عين الحلوة.. مخيم على صفيح ساخن

دمار الجولة الأخيرة من الاشتباكات في عين الحلوة (رويترز)
دمار الجولة الأخيرة من الاشتباكات في عين الحلوة (رويترز)
TT

عين الحلوة.. مخيم على صفيح ساخن

دمار الجولة الأخيرة من الاشتباكات في عين الحلوة (رويترز)
دمار الجولة الأخيرة من الاشتباكات في عين الحلوة (رويترز)

مجدداً عادت الأنظار إلى مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان) بعد الاشتباكات، المستمرة منذ 3 أيام، بين حركة «فتح» وبعض المجموعات الإسلامية. وبعيداً عن تفاصيل المعارك، فإن لعين الحلوة أهمية سياسية وفلسطينية كبيرة جداً، دفعت إلى اعتباره «عاصمة» للشتات الفلسطيني.
يعد مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات في لبنان، من بين 12 مخيماً، لكنه يعتبر أيضاً الأكثر عرضة للخضات الأمنية، خصوصاً أنه يضم عدداً كبيراً من الفصائل الفلسطينية، أقواها حركة «فتح»، إضافة إلى مجموعات إسلامية، وبعض الفارين من العدالة في لبنان، ما يبقيه عملياً مفتوحاً على الاشتباكات المتكررة.
يقع مخيم عين الحلوة عند أطراف مدينة صيدا، جنوب لبنان، وقد أنشئ في عام 1948 حين لجأ إليه نحو 15 ألف نسمة من فلسطين، إثر قيام دولة إسرائيل والنكبة الفلسطينية، إلا أن عدد السكان ارتفع ليتخطى اليوم عتبة الـ100 ألف نسمة، يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة، على الرغم من أن المسجلين في منظمة الأونروا يبلغ عددهم نحو 50 ألف نسمة.
خلال الحرب الأهلية اللبنانية كان يعتبر المخيم عاصمة لحركة «فتح»، خصوصاً بسبب موقعه بالقرب من مدينة صيدا، ما جعله مركز تخطيط وتنفيذ لكثير من العمليات التي كانت تشن ضد إسرائيل، إلا أنه في عام 1982، ولدى اجتياح لبنان، تعرض لحملة تدمير ممنهجة أدت إلى تسوية أجزاء كبيرة منه بالأرض.
وبعد الحرب الأهلية اللبنانية، اتفق على عدم نزع السلاح في عين الحلوة، مثل بقية المخيمات الفلسطينية في لبنان، ما فرض نوعاً من الإدارة الذاتية، المقرونة بحصار قوي لأجهزة الدولة اللبنانية على المداخل، مدققة في هويات الداخلين والخارجين.
هذا الواقع إضافة إلى الحضور القوي لبعض المجموعات الإسلامية، جعل المخيم قبلة لبعض المطلوبين الذين عادة ما يتوارون عن الأنظار في المخيم. ونشأ نتيجة ذلك كثير من الخلافات بين الدولة التي تطالب بتسليمهم، وبين الفصائل الفلسطينية التي كانت تتخوف من خضات أمنية أو اشتباكات في حال ألقت القبض على بعض المطلوبين.
وتنتشر بعض المجموعات الإسلامية في أحياء كاملة من المخيم، وكانت «فتح» عادة ما تنتهج سياسة أكثر دبلوماسية وحوارية معهم، على الرغم من الحالة الأمنية المتوترة التي يشهدها المخيم منذ سنوات، والتي تخللها كثير من عمليات التصفية أو التفجيرات.
ويضم المخيم مسلحين من جميع الفصائل الفلسطينية بتوجهاتها الفكرية المختلفة. ولكل منها مربعه الأمني الخاص به، لكن حركة «فتح» تعتبر الأقوى نفوذا وتسليحا في المخيم، بسبب سيطرتها على اللجنة الشعبية التي شُكلت من عدة فصائل، وهدفها إدارة «القوة الأمنية المشتركة» الرامية لضبط الإشكالات الأمنية داخل المخيم.
وقد برزت على ساحة المخيم في السنوات الأخيرة أسماء مجموعة من التنظيمات الغامضة في ظروف نشأتها ودوافع تأسيسها وأهدافها، والتي سيطرت أحيانا على مناطق معينة من المخيم.
ومن أبرز هذه المجموعات تنظيم «الشباب المسلم» الذي يضم بقايا حركات إسلامية أخرى مثل «جند الشام» و«فتح الإسلام»، وعناصر آخرين يدورون في فلك تنظيم «القاعدة». إضافة إلى تنظيم «أنصار الله» المدعوم من قبل «حزب الله» اللبناني، و«عصبة الأنصار» التي تعتبر أكثر هذه التنظيمات تنظيما وتدريبا وتسليحا.



دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
TT

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

مع تصاعد حملات الخطف والاعتقالات التي تقوم بها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في مناطق سيطرتها، أقرّت الجماعة بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي)، وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات بالمحافظة نفسها.

وذكرت وسائل إعلام الجماعة قبل يومين، أنه جرى دفن نحو 60 جثة مجهولة الهوية في محافظة صعدة، وأن النيابة الخاضعة لسيطرة الجماعة نسّقت عملية الدفن مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ إن هذه الجثث كانت موجودة في ثلاجة هيئة المستشفى الجمهوري بصعدة.

عمليات دفن سابقة لجثث مجهولة الهوية في الحديدة (فيسبوك)

ولم توضح الجماعة أي تفاصيل أخرى تتعلق بهوية الجثث التي جرى دفنها، سوى زعمها أن بعضها تعود لجنسيات أفريقية، في حين لم يستبعد ناشطون حقوقيون أن تكون الجثث لمدنيين مختطَفين لقوا حتفهم تحت التعذيب في سجون الجماعة.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت قبل عدة أشهر عن دفنها نحو 62 جثة مجهولة في معقلها الرئيسي، وادّعت حينها أنها كانت محفوظة منذ عدة سنوات في ثلاجات مستشفيات حكومية.

وتزامنت عملية الدفن الأخيرة للجثث المجهولة مع تأكيد عدد من الحقوقيين لـ«الشرق الأوسط»، أن معتقلات الجماعة الحوثية بالمحافظة نفسها وغيرها من المناطق الأخرى تحت سيطرتها، لا تزال تعج بآلاف المختطفين، وسط تعرض العشرات منهم للتعذيب.

وتتهم المصادر الجماعة بحفر قبور جماعية لدفن مَن قضوا تحت التعذيب في سجونها، وذلك ضمن مواصلتها إخفاء آثار جرائمها ضد المخفيين قسرياً.

وتحدّثت المصادر عن وجود أعداد أخرى من الجثث مجهولة الهوية في عدة مستشفيات بمحافظة صعدة، تعتزم الجماعة الحوثية في مقبل الأيام القيام بدفنها جماعياً.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت، مطلع ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عن عملية دفن جماعي لنحو 62 جثة لمجهولي الهوية في محافظة صعدة (شمال اليمن).

أعمال خطف

وكشفت تقارير يمنية حكومية في أوقات سابقة، عن مقتل مئات المختطَفين والمخفيين قسراً تحت التعذيب في سجون الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب والحرب.

وفي تقرير حديث لها، أقرّت الجماعة الحوثية باعتقال أجهزتها الأمنية والقمعية خلال الشهر قبل الماضي، أكثر من2081 شخصاً من العاصمة المختطفة صنعاء فقط، بذريعة أنهم كانوا من ضمن المطلوبين الأمنيين لدى أجهزتها.

قبور جماعية لمتوفين يمنيين يزعم الانقلابيون أنهم مجهولو الهوية (إعلام حوثي)

وجاء ذلك متوازياً مع تقدير مصادر أمنية وسياسية يمنية بارتفاع أعداد المعتقلين اليمنيين على ذمة الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر (أيلول)» إلى أكثر من 5 آلاف شخص، معظمهم في محافظة إب، متهمة في الوقت نفسه ما يُسمى بجهاز الاستخبارات الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، بالوقوف وراء حملة الخطف والاعتقالات المستمرة حتى اللحظة.

واتهمت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» في وقت سابق الجماعة الحوثية بقتل المختطفين تحت التعذيب وإخفاء جثثهم. وطالبت بتحقيق دولي في دفن الجماعة مئات الجثث مجهولة الهوية، محملة إياها مسؤولية حياة جميع المخفيين قسراً.

واستنكرت المنظمة، في بيان، قيام الجماعة وقتها بإجراءات دفن 715 جثة، وأدانت قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمشاركة في دفن تلك الجثث وغيرها، لافتة إلى أن دفنها بتلك الطريقة يساعد الجناة الحوثيين على الإفلات من العقاب، والاستمرار في عمليات القتل الممنهج الذي يقومون به.