جدال «الإجازة مدفوعة الأجر» يقسم الأميركيين

الولايات المتحدة الدولة الصناعية الوحيدة التي لا تقرها

جدال «الإجازة مدفوعة الأجر» يقسم الأميركيين
TT

جدال «الإجازة مدفوعة الأجر» يقسم الأميركيين

جدال «الإجازة مدفوعة الأجر» يقسم الأميركيين

يتفق غالبية الأفراد في الولايات المتحدة على ضرورة حصول العاملين على إجازة مدفوعة الأجر لرعاية طفل أو الاعتناء بفرد مريض من الأسرة أو بأنفسهم، تبعاً للنتائج التي توصل إليها استطلاعان جديدان... إلا أن الخلاف يبقى حول التفاصيل: مَن ينبغي عليه تحمُّل تكاليف الإجازة، وما إذا كان ينبغي فرض هذه الإجازة بقوة القانون أم جعلها أمراً اختيارياً؟
في الواقع، تثير فكرة إقرار سياسة فيدرالية حول إجازة مدفوعة الأجر قضايا تتباين مشاعر الأميركيين حيالها - مثل فرض الحكومة سياسات بعينها على الشركات والدور الذي يضطلع به الرجل والمرأة داخل المنزل - تبعاً لما كشفه الاستطلاعان، اللذان أعلنت نتائجهما الأسبوع الماضي من جانب «مركز بيو للأبحاث».
ويساعد مثل هذا التباين في المشاعر في تفسير مفارقة: «لماذا أخفقت سياسة تحظى بمثل هذا الدعم الكبير من جانب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في التحقق على الأرض؟»، وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الدولة الصناعية الوحيدة التي لا تفرض الإجازة مدفوعة الأجر.
في هذا الصدد، قال جوان ويليامز، مدير «سنتر فور ووركلايف لو» التابع لجامعة كاليفورنيا: «ثمة مشاعر ريبة عميقة إزاء الالتزامات التي تفرضها الحكومة الفيدرالية داخل الولايات المتحدة. وعليه، فإن الدعم الذي تحظى به فكرة إقرار إجازة مدفوعة الأجر يتقوض بسبب العداء العام تجاه الحكومة».
الملاحظ أن المرشحين الرئاسيين من كلا الحزبين أبديا دعمهما للإجازة مدفوعة الأجر، لكن مقترح إدارة الرئيس دونالد ترمب، الذي تتزعمه إيفانكا ترمب، يواجه عقبات بسبب الانقسامات العميقة حول الصورة التي ينبغي أن تكون عليها السياسة.
ومع ذلك، فإن الاستطلاعين اللذين أُجرِيا حديثاً يكشفان أن الحاجة لإقرار هذه الإجازة تتجاوز الحدود الفاصلة بين النوعين والتيارات السياسية المختلفة، وتؤثر على القرارات المهنية التي يتخذها الأفراد والأجور التي يتقاضونها.
وقال 94 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إن الحصول على إجازة مدفوعة الأجر من شأنه مساعدة الأسر، بينما رأى 65 في المائة أنه سيساعد الاقتصاد. ولدى سؤالهم حول أي ترتيبات العمل ستعود عليهم بالفائدة الكبرى، جاءت الإجازة مدفوعة الأجر في المرتبة الأولى، بجانب مرونة ساعات العمل. وقال 62 في المائة إنهم حصلوا بالفعل - أو من المحتمل بدرجة كبيرة أن يحصلوا - على إجازة مدفوعة الأجر.
يُذكَر أن العمال الأميركيين بإمكانهم الحصول على 12 أسبوعاً إجازة غير مدفوعة الأجر عبر قانون الإجازة الأسرية والطبية، لكن قرابة 60 في المائة فقط من العاملين مؤهلون لذلك. وتبعاً لما كشفه مكتب إحصاءات العمل، فإن 13 في المائة من العمال يحصلون على إجازة مدفوعة الأجر من أصحاب العمل. واللافت أن أصحاب الأجور المرتفعة أكثر احتمالاً بكثير لأن يحصلوا على هذه الإجازة، بينما منخفضو الأجور أكثر احتمالاً لأن يسقطوا في هوة الفقر بسبب مولد طفل أو الإصابة بمرض.
والملاحظ أن أغلبية كبيرة تؤيد الإجازة مدفوعة الأجر - ما بين 67 و85 في المائة تبعاً لنمط الإجازة - حسبما أفاد التقرير الصادر عن «بيو»، الذي تضمن مسحَيْن أُجريا عبر الإنترنت على عينة تمثل النسيج الوطني شارك بها 8 آلاف أميركي. وفي الوقت الذي ركز استطلاع على الآراء العامة للأميركيين حول الإجازة الأسرية، اهتم الآخر بتجاربهم الشخصية على هذا الصعيد.
على سبيل المثال، قالت سيدة تعمل لدى حكومة ولاية أوهايو في كولومبوس خلال الاستطلاع: «كل يوم تزداد صعوبة القرار: هل أذهب إلى العمل؟ أم ينبغي لي رعاية هذا الشخص العزيز عليَّ؟».
إلا أن ثمة انقسامات تمزق صفوف الأميركيين حول دور الحكومة في الأمر، ذلك أن نصف المشاركين بوجه عام، وثلث الجمهوريين تحديداً، أعربوا عن اعتقادهم بضرورة جعل الإجازة إلزامية، مقابل الرأي الآخر بالاستمرار في جعلها أمراً اختيارياً. من جانبهم، أيد 69 في المائة من الديمقراطيين فرض الحكومة توفير الإجازة على أصحاب العمل.
وأعربت الغالبية عن اعتقادها بضرورة تولي أصحاب الأعمال تحمل تكاليف الإجازة. عن ذلك، قال أب من دنفر يعمل مدير مبيعات: «لا أعتقد أن الحكومة ينبغي أن تتحمل تكاليف الإجازة، لأن هذا يعني أننا سنتحملها باعتبارنا دافعي الضرائب».
وأشار مشاركون في الاستطلاع إلى أن عرض الإجازة مدفوعة الأجر سيساعد أصحاب الأعمال على اجتذاب العاملين رفيعي المستوى. ومع ذلك، أشار قرابة نصف المشاركين إلى أن عرض الإجازة مدفوعة الأجر سيضر بالشركات.
ويبدو أن الجدال حول الإجازة الأسرية انتقل، مما إذا كان ينبغي للأمهات العمل، إلى كيفية تقديم العون إلى الأسر العاملة، علاوة على أن الأفراد أصبحوا أكثر احتمالاً لأن يفكروا في مسألة الرعاية باعتبارها مسؤولية يتقاسمها الرجال والنساء.
وقالت غالبية المشاركين إن سياسة الإجازة مدفوعة الأجر ينبغي أن تتاح أمام كلا النوعين: 81 في المائة من الديمقراطيين و62 في المائة من الجمهوريين. أما الآراء حول إجازة الولادة فتكشف التحول، الذي طرأ على التوجهات: ذلك أن 82 في المائة من البالغين أقل من 30 عاماً، قالوا إنه ينبغي للآباء الجدد الحصول على هذه الإجازة، مقابل 55 في المائة ممن تجاوزت أعمارهم 65 عاماً.
ومع هذا، لا تزال المرأة تتحمل النصيب الأكبر من مسؤولية الرعاية، خصوصاً من وجهة نظر الناخبين المحافظين، ذلك أن آراءهم حول دور كل من المرأة والرجل تصبغ آراءهم بخصوص الإجازة مدفوعة الأجر، حسبما أوضحت أبارنا ماتهور، الباحثة لدى «أميركان إنتربرايز إنستيتيوت»، وهي منظمة فكرية ذات توجهات محافظة.
وأضافت أنه «يسود شعور في أوساط الجمهوريين بأن السياسات التي تشجع المرأة على الانضمام لقوة العمل لا تخدم الأسرة على النحو الأمثل. ومع هذا، فإن مثل هذه السياسات تحوي أهمية حيوية للأسر العاملة التي لا تملك حتى رفاهية الاختيار ما بين العمل أو التفرغ للأسرة».
ورغم حقيقة أن كلا الرجل والمرأة يعمل في غالبية الأسر المعتمدة على زوج من أب وأم، فإن 44 في المائة من المشاركين قالوا إنه من الأفضل بقاء أحدهما في المنزل. وبينما قال 39 في المائة منهم أن هذا الفرد ينبغي أن يكون المرأة، قال 56 في المائة إن مسألة من تحديداً يتفرغ للمنزل ليست بالأمر المهم.
ورغم الحماس للإجازة مدفوعة الأجر، فإن ثمة خلافاً حول كيفية دفع تكاليفها. وتتمثل الفكرة الأكثر شيوعاً في توفير اعتماد ضريبي لأصحاب الأعمال الذين يوفرون هذه العطلة، وهي فكرة يؤيدها 87 في المائة من المشاركين. ويليها فكرة فتح حسابات ادخارية للموظفين ليبنوا فيها مدخرات للإجازات، ويدعم هذه الفكرة 84 في المائة.
في المقابل، أيد 62 في المائة نمطاً من صندوق حكومي يشارك فيه أصحاب الأعمال والموظفون، وهي سياسة متبعة بالفعل داخل ثلاث ولايات. أما الفكرة الأقل شعبية، التي أيدها 60 في المائة فقط، فتمثلت في بناء برنامج حكومي لتمويل هذه الإجازات عبر فرض ضرائب أعلى على الأثرياء أو الشركات.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
TT

كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

تخطط الحكومة العمانية لإصدار سندات تنمية حكومية وصكوك محلية سيادية بقيمة 750 مليون ريال عماني (1.9 مليار دولار) في عام 2025؛ وذلك لتغطية العجز المتوقع في الموازنة وخدمة الدين العام.

كانت الحكومة العمانية قد نشرت، منذ أيام، أرقام موازنتها للعام المالي 2025، تتوقع فيه أن يبلغ عجز الموازنة 620 مليون ريال (1.6 مليار دولار)، بإجمالي إنفاق قدره 11.80 مليار ريال، وبزيادة قدرها 1.3 في المائة عن عام 2024. في حين أنه من المتوقع أن تسجل الإيرادات 11.18 مليار ريال، بارتفاع قدره 1.5 في المائة عن تلك المتوقعة في العام الماضي. أما خدمة الدين الحكومي فيتوقع أن تبلغ 915 مليون ريال عماني، بتراجع 13 في المائة عن موازنة 2024.

ستجمع الحكومة إجمالي 750 مليون ريال عماني من السوق المحلية، من خلال ثمانية إصدارات لسندات التنمية الحكومية بقيمة 550 مليون ريال عماني، وإصدارين من الصكوك المحلية السيادية بقيمة 200 مليون ريال عماني، وفقاً للتفاصيل الموضَّحة في توجيهات وزارة المالية بشأن موازنة 2025، وفق ما ذكرت «مسقط ديلي».

وقد صممت الوزارة خطة الاقتراض لعام 2025 بناءً على التقديرات الواردة في الموازنة العامة للدولة لعام 2025. ويشمل ذلك توقعات الدين العام واحتياجات التمويل وهيكل التمويل للعام المقبل.

ويقدَّر إجمالي متطلبات التمويل بنحو 2.5 مليار ريال عماني لعام 2025، بما في ذلك عجز في الموازنة قدره 620 مليون ريال عماني، وخدمة دين قدرها 1.8 مليار ريال عماني.

وتشير النتائج الأولية لموازنة 2024 إلى انخفاض الدين العام بنسبة 5.3 في المائة إلى 14.4 مليار ريال عماني بنهاية 2024، مقارنة بـ15.2 مليار ريال عماني في بداية العام. وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 34 في المائة خلال 2024، من 36.5 في المائة خلال 2023.

بالإضافة إلى ذلك، بلغت تكاليف خدمة الدين العام 940 مليون ريال عماني، بانخفاض 10.4 في المائة عن 1.05 مليار ريال عماني المقدَّرة في الموازنة الأولية.

تحليل الموازنة

وفي تحليلٍ لها، ذكرت شركة «كي بي إم جي (KPMG)» الاستشارية أن موازنة 2025 ترتكز على مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، مثل تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 3 في المائة، واستكمال تنفيذ خطط الاستدامة المالية، وتطوير الأداء المؤسسي من خلال برامج التحول الرقمي، والاستمرار في خطط الحكومة للتوظيف في القطاعين العام والخاص، والحفاظ على جودة الخدمات الاجتماعية الحكومية الأساسية، وتوفير التغطية التأمينية والحماية الاجتماعية العادلة لجميع فئات المجتمع، واستمرار تقديم الدعم الحكومي للكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية الأساسية، وغيرها من الخدمات، ودعم المحافظات لتنفيذ برامج التنمية. كما تعترف أيضاً بالمخاطر المالية والاقتصادية المختلفة، مثل تقلب أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية.

وأوردت «كي بي إم جي» النقاط التالية:

- يقدَّر العجز في موازنة 2025 بما نسبته 6 في المائة من الإيرادات المتوقَّعة، و1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو يمثل انخفاضاً بنسبة 3 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024 حين بلغ 640 مليون ريال عماني. ويقل هذا العجز بمقدار 1.2 مليار ريال عماني عن الفائض البالغ 540 مليون ريال عماني، وفقاً للنتائج الأولية لعام 2024.

- اقتراحات الحكومة تشير إلى أن تمويل العجز سيجري من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي (220 مليون ريال عماني أو 35 في المائة)، والسحب من الاحتياطات (400 مليون ريال عماني أو 65 في المائة).

- تقدِّر موازنة 2025 مخصصات تسوية الديون بمبلغ 440 مليون ريال عماني، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 10 في المائة، مقارنة بموازنة 2024 البالغة 400 مليون ريال عماني.

- من المتوقع تراجع الإنفاق بواقع 2.8 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 وزيادته بواقع 1.3 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. فميزانية عام 2025 تقدِّر النفقات التطويرية للوزارات المدنية بمبلغ 900 مليون ريال عماني؛ وهو ما جاء في موازنة 2024، لكنه أقل بنسبة 29 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 البالغة 1.2 مليار ريال عماني. كما خُفضت نفقات خدمة الدين العام بنسبة 12.9 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، وتقدَّر بمبلغ 0.9 مليار ريال عماني. في المقابل، جرت زيادة دعم الكهرباء بنسبة 13 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، إلى 520 مليون ريال عماني.

- ترتفع إيرادات النفط والغاز المقدَّرة بنسبة 7.9 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وتُعوّض الزيادة في إيرادات النفط بافتراض ارتفاع سعر النفط (60 دولاراً للبرميل في موازنة 2025 مقارنة بـ50 دولاراً للبرميل في خطة التنمية الخمسية العاشرة) جزئياً الانخفاض في إيرادات الغاز (1.7 مليار ريال عماني في موازنة 2025، مقارنة بـ2.3 مليار ريال عماني في خطة التنمية الخمسية العاشرة). وتنخفض الإيرادات غير النفطية والغاز المقدَّرة بنسبة 20 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وفيما يتعلق بالنفقات، فإن إلغاء نفقات شراء الغاز يقابله زيادة في الدعم وإدراج نفقات جديدة.

وقد أدى انخفاض الإيرادات، إلى جانب الزيادة في النفقات، إلى عجزٍ قدره 620 مليون ريال في ميزانية 2025، وهو ما يزيد عن عشرة أضعاف الفائض البالغ 65 مليون ريال عماني المُدرج في ميزانية خطة التنمية الخمسية العاشرة.

- تمثل الإيرادات غير النفطية والغاز 32 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية. ومن المتوقع أن تبلغ 3.57 مليار ريال عماني؛ أي بزيادة نسبتها 1.5 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. ويستند الإسقاط المتفائل للإيرادات غير النفطية والغاز على أساس توقع ارتفاع الضرائب والرسوم والإيرادات الناتجة عن انتعاش الأنشطة الاقتصادية. وتُقدِّر ميزانية 2025 أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية ستبلغ 680 مليون ريال عماني، بارتفاع نسبته 5 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. وبالمثل، ستزيد إيرادات ضريبة دخل الشركات بمبلغ 656 مليون ريال عماني، بنسبة 4 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. ولا تتوخى موازنة 2025 أيَّ إيرادات من ضريبة الدخل الشخصي التي جرى تحديدها بوصفها مصدراً من مصادر التنويع الاقتصادي متوسطة الأجل.