موسكو تؤكد مسؤولية النظام عن قصف خان شيخون

مشروع قرار أميركي - فرنسي - بريطاني لإدانة الهجوم

أطفال يتلقون العلاج بأحد مستشفيات إدلب (إ.ب.أ)
أطفال يتلقون العلاج بأحد مستشفيات إدلب (إ.ب.أ)
TT

موسكو تؤكد مسؤولية النظام عن قصف خان شيخون

أطفال يتلقون العلاج بأحد مستشفيات إدلب (إ.ب.أ)
أطفال يتلقون العلاج بأحد مستشفيات إدلب (إ.ب.أ)

بعد يوم مأساوي عاشته سوريا، على وقع مجزرة خان شيخون التي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين، من بينهم أطفال، وعلى وقع الإدانات الدولية وتبادل الاتهامات بين الأطراف السورية والدولية، خرجت موسكو، اليوم (الأربعاء)، لتؤكد أن طيران النظام السوري هو مصدر القصف، مُكذِّبة بذلك نظامَ الأسد الذي أعلن براءته من الهجوم.
موسكو لم تكتفِ بهذا التصريح، بل إنها برَّرت هجوم الأسد على خان شيخون بمحافظة إدلب، بأنه استهدف «ترسانة المعارضة الكيماوية».
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن تلوثاً بغاز سام في بلدة خان شيخون السورية كان نتيجة تسرب غاز من مستودع للأسلحة الكيماوية تملكه المعارضة، بعد أن أصابته ضربات جوية نفَّذتها قوات الحكومة السورية.
وجاء في بيان الوزارة، أنه «بحسب البيانات العملية لجهاز مراقبة الملاحة الجوية الروسي، فإن الطيران السوري قصف مستودعاً إرهابياً كبيراً بالقرب من خان شيخون»، البلدة التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا، مؤكداً أنه كان يحتوي على «مواد سامة».
من جهتهم، رفض مسؤولون أميركيون، الزعم الروسي.
وقال مسؤول، طالبا عدم الكشف عن اسمه ان "التأكيدات الروسية لا تنسجم مع الواقع".فيما رفض مسؤول آخر، طلب أيضا عدم الكشف عن اسمه، احتمال أن يكون الغاز السام جاء مما وصفه "مخزون ليس له وجود للمعارضة المسلحة".
من جهتها، حثّت الخارجية الألمانية الأربعاء روسيا على دعم قرار لمجلس الأمن الدولي يدين هجوماً يشتبه أنه بأسلحة كيماوية في سوريا.
وقال وزير الخارجية زيغمار غابرييل للصحافيين قبل المشاركة في مؤتمر دولي عن سوريا يعقد في بروكسل: «نرى أنه من الصواب أن يركز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قضية الغاز السام هذا اليوم. ونحن نناشد روسيا دعم قرار مجلس الأمن والتحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤولين». وتابع قائلاً: «علينا بالطبع أن نفعل كل ما هو ممكن كي يمثل هؤلاء المسؤولون أمام محكمة دولية لأن هذه واحدة من أبشع جرائم الحرب التي يمكن تخيلها».
أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، فقال الأربعاء إنه يجب عدم السماح باستمرار بقاء حكومة الرئيس بشار الأسد في السلطة بعد انتهاء الصراع الدائر بسوريا.
وأكد جونسون لدى وصوله لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «هذا نظام همجي جعل من المستحل بالنسبة لنا أن نتخيل استمراره كسلطة على الشعب السوري بعد انتهاء هذا الصراع». وأضاف أنه يجب محاسبة المسؤولين عن هجوم بسوريا يشتبه بأنه بغاز سام أسفر عن مقتل عشرات بينهم أطفال وأنه لم يرَ أي أدلة على أن أي طرف آخر غير الحكومة السورية هي المسؤولة عن الهجمات.
وأثار الهجوم تنديداً دولياً، فيما نفى النظام السوري «نفياً قاطعاً استخدام أي مواد كيماوية أو سامة في بلدة خان شيخون»، معتبراً أن «المجموعات الإرهابية ومن يقف خلفها تتحمل مسؤولية استخدام المواد الكيماوية والسامة».
وغداة الهجوم، أعلنت وزارة دفاع النظام السوري أن «الطيران السوري قصف مستودعاً إرهابياً كبيراً بالقرب من خان شيخون» كان يحتوي على «مشغل لصنع القنابل اليدوية بواسطة مواد سامة».
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن معلوماتها «موثوقة تماماً وموضوعية» من دون أن تحدد ما إذا كانت قوات النظام على علم بوجود أسلحة كيماوية في المستودع المذكور.
في نيويورك، قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم ويطالب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإجراء تحقيق في أسرع وقت ممكن.
ويطلب المشروع من دمشق أن يسلّم المحققين خطط الطيران وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حينها. كما يهدد مشروع القرار بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة.
وعن الهجوم المأساوي، ارتفعت حصيلة قتلى «القصف الجوي بالغازات السامة» في خان شيخون لتصل إلى 72 مدنياً، بينهم 20 طفلاً، فضلاً عن 160 مصاباً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكان المرصد أفاد أمس (الثلاثاء) بوفاة 58 شخصاً، مشدداً على أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب الإصابات الكثيرة.
وأفاد المرصد السوري أن «غداة يوم الثلاثاء الأسود (...) نفذت طائرات حربية صباح اليوم خمس ضربات على مناطق في مدينة خان شيخون».
وفي أحد مستشفيات خان شيخون، ارتمى المصابون وبينهم أطفال على الأسرة وهم يتنفسون بواسطة أجهزة أكسيجين.
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، مسعفين يحاولان إنقاذ طفلة من دون جدوى قبل أن يغلق أحدهما عينيها، ليحملها والدها ويقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى.
وقال أحد أفراد الطاقم الطبي إن عوارض المصابين تضمنت «حدقات دبوسية واختلاجات وخروج اللعاب من الفم وارتفاع في النبض».
وروى أبو مصطفى، أحد سكان المدينة أثناء وجوده في أحد المستشفيات، أنه شاهد «عائلات وقد مات كل أفرادها في فراشهم اختناقاً».
وأثناء وجود مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المكان تعرض المستشفى لقصف جوي أسفر عن دمار كبير. وشاهد المراسل مستودعات أدوية وقد انقلبت رأساً على عقب.
وندد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الأربعاء بـ«جريمة كبرى وعمل بربري» في خان شيخون.
ودانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «بشدة الهجوم الكيماوي»، مؤكدة أنه «يجب المحاسبة على جرائم حرب مماثلة»، وفق ما نقل المتحدث باسمها في تغريدة على «تويتر».
وندد البابا فرنسيس «بمجزرة غير مقبولة».
ولدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر دولي حول سوريا، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن «هذه الأحداث المروعة تظهر للأسف أن جرائم حرب لا تزال (ترتكب) في سوريا وأن القانون الإنساني الدولي ينتهك بشكل متكرر» في هذا البلد.
وأعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في سوريا الثلاثاء أنها «تحقق» في الهجوم.
ووافق النظام السوري في عام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي أميركي أعقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 أغسطس (آب) 2013 وتسبب بمقتل المئات.
وتم التوصل إلى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق.
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال الثلاثاء: «كما حصل في الغوطة (...) فإن بشار الأسد يهاجم مدنيين مستخدماً وسائل يحظرها المجتمع الدولي».
ووصف البيت الأبيض «العمل المروع من جانب نظام بشار الأسد» في خان شيخون بـ«المشين».
وبدا أن واشنطن اتخذت موقفاً أكثر حزماً من الأسد الثلاثاء بعد أيام على تصريحات أميركية اعتبرت أن رحيله لم يعد أولوية لواشنطن التي ستركز على مكافحة تنظيم داعش.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر إن «من مصلحة» السوريين عدم بقاء الأسد.
واعتبرت المعارضة السورية أن الهجوم في خان شيخون الذي اتهمت قوات النظام بتنفيذه يضع مفاوضات السلام في جنيف في «مهب الريح».
وقال كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف محمد صبرا إن «الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر في جدوى المفاوضات» بعد أيام على انتهاء الجولة الخامسة منها برعاية الأمم المتحدة.
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إلى إعطاء «زخم قوي» لمفاوضات السلام على هامش مشاركتها في مؤتمر ينظمه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة حول مستقبل سوريا.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.