اشتعال المنافسة بين معسكري «نعم» و«لا» قبل أيام من الاستفتاء في تركيا

مئات الآلاف من قوات الأمن لحماية صناديق الاقتراع

اشتعال المنافسة بين معسكري «نعم» و«لا» قبل أيام من الاستفتاء في تركيا
TT

اشتعال المنافسة بين معسكري «نعم» و«لا» قبل أيام من الاستفتاء في تركيا

اشتعال المنافسة بين معسكري «نعم» و«لا» قبل أيام من الاستفتاء في تركيا

اشتعلت حدة المنافسة بين فريقي «نعم» و«لا» قبل أقل من أسبوع على موعد الاستفتاء على حزمة تعديلات دستورية في تركيا، تقضي في أهم بنودها بالانتقال من نظام الحكم البرلماني إلى نظام رئاسي يوسع صلاحيات رئيس الجمهورية.
وواصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حملته على حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا الرافض للتعديلات، إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) صاحب ثالث أكبر كتلة في البرلمان التركي بعد العدالة والتنمية الحاكم والشعب الجمهوري المعارض.
وخلال الأيام الأخيرة، كثّف إردوغان من حملته على زعيم الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، واتهمه بأنه حاول الهروب ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الماضي عبر مطار أتاتورك في إسطنبول. كما عرض أشرطة فيديو قديمة له عندما كان رئيسا لهيئة التأمين الصحي في تركيا، ووضع المستشفيات في عهده ووضعها اليوم في عهد العدالة والتنمية، وذلك خلال مؤتمرات حاشدة لأنصار حزب العدالة والتنمية.
ونشرت القنوات التلفزيونية الموالية للحكومة أمس على نطاق واسع مقطع فيديو لكليتشدار أوغلو في مطار أتاتورك ليلة محاولة الانقلاب، وقالت: إنه صوّر محاولة هروبه من المطار، حيث اتجه بعد ذلك إلى منزل رئيس حي بكير كوي القريب من المطار.
كما واصل إردوغان حملته على أوروبا خلال تجمع لأنصاره في مدينة تشورم، وسط تركيا، أمس الاثنين قائلا إن الغرب بأكمله، ولا سيما بعض الدول الأوروبية البارزة، في إشارة إلى ألمانيا، تواصل علنا حملة للتصويت بـ«لا» قبل الاستفتاء على تعجيل الدستور التركي يوم الأحد المقبل مستخدمة كل الوسائل: «بما في ذلك المنظمات الإرهابية»، على حد قوله.
وأضاف أن البعض منا قد لا يفطن إلى أهمية هذا الاستفتاء التاريخي، لكن كثيرين يدركون أن بعض الدول البارزة في الغرب تحاول أن تضغط علينا من خلال دعم المنظمات الإرهابية، ويروجون للتصويت بـ«لا» علنا في قنواتهم التلفزيونية وصحفهم.
واتهم إردوغان بعض الدول الأوروبية بممارسة إرهاب الدولة ضد المواطنين الأتراك، مشيرا بشكل غير مباشر إلى هولندا وألمانيا، اللتين قيدتا حضور الوزراء الأتراك تجمعات للمواطنين الأتراك قبل الاستفتاء. كما لفت إلى أن بعض هذه الدول (هولندا): «أطلقت كلابها البوليسية على مواطنينا، ومارست إرهاب الدولة عليهم. وإن أفضل رد عليهم سيأتي من خلال مواطنينا في يوم الاستفتاء، وقد انتهى التصويت في الخارج، وزادت نسبة الإقبال مقارنة بالانتخابات السابقة».
وقال إردوغان إن الغرب كان يهدف إلى وقف نمو تركيا، وأطلق حملة «لا» في محاولة لمواصلة جهوده لتقسيمها. وتابع: «إنهم منزعجون لأن معدل النمو في تركيا تجاوز 2.5 في المائة، بينما معدل النمو في أوروبا لا يزيد على 1.5 في المائة». وأضاف: «سنلقن من يرفعون أصابعهم علينا درسا قاسيا جدا».
في الوقت نفسه، أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدريم أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيوجه دعوة لإردوغان للعودة إلى الحزب، إذا جاءت نتيجة التصويت في الاستفتاء بـ«نعم».
وتسمح التعديلات الدستورية للرئيس المنتخب بالحفاظ على عضويته في الحزب السياسي الذي ينتمي إليه. وقال إردوغان في وقت سابق إنه سيعود إلى حزبه في حال صوت غالبية الناخبين بـ«نعم» في الاستفتاء. في المعسكر المقابل، حذر رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو من أن التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء سيؤدي إلى تسييس الجيش والقضاء والمساجد. وقال في تجمع لأنصاره في كوجالي، غرب تركيا، أمس: «لقد أصدرت تحذيرات من تسييس الجيش والمحاكم والمساجد»، متابعا: «إذا فعلتم ذلك، سوف تعطون الذريعة للانفصال في تركيا وتقسيمها... المساجد ترحب بالناس من جميع الاتجاهات ويتكون الجيش من أبنائنا جميعا. تسعى المحاكم إلى تحقيق العدالة لنا جميعا... والآن، يفعلون العكس تماما، ويسيسون الجيش والمحاكم والمساجد».
وأضاف أنه إذا تم التصويت بـ«نعم» للتعديلات الدستورية، فإننا سنعطي بذلك لزعيم حزب سياسي سلطة تعيين جميع المناصب تقريبا في الدولة. وسيسمح للرئيس بتعيين رئيس الأركان العامة للجيش، ورؤساء المحاكم، والقضاة، ورئيس الشؤون الدينية، ولن تكون هناك ضوابط وتوازنات تكفلها الديمقراطية».
في الإطار نفسه، كان الآلاف من أنصار حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) تجمعوا الأحد في العاصمة التركية أنقرة رفضا للنظام الرئاسي، وتأكيدا على التصويت بـ«لا» في الاستفتاء على تعديل الدستور.
وقد أدلى مليون و326 ألفا و70 مواطنًا تركيًا، في 57 بلدًا، بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، من أصل مليونين و927 ألف ناخب، يحق لهم الإدلاء بأصواتهم خارج البلاد.
وبحسب اللجنة العليا للانتخابات، فإن المواطنين الأتراك أدلوا بأصواتهم في 120 مركز اقتراع موزعا على 57 بلدا في العالم، حيث بدأ التصويت في 27 مارس (آذار) وانتهى الأحد.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن نسبة مشاركة الأتراك في عملية التصويت بالبعثات الدبلوماسية بلغت 44.61 في المائة، مسجلة ارتفاعاً بنسبة تقترب من 4.5 في المائة عن آخر انتخابات برلمانية في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وعلى صعيد الاستعداد للاستفتاء الذي سيجرى في تركيا الأحد المقبل، أعلنت وزارة الداخلية التركية تخصيص مئات الآلاف من قوات الأمن لتأمين الاستفتاء. وقال وزير الداخلية سليمان صويلو، في مؤتمر صحافي أمس الاثنين إنه تم اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية، لتوجه المواطنين بأمان وطمأنينة لصناديق الاقتراع، للإدلاء بصوتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تشمل الانتقال إلى النظام الرئاسي.
وكشف في هذا الإطار، عن تكليف 251 ألفا و788 عنصرا من الشرطة، و128 ألفا و455 من قوات الدرك، للمشاركة في تأمين الاستفتاء.
كما أشار إلى تخصيص نحو 51 ألفا من حراس القرى (عناصر محلية متعاقدة مع الدولة لمكافحة الإرهاب) في 26 ولاية، فضلا عن قرابة 18 ألف متطوع من تلك العناصر، للمساهمة في حفظ الأمن خلال عملية التصويت.
في السياق نفسه، أعلنت إدارة باب الهوى (جيلفا جوزو) على الحدود مع سوريا، عن إغلاق المعبر اعتبارا من الأمس وحتى انتهاء الاستفتاء في 16 أبريل (نيسان).
ويعد المعبر أحد أهم المنافذ البرية لدخول الأراضي التركية بشكل رسمي من سوريا دون التعرض للملاحقة الأمنية والاصطدام مع قوات الدرك التركية في مناطق الدخول غير الشرعية.
وتقوم الحكومة التركية بإغلاق المعبر من وقت لآخر لا سيما في الانتخابات.
وحث رئيس الوزراء بن علي يلدريم قوات الشرطة على توخي أعلى درجات الدقة والحذر لضمان سلامة صناديق الاقتراع في مراكز التصويت قائلا: «في ذلك اليوم، سيكون لديكم واجب أصعب. والعمل الذي ستقومون به ذلك اليوم مهم جدا. لضمان سلامة الانتخابات في كل ركن من أراضي بلادنا وضمان أن تعكس الأمة إرادتهم الحرة في صناديق الاقتراع بأصواتهم».
وقال يلدريم مخاطبا قوات الأمن خلال تجمع لأنصار الحزب الحاكم في إزمير غرب تركيا أمس: «تذكروا ما مررنا به في 7 انتخابات يونيو (حزيران) 2015 عندما لم نتمكن من ضمان سلامة الانتخابات، كما غيرت المنظمات الإرهابية خيارات الأمة من خلال استخدام التهديد والابتزاز وحصل الحزب الشعبي الديمقراطي على 13 في المائة من الأصوات، ما عطل حزب العدالة والتنمية الحاكم من الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا».
وأشار يلدريم إلى أن 13 في المائة من الأصوات التي حصل عليها الحزب نتيجة لضغط سياسي من حزب العمال الكردستاني المحظور، محذرا قوات الشرطة من التلاعب المحتمل.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.