محافظة «المركزي الأوكراني» تستقيل بعد «ضغوط»

جونتاريفا تعرضت لانتقادات رغم جهودها... ونصحت خليفتها بـ«التحلي بالقوة»

جونتاريفا خلال مؤتمر صحافي بعد الاعلان عن استقالتها أمس (إ.ب.أ)
جونتاريفا خلال مؤتمر صحافي بعد الاعلان عن استقالتها أمس (إ.ب.أ)
TT

محافظة «المركزي الأوكراني» تستقيل بعد «ضغوط»

جونتاريفا خلال مؤتمر صحافي بعد الاعلان عن استقالتها أمس (إ.ب.أ)
جونتاريفا خلال مؤتمر صحافي بعد الاعلان عن استقالتها أمس (إ.ب.أ)

أعلنت فاليريا جونتاريفا، محافظة البنك المركزي في أوكرانيا، استقالتها من منصبها، عازية ذلك لـ«أسباب شخصية»، بعد أن شغلت هذا المنصب لمدة 3 سنوات، إلا أن تقارير إعلامية أشارت إلى أن ذلك يعود لـ«ضغوط ناجمة عن عمليات غير مشروعة».
وذكر «راديو فرنسا الدولي»، أمس (الاثنين)، أن الحكومة الموالية للغرب في كييف عينت جونتاريفا في هذا المنصب خلال الأزمة المالية التي شهدتها البلاد. ويشار إلى أن الرئيس الأوكراني هو المسؤول عن اختيار وإقالة محافظ البنك المركزي، وفقاً للدستور. كما يمكن أن يصوت البرلمان لعزل هذا المسؤول من منصبه، ولكن بدعم من الرئيس.
وقالت جونتاريفا، أمس، إنها قدمت استقالتها بكامل إرادتها، مشيرة إلى أن من سيتولى هذا المنصب سوف يتعرض إلى ضغوط سياسية، ونصحت كل من سيتولى هذا المنصب بالتحلي بالقوة.
وأضافت جونتاريفا (52 عاماً)، خلال مؤتمر صحافي: «أعتبر أن مهمتي تحققت (...) الإصلاحات تمت»، وأوضحت أنها قدمت استقالتها «بدافع شخصي» للرئيس بترو بوروشنكو، وأنها تترك منصبها اعتباراً من 10 مايو (أيار) المقبل، مؤكدة: «للمرة الأولى في تاريخ بلادنا، لا يشكل رحيل حاكم للبنك المركزي قراراً سياسياً».
وكانت هذه الخبيرة الاقتصادية التي عملت في مؤسسات مالية دولية كبرى قد عينت في يونيو (حزيران) 2014 على رأس البنك المركزي، من قبل الرئيس الذي انتخب إثر حركة الاحتجاج المؤيدة لأوروبا في ساحة ميدان في كييف.
واعتبرت آنذاك أنها تدير الأزمة، فيما كانت أوكرانيا تشهد صعوبات مالية، أدى إلى تفاقمها النزاع في الشرق الصناعي مع الانفصاليين الموالين لروسيا، وانهارت العملة الوطنية فيما ارتفع معدل التضخم كثيراً، ووصلت البلاد إلى حافة التخلف عن تسديد ديونها، وتم تجنب ذلك عبر خطة مساعدة غربية، وإعادة جدولة الديون.
وقالت جونتاريفا إنها في البداية كانت تعتزم البقاء لفترة أقصر في هذا المنصب، لكنها «لم تتمكن من ترك إصلاح النظام المصرفي في فترة حرجة».
وقد أشاد كل الخبراء الغربيين بأدائها، خصوصاً في تطهير القطاع المالي الذي كان غامضاً بعض الشيء، حيث كانت شبهات تحوم حول كثير من المصارف بخدمة مصالح أثرياء. كما ساهمت في إنقاذ البنك المركزي من نفاذ الأموال، وعززت الوضع المالي للبلاد الذي مزقته الحرب من المقرضين الغربيين، منهم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي.
ولكن على الرغم من ذلك، تعرضت لضغوط من جانب الجهات التي أغلقت مصارفها بسبب ادعاءات حول «قروض ومعاملات غير مشروعة».
وفي الأسبوع الماضي، قرر صندوق النقد الدولي أن يمنح أوكرانيا قرضاً بقيمة مليار دولار، وهي دفعة كانت قد أرجئت بسبب الحصار المفروض على الشرق الانفصالي، وتعود موافقة الصندوق على هذا القرض في جانب منه إلى جهود جونتاريفا في إصلاح اقتصاد بلادها.
وكتب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو على صفحته على موقع «فيسبوك»، الاثنين الماضي، أن «مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قرر منح أوكرانيا مليار دولار»، معتبراً ذلك «مؤشراً إضافياً إلى الإصلاحات التي تجري في أوكرانيا».
وبذلك ترتفع قيمة المبالغ التي حصلت عليها كييف من صندوق النقد إلى 8.5 مليار دولار، في إطار خطة مساعدة بقيمة 17.5 مليار دولار، أقرت في 2015 مقابل إجراءات تقشف.
وكان مقرراً أن يبحث مجلس إدارة الصندوق في 20 مارس (آذار) الماضي منح هذه الدفعة لكييف، لكنه أرجأ حتى إشعار آخر بحث الأمر، لتقييم تداعيات قرار السلطات الأوكرانية إنهاء علاقاتها التجارية مع مناطق الشرق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو.
وإثر هذا القرار، خفض المصرف المركزي، مطلع الشهر الحالي، توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2017 إلى 1.9 في المائة، مقابل 2.8 في المائة في وقت سابق. وأفاد المصرف المركزي بأن صادرات الصناعات التعدينية التي تتركز في شرق البلاد ستتراجع، في حين ستزيد واردات الفحم، وعلى كييف في حال مماثلة أن تجد مصادر إمداد أخرى تحل محل مناجم الفحم في مناطق الانفصاليين.
وقال المدير العام المساعد لصندوق النقد، ديفيد ليبتون، في بيان الصندوق عقب المصادقة على القرض، إن «الاقتصاد الأوكراني يظهر إشارات مرحب بها على صعيد النهوض. لقد عاد النمو وتراجع التضخم والاحتياطات الدولية تضاعفت. هذا التقدم يعود خصوصاً إلى الخطوات الحاسمة للسلطات، التي شملت سياسات اقتصادية جيدة. إن الاستقرار الأخير يرسي أساساً لمزيد من النمو»، لكنه أكد أنه لا تزال ثمة حاجة إلى إصلاحات بنيوية للوصول إلى نمو أسرع ودائم ولزيادة العائدات، والسماح لأوكرانيا باللحاق بركب الدول الأخرى في المنطقة، مشيراً خصوصاً إلى الحاجة لمزيد من الخصخصة.
وأضاف ليبتون: «يجب مواجهة الفساد بقوة»، معتبراً أن إنشاء هيكليات جديدة لم يؤد حتى الآن إلى الخروج بنتائج ملموسة في هذا المجال.
ولاحظ الصندوق أيضاً أن الدين العام لا يزال مرتفعاً جداً، داعياً إلى إصلاح سريع لنظام التقاعد تواكبه زيادة لساعات العمل، وأشاد بسياسة المصرف المركزي مطالباً بالحفاظ على استقلاله.
وبالنسبة إلى القطاع المصرفي، أورد البيان أن إعادة تأميم أكبر مصرف في البلاد أتاحت الحفاظ على الاستقرار المالي، ولكن ينبغي أن تليها «جهود حثيثة لضمان سداد القروض بهدف الإقلال من الكلفة على المساهمين».
لكن الاقتصاد الأوكراني لم يسلم من ضغوط، خصوصاً من جانب خصمه اللدود روسيا، إذ وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء الماضي، قانوناً يحظر الحوالات المالية من روسيا إلى أوكرانيا، عبر منظومات الدفع الأجنبية.
ويستهدف القانون الدول الأجنبية التي تفرض قيوداً ضد منظومات الدفع الروسية. وبحسب القانون، فإنه يمكن إجراء حوالات مالية من روسيا إلى هذه الدول فقط عبر منظومات الدفع التي تخضع لرقابة مباشرة أو غير مباشرة للسلطات الروسية.
ويدخل القانون الذي نشر على البوابة الإلكترونية لتشريعات الدولة حيّز التنفيذ بعد 30 يوماً من نشره، أي في 4 مايو المقبل. ويتوجّب على البنك المركزي الروسي نشر لائحة بالدول الأجنبية التي فرضت قيوداً مصرفية ضد روسيا.
وسبق للسلطات الأوكرانية أن فرضت، في 16 مارس الماضي، عقوبات لمدة عام كامل استهدفت 5 مصارف روسية، وكذلك تنفيذ حوالات بين روسيا وأوكرانيا عبر منظومات التحويل الروسية. ويهدف القانون، بحسب وجهة نظر روسيا، إلى تأمين منافسة عادلة بين جميع منظومات الدفع الموجودة لديها، وذلك كون القيود التي فرضتها كييف أعطت ميزة تنافسية للمنظومات الأجنبية.
وتحوّل الصراع السياسي بين موسكو وكييف إلى حلبة القطاع المالي، إذ بدأت بنوك روسية في الانسحاب من السوق الأوكرانية هرباً من هجمات أخيرة للمتظاهرين والعقوبات التي حالت دون تحويل أرباحها إلى الخارج.
وأعلن «سبيربنك»، أكبر مصرف في روسيا، قبل نحو أسبوع، عن بيع فروعه في أوكرانيا، كذلك تتفاوض مجموعة «في تي بي»، ثاني أكبر بنك في روسيا، على بيع «بي إم بنك»، المملوك لها في أوكرانيا.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.