ابن كيران: «العدالة والتنمية» خسر المعركة لكنه لم ينته

قال إن اثنين من مستشاري الملك دققا معه بشأن كلام عدته المعارضة منافياً للدستور

ابن كيران: «العدالة والتنمية» خسر المعركة لكنه لم ينته
TT

ابن كيران: «العدالة والتنمية» خسر المعركة لكنه لم ينته

ابن كيران: «العدالة والتنمية» خسر المعركة لكنه لم ينته

في خروج إعلامي هو الأول من نوعه لأمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، عبد الإله ابن كيران، الذي أبعد من تشكيل الحكومة الجديدة بعدما تعذر عليه ذلك طيلة 5 أشهر من المشاورات، اعترف رئيس الحكومة السابق، أن حزبه يعيش مرحلة صعبة في تاريخه، مؤكدا أن كل التحليلات تجمع على أن «العدالة والتنمية» خسر المعركة، وذلك في اعتراف صريح بالهزيمة التي مني بها رغم تصدره نتائج الانتخابات البرلمانية ليوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأضاف ابن كيران، في كلمته التي ألقاها السبت أمام أعضاء اللجنة المركزية لشبيبة حزبه، وبثها الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية الليلة قبل الماضية، أن حزبه تقبل قرار إعفائه من تشكيل الحكومة، موضحا أنه بعد ذلك «حدثت أشياء قاسية، ونعيش ظروفا صعبة وشديدة جدا على حزبنا». وأكد ابن كيران أن هناك تحليلا وصفه بـ«المجمع عليه»، يفيد بأن حزب العدالة والتنمية خسر المعركة، «لكن هل انتهى العدالة والتنمية؟، وهل سوف يستسلم أم أنه سيتعامل مع ما حدث على أنه كبوة سينهض منها ولو بعد حين؟»، وهو ما يؤكد أن ابن كيران سيظل حاضرا في المشهد السياسي المغربي، وسيعمل على إخراج حزبه من الهزيمة التي مني بها بعد إخراج حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، التي لقيت انتقادات حادة من طرف بعض قيادات وأعضاء حزب رئيس الحكومة، بسبب ما عدوه «تنازلات».
وشدد ابن كيران، في الكلمة التي اعتبرها مراقبون قوية، على القول إن طريق الإصلاح صعب وطويل... وفيه الخير للبلد. وأضاف: «لا أريد أن تعولوا علي وحدي، أنا واحد منكم»، متعهدا بأنه سيستمر في القيام بواجبه من «أي موقع كان قدر المستطاع في إطار محبة هذه البلاد ودينها ووطنها وملكها وملكيتها ومؤسساتها. هذا هو الواقع الحقيقي الذي يزعج كثيرا من الناس»، وذلك في رسالة منه لخصومه الذين اتهمهم في كثير من المناسبات بالسعي إلى الإيقاع بين حزبه والمؤسسة الملكية.
واعتبر رئيس الحكومة السابق، أن المغرب يعاني من مشكلة كبيرة تتجلى في اصطدام ما سماها «الإرادة الشعبية بتكتيكات النخب»، وذلك في ما أشبه بعتاب وجهه للأحزاب والنخب السياسية، التي تحالفت ضده بعد تكليفه تشكيل الحكومة من طرف العاهل المغربي، قبل أن يسحب منه التكليف ويعين العثماني خلفا له، وقال: «أيام الله طويلة والتدافع في الأرض مستمر ولا يمكن أن يمر ما حصل بشكل عادي كأن شيئا لم يقع في الكون، غير مقبول هذا الكلام»، وهو ما يمثل شبه توعد من ابن كيران لخصومه بأن المواجهة ستظل مستمرة.
وأفاد ابن كيران بأن «الحرية والعدل والديمقراطية لا تأتي مرة واحدة بل تأتي تباعا»، منوها، في الآن ذاته، بما قدمه حزب العدالة والتنمية للبلاد، حيث قال: «إذا افترضنا اليوم توقف حياتنا السياسية وحتى الطبيعية، فسنكون قدمنا أشياء محترمة لوطننا». وكشف رئيس الحكومة السابق أيضا عن أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أرسل له اثنين من مستشاريه من أجل التدقيق معه في كلام قاله في أحد اللقاءات، بناء على طلب أربعة أحزاب سياسية راسلت الديوان الملكي اعتبرت كلامه منافيا للدستور، وفيه استقواء بالمؤسسة الملكية. وقال ابن كيران إن «اثنين من مستشاري الملك جاءا إليه ودققا معه بشأن كلام قالت المعارضة إنه مناف للدستور واستقواء بالمؤسسة الملكية». وأضاف موجها كلامه لشبيبة حزبه: «تذكرون يوم ذهبت أربعة أحزاب سياسية إلى الديوان الملكي، تشتكي من ابن كيران، عليكم أن تعرفوا ما السبب... ولماذا ذهبوا إلى الديوان الملكي للشكوى مني؟». وأوضح ابن كيران: «قدمت للمستشارين شريط الفيديو حول كلامي وأخذوا ذلك، لكنهم لم يسألوا بعدها عن الموضوع بعد أن تأكدوا أن مزاعم أحزاب المعارضة الأربعة غير صحيحة». وتابع ابن كيران: «رغم شكاوى المعارضة فإن المغاربة وثقوا في حزب العدالة والتنمية، ومنحوه أصواتهم وعاقبوا الآخرين».
وفي قراءته كلمة أمين عام حزب العدالة والتنمية، قال المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة، إن ما يواجهه حزب العدالة والتنمية أمر طبيعي، لأن موازين القوى ليست ثابتة بل متحركة، وتتغير باستمرار، مؤكدا أن الحزب السياسي الحقيقي هو «الذي يستطيع أن يحافظ على وجوده وعلى موقعه مهما تغيرت المعطيات». وقال بوخبزة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه من الصعب الحديث عن بوادر انشقاق داخل حزب العدالة والتنمية، كما تذهب بعض الآراء، مشيرا إلى أن ما يعيشه حزب ابن كيران، ليس إلا «محكا واحدا في حين أن الحزب وجد لكي يواجه كثيرا من المحكات في مجموعة من المحطات الصعبة التي سبق أن اجتازها»، معتبرا أن اختبارا من هذا النوع «لا يمكنه أن يؤثر على الحزب إلى درجة الانشقاق، وما حدث محطة عادية فيها نقاش ساخن».



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.