خيمت أجواء القلق على مصر غداة مقتل 45 شخصاً، غالبيتهم من المسيحيين، وجرح 128 آخرين، في عمليتين انتحاريتين استهدفتا كنيستين في طنطا والإسكندرية، فيما راجت إشاعات حول تهديد تنظيم داعش، الذي تبنى تفجيري «الأحد الدامي»، بتنفيذ عمليات أخرى اليوم، وسط استنفار ملحوظ وتشديدات أمنية في محيط الكنائس مع بدء سريان حالة الطوارئ رسمياً.
وقال مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام اللواء طارق عطية لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الإشاعات جزء من المعركة مع الإرهاب الذي يسعى أساساً إلى التأثير على معنويات المواطنين... ما نؤكده اليوم أن الأجهزة الأمنية تعكف على وضع خطة شاملة لإعادة تأمين الكنائس لتجنب أي ثغرات ممكنة، وكذلك معالجة كل المعلومات المتوافرة حالياً لضبط الخلايا الإرهابية».
وعززت الشرطة بالفعل تأمين الكنائس في أنحاء البلاد، وفرضت نطاقات أمنية حول الكنائس ومنعت مرور السيارات بالقرب من عدد منها. كما أغلقت شوارع بعض الكنائس، خصوصاً في الصعيد (جنوب البلاد)، في أول أيام إعلان حالة الطوارئ التي دخلت رسمياً حيز التنفيذ ظهر الأحد، وتستمر 3 أشهر. وشوهد جنود مدججون بالسلاح وأكمنة أمنية في محيط كنائس في القاهرة والجيزة، كما سيّرت الشرطة دوريات متحركة. لكن رغم قرار الرئيس المصري بالدفع بقوات الجيش للمساعدة في تأمين البلاد، فإنه لم يلحظ انتشار عسكري بارز في شوارع القاهرة. وأشار اللواء عطية إلى أن النطاقات الأمنية «ليست بالأمر الجديد، وهي ليست الإجراء الوحيد... لاحظ مثلاً أن كنيسة طنطا كانت مؤمّنة بحرم أمني على عكس كنيسة الإسكندرية التي تشرف على شارع تجاري ما تسبب في صعوبة فرض حرم أمني».
وكشف أن مدير أمن الإسكندرية اللواء مصطفى النمر زار الكنيسة المرقسية التي استهدفها التفجير الثاني بعد علمه بتفجير كنيسة طنطا. وأوضح أن «البوابة الإلكترونية المخصصة للكشف عن المتفجرات وضعت داخل سور الكنيسة قرب البوابة، لكن اللواء النمر أمر قبل نصف ساعة من التفجير بوضعها خارج باب الكنيسة، وشدد على ضرورة توسيع دائرة الاشتباه، ما ساهم في تقليل عدد الضحايا» في الكنيسة التي ترأس القداس فيها بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني.
وكشف «داعش» في بيان، مساء أول من أمس، هوية الانتحاريين اللذين استهدفا الكنيستين. وقال التنظيم الذي يتركز نشاطه في شمال سيناء إن «أبو براء المصري» فجر سترته الناسفة أمام الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، فيما فجر «أبو إسحاق المصري» حزامه الناسف في قلب كنيسة مار جرجس في طنطا، حيث سقطت غالبية الضحايا.
وحددت الأجهزة الأمنية هوية الانتحاريين مبدئياً بعد إعلان «داعش» كنيتيهما، لكن اللواء عطية أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى الآن لا يمكن حسم الأمر. العمل جار على قدم وساق لنتأكد من هوية المنفذين عبر اختبارات الحمض النووي».
وقال مصدر أمني آخر إن «أجهزة البحث لم تستبعد صحة ما نشره تنظيم (أنصار بيت المقدس)»، في إشارة إلى الاسم القديم لتنظيم «ولاية سيناء» الفرع المحلي لـ«داعش». وأوضح أن المشتبه بتفجيره كنيسة طنطا عمره 27 عاماً، وهو من مواليد منيا القمح في محافظة الشرقية (شمال شرقي القاهرة)، وحاصل على بكالوريوس تجارة، وعمل محاسباً في الكويت 4 أشهر قبل السفر إلى تركيا ومنها إلى سوريا في 26 ديسمبر (كانون الأول) عام 2013.
أما الانتحاري الآخر، فيبلغ من العمر 43 عاماً، بحسب المصدر الأمني، وهو من قرية أبو طبل في محافظة كفر الشيخ (شمال القاهرة)، وحاصل على مؤهل فني متوسط (دبلوم ثانوي صناعي) وعمل سائقاً في ليبيا والسعودية ولبنان، ودخل سوريا منتصف أغسطس (آب) 2013، وهو متزوج وله 3 أطفال. ولم يحدد المصدر الأمني توقيت عودة أي من الانتحاريين إلى مصر.
وتوعد «داعش» في البيان الذي نشره موقع «أعماق»، إحدى أذرعه الإعلامية، باستهداف مزيد من المسيحيين، قائلاً إن «الفاتورة بيننا وبينهم (الأقباط) كبيرة جداً، وسيدفعونها من دماء أبنائهم أنهاراً».
وخيمت أجواء القلق في مصر، أمس، وأحجمت أسر عن إرسال أطفالها إلى المدارس، خصوصاً التابعة للطوائف المسيحية القريبة غالباً من الكنائس أو تضم كنائس صغيرة ويديرها رهبان وراهبات. وقال محمد مصطفى إنه لم يرسل ابنته إلى مدرستها التي تتبع الكنيسة الإنجيلية في وسط القاهرة. وأوضح: «لم أكن أرغب في أن تغيب، لكن أكثر من صديق وقريب نصحوني بأن أبقيها في المنزل تحسباً لأي طارئ».
قلق وإشاعات واستنفار في مصر غداة «الأحد الدامي»
تحديد هوية الانتحاريين... وخطة جديدة لسد ثغرات تأمين الكنائس
قلق وإشاعات واستنفار في مصر غداة «الأحد الدامي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة