية الرسمية التي تعمل وفق منهج علمي وديني قويم، وليس المنابر التي تظهر هنا وهناك لتنشر سمومها بين المسلمين مدعية أنها تنفذ تعاليم دينية مستقاة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهذا غير صحيح.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».