فرحة الأطفال للعب بـ«السعف» تحولت إلى كابوس في طنطا

مصريون يتجمعون أمام كنيسة مار جرجس بعد التفجير الانتحاري (إ.ب.أ)    ... وآخرون يهتفون ضد الإرهاب (إ.ب.أ)
مصريون يتجمعون أمام كنيسة مار جرجس بعد التفجير الانتحاري (إ.ب.أ) ... وآخرون يهتفون ضد الإرهاب (إ.ب.أ)
TT

فرحة الأطفال للعب بـ«السعف» تحولت إلى كابوس في طنطا

مصريون يتجمعون أمام كنيسة مار جرجس بعد التفجير الانتحاري (إ.ب.أ)    ... وآخرون يهتفون ضد الإرهاب (إ.ب.أ)
مصريون يتجمعون أمام كنيسة مار جرجس بعد التفجير الانتحاري (إ.ب.أ) ... وآخرون يهتفون ضد الإرهاب (إ.ب.أ)

«اغتالوا فرحتنا واحنا بنصلي صلاة القداس»... عبارة أطلقتها سيدة أربعينية تدعي مارسيل، وهي تبكي بشدة وتصرخ في حالة هستيرية، قائلة: «صاحبتي وصديقة عمري اتقطعت أشلاء.. مُش هنبطَّل نصلِّي». بكاء مارسيل لم يكن هو المشهد الوحيد داخل كنيسة «مار جرجس»؛ بل تعددت المشاهد بين البكاء والغضب المكتوم، تنديدا بالحادث الدموي الذي وقع أمس داخل الكنيسة الواقعة في مدينة طنطا بمحافظة الغربية بدلتا مصر.
في جانب آخر من الكنسية التي زارتها «الشرق الأوسط» أمس، وقفت أم شابة حزينة، تبحث عن أطفالها، وهي لا تصدق ما حدث، ولسان حالها يقول: «يا رب يكونوا من المصابين وليس القتلى»، السيدة الثلاثينية، وتدعى مريم، حضرت صباح أمس للصلاة وبصحبتها ابنتاها كريستين وشيرين وابنها بولا، وقبل أن تدخل للصلاة اشترت لهم «السعف» في باحة الكنيسة، وكانوا فرحين به، وتقول: «دخلنا كلنا للصلاة، وتركني الأولاد الثلاثة وخرجوا مع أصحابهم للعب في ساحة الكنيسة... أما أنا فقد نجوت لأني كنت في الصفوف الخلفية»، مضيفة: «بعد الانفجار هرعت للخارج بسرعة مع الفارين من مكان القداس، ولم أجد أطفالي»، لافتة إلى أنها لا تزال تبحث عنهم وسط الأشلاء وأحذية وملابس القتلى. تتابع مريم والذهول يكسو وجهها: «الإرهاب حاول كسر فرحة الأقباط بالأعياد يوم (أحد السعف)، وأراد أن يحول كل عيد لحادث انفجار جديد تصعد فيه الأرواح إلى السماء ليستقبلها المسيح».
و«أحد الشعانين» أو «أحد السعف» الذي حل أمس، هو ذكرى دخول المسيح القدس (أورشليم)، واستقبال أهلها له استقبال الفاتحين حاملين سعف النخيل، وهو ما أحياه الأقباط أمس بالسعف والورود أيضا.
واستقبلت كنيسة «مار جرجس» مئات المصلين الذين توافدوا منذ صباح أمس لحضور صلوات القداس الإلهي التي تصلى في طقس يغلب عليه إيقاع الحزن والشجن، مثل باقي أيام «أسبوع الآلام»، حيث تكتسي الكنيسة بالستائر السوداء ويعلق السعف في منتصفها، بينما يصلي كهنة الكنيسة قداسين؛ الأول بدأ في السابعة صباحا، والثاني في العاشرة لاستيعاب الأعداد الهائلة التي تتوافد على الكنيسة في هذا اليوم، الذي وصفه قس كنسي في الكنيسة، قائلا: «بكيت من شدة ما شاهدت، (أسبوع الآلام) بالفعل بدأ اليوم، وحزين جدا على الأطفال الصغار والقتلى الذين لا ذنب لهم، فلقد جاءوا للصلاة».
وفي ساحة الكنيسة أمس، كان الأطفال يلعبون بالسعف، ويحولونه إلى «خواتم وصلبان» ويتبادلون التهاني والورود، حتى حدث الانفجار، ويقول نسيم بائع ورد وسعف بجوار الكنيسة: «الإرهاب لن يمنع المسيحيين من الاحتفال بذكرى دخول المسيح القدس واستقبال أهلها له»، مضيفا: «ما حدث كان فظيعا... فجأة تحولت الابتسامة والفرحة لبكاء وحزن، تعودنا في مثل هذا اليوم أن نبيع السعف الذي يتم عمل أشكال متعددة به تجذب الأطفال الصغار»، موضحا أن «الجثث تطايرت علينا من داخل القاعة، وكثيرا من الأطفال الذين كانوا يلهون أمامنا سقطوا نتيجة سقوط الجدان عليهم خارج قاعة الصلاة».
في مستشفى طنطا لم يتوقع بولس وحنا أن يكون مصيرهما أمس بين العشرات الذين طالتهم يد الإرهاب داخل كنيسة «مار جرجس»، ولم يتوقعا أيضا أن يبدأ «أسبوع الآلام» بهذه السرعة، حيث اعتاد الأقباط الاحتفال قبل يوم العيد المقرر له الأحد المقبل، بصلوات «أسبوع الآلام»، الذي بدأ بـ«أحد السعف» أمس.
يقول صديقهما بنيامين، وهو يبكي من شدة ما رآه من المشاهد المفزعة للأشلاء والضحايا: «كيف يحدث ذلك ويقتل المسيحيون يوم بدء أعيادهم»، مضيفا: «كل من كان في الكنيسة؛ سيدات وأطفالا صغارا، جاءوا ليصلوا، والأعداد كانت كبيرة جدا»، موضحا أن «الانفجار وقع بين المقاعد الأمامية في الكنيسة»، مرجحا أن تكون قنبلة قد وضعت أسفل الكرسي البابوي، حيث يتوسط الكرسي البابوي عادة المساحة بين الشمامسة والمصلين في الكنيسة.
إبراهيم محمد، كان من بين شباب المسلمين الذين سارعوا لحمل المصابين إلى المستشفيات المجاورة، يقول: «اليوم يوم حزن لنا جميعا، من ماتوا ومن أصيبوا هم جيراننا وأصحابنا... اعتدنا أن نفرح جميعا في الأفراح، وأن نحزن في الأحزان...»، محمد سارع هو وآخرون إلى الكنيسة للمساهمة في نقل الجرحى.
مشهد آخر رصدته «الشرق الأوسط» خلال جولتها في محيط كنيسة «مار جرجس»، هو أصوات مكبرات صوت المساجد، التي دعت إلى ضرورة الذهاب للتبرع بالدماء للمصابين، ويقول محمد: «ذهبنا بعد ذلك للتبرع بالدماء».
وفي داخل الكنيسة، الأشلاء في كل مكان، والدماء تلطخ الجدران والمقاعد، وبقايا ملابس الضحايا تتناثر على الأرض، والجدران سقطت... أما خارج الكنيسة فالكل في حالة ذهول من الحادث، حيث احتشد العشرات من شباب الأقباط، والغضب يعلو الوجوه، معربين عن رفضهم الإرهاب، مؤكدين أن «ما يحدث كارثة بكل المقاييس... وسوف نحتفل بالأعياد وسنذهب للكنائس ولن نغادرها أبدا».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».