قلق وإشاعات واستنفار في مصر غداة «الأحد الدامي»

تحديد هوية الانتحاريين... وخطة جديدة لسد ثغرات تأمين الكنائس

آلاف المصريين شاركوا في تشييع ضحايا مذبحة كنيسة الإسكندرية أمس (أ.ف.ب)
آلاف المصريين شاركوا في تشييع ضحايا مذبحة كنيسة الإسكندرية أمس (أ.ف.ب)
TT

قلق وإشاعات واستنفار في مصر غداة «الأحد الدامي»

آلاف المصريين شاركوا في تشييع ضحايا مذبحة كنيسة الإسكندرية أمس (أ.ف.ب)
آلاف المصريين شاركوا في تشييع ضحايا مذبحة كنيسة الإسكندرية أمس (أ.ف.ب)

خيمت أجواء القلق على مصر غداة مقتل 45 شخصاً، غالبيتهم من المسيحيين، وجرح 128 آخرين، في عمليتين انتحاريتين استهدفتا كنيستين في طنطا والإسكندرية، فيما راجت إشاعات حول تهديد تنظيم داعش، الذي تبنى تفجيري «الأحد الدامي»، بتنفيذ عمليات أخرى اليوم، وسط استنفار ملحوظ وتشديدات أمنية في محيط الكنائس مع بدء سريان حالة الطوارئ رسمياً.
وقال مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام اللواء طارق عطية لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الإشاعات جزء من المعركة مع الإرهاب الذي يسعى أساساً إلى التأثير على معنويات المواطنين... ما نؤكده اليوم أن الأجهزة الأمنية تعكف على وضع خطة شاملة لإعادة تأمين الكنائس لتجنب أي ثغرات ممكنة، وكذلك معالجة كل المعلومات المتوافرة حالياً لضبط الخلايا الإرهابية».
وعززت الشرطة بالفعل تأمين الكنائس في أنحاء البلاد، وفرضت نطاقات أمنية حول الكنائس ومنعت مرور السيارات بالقرب من عدد منها. كما أغلقت شوارع بعض الكنائس، خصوصاً في الصعيد (جنوب البلاد)، في أول أيام إعلان حالة الطوارئ التي دخلت رسمياً حيز التنفيذ ظهر الأحد، وتستمر 3 أشهر. وشوهد جنود مدججون بالسلاح وأكمنة أمنية في محيط كنائس في القاهرة والجيزة، كما سيّرت الشرطة دوريات متحركة. لكن رغم قرار الرئيس المصري بالدفع بقوات الجيش للمساعدة في تأمين البلاد، فإنه لم يلحظ انتشار عسكري بارز في شوارع القاهرة. وأشار اللواء عطية إلى أن النطاقات الأمنية «ليست بالأمر الجديد، وهي ليست الإجراء الوحيد... لاحظ مثلاً أن كنيسة طنطا كانت مؤمّنة بحرم أمني على عكس كنيسة الإسكندرية التي تشرف على شارع تجاري ما تسبب في صعوبة فرض حرم أمني».
وكشف أن مدير أمن الإسكندرية اللواء مصطفى النمر زار الكنيسة المرقسية التي استهدفها التفجير الثاني بعد علمه بتفجير كنيسة طنطا. وأوضح أن «البوابة الإلكترونية المخصصة للكشف عن المتفجرات وضعت داخل سور الكنيسة قرب البوابة، لكن اللواء النمر أمر قبل نصف ساعة من التفجير بوضعها خارج باب الكنيسة، وشدد على ضرورة توسيع دائرة الاشتباه، ما ساهم في تقليل عدد الضحايا» في الكنيسة التي ترأس القداس فيها بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني.
وكشف «داعش» في بيان، مساء أول من أمس، هوية الانتحاريين اللذين استهدفا الكنيستين. وقال التنظيم الذي يتركز نشاطه في شمال سيناء إن «أبو براء المصري» فجر سترته الناسفة أمام الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، فيما فجر «أبو إسحاق المصري» حزامه الناسف في قلب كنيسة مار جرجس في طنطا، حيث سقطت غالبية الضحايا.
وحددت الأجهزة الأمنية هوية الانتحاريين مبدئياً بعد إعلان «داعش» كنيتيهما، لكن اللواء عطية أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى الآن لا يمكن حسم الأمر. العمل جار على قدم وساق لنتأكد من هوية المنفذين عبر اختبارات الحمض النووي».
وقال مصدر أمني آخر إن «أجهزة البحث لم تستبعد صحة ما نشره تنظيم (أنصار بيت المقدس)»، في إشارة إلى الاسم القديم لتنظيم «ولاية سيناء» الفرع المحلي لـ«داعش». وأوضح أن المشتبه بتفجيره كنيسة طنطا عمره 27 عاماً، وهو من مواليد منيا القمح في محافظة الشرقية (شمال شرقي القاهرة)، وحاصل على بكالوريوس تجارة، وعمل محاسباً في الكويت 4 أشهر قبل السفر إلى تركيا ومنها إلى سوريا في 26 ديسمبر (كانون الأول) عام 2013.
أما الانتحاري الآخر، فيبلغ من العمر 43 عاماً، بحسب المصدر الأمني، وهو من قرية أبو طبل في محافظة كفر الشيخ (شمال القاهرة)، وحاصل على مؤهل فني متوسط (دبلوم ثانوي صناعي) وعمل سائقاً في ليبيا والسعودية ولبنان، ودخل سوريا منتصف أغسطس (آب) 2013، وهو متزوج وله 3 أطفال. ولم يحدد المصدر الأمني توقيت عودة أي من الانتحاريين إلى مصر.
وتوعد «داعش» في البيان الذي نشره موقع «أعماق»، إحدى أذرعه الإعلامية، باستهداف مزيد من المسيحيين، قائلاً إن «الفاتورة بيننا وبينهم (الأقباط) كبيرة جداً، وسيدفعونها من دماء أبنائهم أنهاراً».
وخيمت أجواء القلق في مصر، أمس، وأحجمت أسر عن إرسال أطفالها إلى المدارس، خصوصاً التابعة للطوائف المسيحية القريبة غالباً من الكنائس أو تضم كنائس صغيرة ويديرها رهبان وراهبات. وقال محمد مصطفى إنه لم يرسل ابنته إلى مدرستها التي تتبع الكنيسة الإنجيلية في وسط القاهرة. وأوضح: «لم أكن أرغب في أن تغيب، لكن أكثر من صديق وقريب نصحوني بأن أبقيها في المنزل تحسباً لأي طارئ».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.